مساع إيطالية – تركية لتشكيل حكومة ليبية تحت سلطة السراج

رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي كونتي نقل مقترحا من السراج لحفتر ينص على بقائه رئيسا للمجلس الرئاسي مقابل تعيين رئيس حكومة من الشرق الليبي.
الثلاثاء 2020/12/22
كونتي جاء لبنغازي ومعه مقترح من السراج

طرابلس – تحاول كل من تركيا وإيطاليا استثمار تعثر الحوار السياسي الليبي في تعيين سلطة تنفيذية جديدة للإبقاء على حليفها رئيس المجلس الرئاسي الحالي فايز السراج في السلطة، وهو ما يعيد الحديث عن سيناريو كان قد تردد خلال الفترة الماضية ينص على بقاء السراج رئيسا للمجلس الرئاسي مقابل تعيين الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر رئيسا للحكومة يمثله.

وقالت صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية إن رئيس الوزراء جوزيبي كونتي ووزير الخارجية لويجي دي مايو نقلا مقترحا من السراج إلى حفتر ينص على بقائه رئيسا للمجلس الرئاسي مقابل تعيين رئيس حكومة من المنطقة الشرقية.

وأضافت الصحيفة “قال السراج لإيطاليا وتركيا إنه مستعد لتمديد ولايته، مقترحًا تجميد المجلس الرئاسي. لكنه عرض إفساح المجال لرئيس وزراء جديد (غير موجود اليوم)، وعهد به إلى رجل من حفتر. إنه الاقتراح السياسي الذي قدمه كونتي ودي مايو إلى المشير”.

وفي صورة ما وافق حفتر على هذه الصيغة، سينهي آمال رئيس البرلمان عقيلة صالح بتولي منصب رئيس المجلس الرئاسي وهو الطموح الذي تسبب في تدهور علاقته بقائد الجيش خلال الفترة الماضية، حيث قاد عقيلة صالح ضغوطا قبلية كبيرة على حفتر للانسحاب من جنوب طرابلس وهو الشرط الذي كان يطالب به الإسلاميون وحلفاؤهم للدخول في أي محادثات.

وتحول عقيلة صالح إلى منافس لخليفة حفتر في المنطقة الشرقية وساعد دعم الدول الإقليمية الحليفة للجيش في سطوع نجم “عقيلة” بعد فرض ما يشبه الحصار على قائد الجيش حيث توقفت زياراته للخارج وخاصة إلى الدول الداعمة له كمصر والإمارات وفرنسا وروسيا، إضافة إلى توقف استقباله للضيوف الدوليين في الرجمة.

وتعول تركيا وإيطاليا على غضب حفتر للموافقة على مقترح إبقاء السراج نكاية في عقيلة صالح الذي انخرط في جهود محلية ودولية لقصقصة أجنحة قائد الجيش الذي يوصف بـ”الرجل القوي شرق ليبيا”.

ويبدو أن مصر التي بعثت برسائل مؤيدة لمقترح تقاسم المناصب العليا في السلطة التنفيذية الجديدة بين عقيلة صالح ووزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، قد استشعرت خطر زيارة المسؤولين الإيطاليين إلى الرجمة الأسبوع الماضي لذلك أرسلت رئيس المخابرات عباس كامل إلى الرجمة في محاولة ربما لاستقراء موقف حفتر من العرض وإقناعه بالرفض.

التحالف الإيطالي – التركي يبدد التوقعات التي كانت تراهن على توتر العلاقة بين البلدين بعد ما أبدته تركيا من أطماع في السيطرة على الثروة والمنافذ البحرية والجوية غرب ليبيا

وتعكس مساهمة مصر في جهود الحل، حيث استضافت جولة من المحادثات العسكرية في الغردقة نهاية سبتمبر الماضي، إضافة إلى استقبالها لفتحي باشاغا، رضاها على التحركات الأممية للوصول إلى حل سياسي، وهو ما تعارضه أنقرة ويبدو قد انضمت إليها روما.

ومن غير المستبعد أن تكون إيطاليا متخوفة كما تركيا، من وصول سلطة جديدة تحد من نفوذها القوي في ليبيا وتقدم مصلحة منافستها فرنسا على مصالحها خاصة بعد زيارة باشاغا إلى باريس وتوقيعه عقودا مهمة مع عدد من الشركات الأمنية الفرنسية.

ويبدد التحالف الإيطالي – التركي التوقعات التي كانت تراهن على توتر العلاقة بين البلدين بعد ما أبدته تركيا من أطماع في السيطرة على الثروة والمنافذ البحرية والجوية غرب ليبيا.

وكانت تركيا قد أبدت انزعاجها بشكل واضح من قرار فايز السراج تقديم استقالته فور الاتفاق على سلطة تنفيذية جديدة. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حينئذ “تطور مثل هذا.. سماع مثل هذه الأخبار كان مزعجا بالنسبة إلينا”.

وربط مراقبون ذلك الانزعاج بإمكانية وجود تفاهمات اقتصادية، على الأرجح، بين السراج وأنقرة لم يتم تنفيذها كمقابل لتدخلها في صد هجوم الجيش للسيطرة على طرابلس، غير مستبعدين أن تكون متعلقة بالموانئ وخاصة ميناء مصراتة في حين تحدثت تقارير أخرى عن أطماع تركية للسيطرة على كامل الموانئ البحرية غرب ليبيا.

كما تخشى أنقرة من وصول سلطة ليبية جديدة تلغي اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المثيرة للجدل والتي تعارضها عدة دول في مقدمتها فرنسا ومصر الداعمتان لمقترح (عقيلة-باشاغا).

وتعثرت جهود ملتقى الحوار الليبي في الاتفاق على آلية لاختيار أعلى المناصب في السلطة التنفيذية الجديدة وسط اتهامات لرجل الأعمال الثري علي الدبيبة المقرب من تركيا بعرقلة الحوار.

وتركزت الاتهامات الموجهة للدبيبة في البداية على شراء أصوات أعضاء الحوار لمنع تصويتهم على آلية تدعم فوز مقترح (عقيلة – باشاغا) وهو ما نجح فيه حيث جاءت النتائج الأولية لصالح مقترح يمهد لتولي صهره ورجل الأعمال المصراتي عبدالحميد الدبيبة رئاسة الحكومة وعضو البرلمان عبدالجواد العبيدي رئاسة المجلس الرئاسي.

لكن انسحاب عبدالحميد الدبيبة وعدد من أعضاء الملتقى احتجاجا على تعديلات أجرتها البعثة على المقترحات، رغم وجود مؤشرات تؤكد أنهم يمثلون الأغلبية داخل الملتقى، بعث برسائل مفادها عدم جدية الدبيبة في المنافسة على المنصب وأن تدخله كان هدفه عرقلة الحوار لصالح بقاء السراج.

4