مراجعة أردنية شاملة لاستراتيجية جذب الاستثمار الأجنبي

يعطي قيام الأردن بمراجعة شاملة لاستراتيجية استقطاب الاستثمار الخارجي إقرارا بضعف الجدوى الاقتصادية للخطط الحالية، والذي دفعه إلى إعادة التقييم والبحث عن حلول مستدامة لتحسين مناخ الأعمال لجذب الاستثمارات من أجل معالجة الاختلالات المالية المزمنة.
عمان - تسعى السلطات الأردنية إلى اعتماد قواعد أكثر تحفيزا لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في محاولة تهدف إلى إصلاح مناخ الأعمال وتعزيز نشاطه بشكل أكبر في السنوات القادمة.
وتصطدم الحكومة بعراقيل كثيرة في مسار تحقيق أهدافها خاصة بعد أن أكدت دراسات محلية حديثة أن الطريق لا يزال طويلا حتى تصل إلى النتائج المطلوبة.
وتسيطر المخاوف على أوساط الأعمال الأردنية من أن تتراجع الاستثمارات في البلاد متأثرة بالقرارات، التي قد تتخذها الشركات وأصحاب رؤوس الأموال الأجانب جراء فايروس كورونا.
وأعلنت عمّان أنها بدأت في إعادة هيكلة هيئة الاستثمار من خلال التركيز على التطور والتميز والتمكين بهدف الارتقاء إلى أفضل الممارسات العالمية حتى تصبح البلاد وجهة للمستثمرين.
وتؤكد الهيئة أنها تعكف على تحقيق أولويات استراتيجية كخفض تكاليف ممارسة الأعمال وتبسيط الإجراءات الإدارية الخاصة بذلك وتحسين نوعية الخدمات وتوفير فرص استثمار حقيقية.
وقال رئيس الهيئة خالد الوزني خلال ندوة نظمتها جمعية رجال الأعمال مساء الأحد الماضي، إن “الهيئة بدأت بالشراكة مع كافة الجهات بتحسين بيئة الأعمال من حيث تأييد السياسات الداعمة لذلك مع مراجعة القوانين والأنظمة النافذة وبتطبيق نظام التظلم الجديد”.
ونسبت وكالة الأنباء الرسمية للوزني تأكيده على أن “هناك إصرارا من أعلى المستويات الرسمية لإعادة النظر في الكثير من الإجراءات التي تعيق المستثمرين”.
وأوضح أن المستثمرين لا ينظرون إلى الإعفاءات وحدها، لكن يتجاوز ذلك إلى العديد من الاجراءات الأخرى، بما فيها المشاكل الإدارية وسرعة اتخاذ القرار.
وتشمل الإصلاحات رقمنة الخدمات وتطوير استراتيجية ترويج الاستثمار وإطلاق حزم من الفرص الاستثمارية الواعدة، وتحديد الهوية الاستثمارية من حيث المناطق والقطاعات، ودعم الصادرات المحلية من خلال إقامة المعارض وفتح أسواق جديدة.
وتعتبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة من أبرز مدخلات الحساب الجاري في ميزان المدفوعات، إلى جانب الدخل السياحي وصافي الميزان التجاري وحوالات المغتربين.
وكانت الحكومة قد أطلقت في شهر أكتوبر الماضي حزمة إجراءات لإنعاش الاقتصاد تتضمن أربعة محاور تشمل تحفيز الاستثمار وتنشيط القطاعات التجارية والخدمات إلى جانب القيام بإصلاحات إدارية ومالية وتحسين معيشة السكان.
ولفت الوزني خلال الندوة إلى أن الهيئة بدأت بخطوات عملية في ما يتعلق بإعادة هندسة الإجراءات بالتعاون مع المؤسسات المعنية بالاستثمار بهدف تسهيل وتبسيط الإجراءات على المستثمرين.
وقال إن “رسالة الهيئة تقوم على ضمان بيئة استثمارية آمنة مستقرة، وتوفير منصة خدمات موحدة متطورة وذكية، ورعاية شاملة ودائمة للاستثمار، إضافة إلى تقديم حزم متنوعة من الفرص الاستثمارية الواعدة والمجدية”.
واعتبر رئيس جمعية رجال الأعمال حمدي الطباع أن الاستثمار الأجنبي المباشر يشكل أهمية اقتصادية كبيرة ويسهم في توفير فرص عمل جديدة.
وبحسب المؤشرات، يمتلك الأردن 12 قطاعا متنوعا في عدة محافظات وكذلك ميزات تنافسية جاذبة للاستثمار، إضافة إلى امتلاكه موارد بشرية فاعلة ومؤهلة وقادرة على تحقيق متطلبات المستثمرين.
وقال الطباع “نأمل في أن تنعكس الفرص الجديدة والجهود المبذولة على أرقام الاستثمار، وأن تشهد تحسنا خلال السنوات المقبلة في ظل تقدم الأردن وتحسن ترتيبه بالمؤشرات الدولية وبخاصة تقرير سهولة ممارسة الأعمال وتقرير التنافسية العالمي”.
وكانت عمّان قد أطلقت الشهر الماضي 68 فرصة استثمارية بحجم يصل إلى 4.5 مليار دولار تشمل قطاعات السياحة والصناعة والصحة والزراعة والخدمات ومدعمة بدراسات جدوى أولية. وبالإضافة إلى ذلك، ستطلق الهيئة حملات ترويجية خارجية ضمن استراتيجية تستهدف مستثمرين خليجيين وخاصة من الإمارات.
ويرجح أن تساعد الفرص الاستثمارية، في حال تمت على النحو الأمثل، على إعطاء زخم أكبر لسوق العمل التي تعاني من مشاكل منذ سنوات.
وتثبت وتيرة ارتفاع معدلات البطالة بين الأردنيين أن إصلاحات سوق العمل لم تتمكن من إطفاء الآثار الجانبية لإجراءات التقشف وخفض الإنفاق والدعم الحكومي والأجور والرسوم والضرائب الجديدة التي فرضت في السنوات الأخيرة لمعالجة الاختلالات في التوازنات المالية.
وأشارت دراسة حديثة إلى 4 عوامل رئيسية تعتبر من أهم العراقيل التي تقف حجر عثرة أمام المستثمرين الأجانب وأن السلطات مطالبة بمعالجتها على جناح السرعة.
وذكر خبراء أعدوا الدراسة أن تلك المشاكل، التي وصفوها بأنها “عوامل طرد داخلي” تتمثل في ضعف السوق المحلية والضرائب العالية وعدم وجود تسهيلات، فضلا عن الإجراءات القانونية المعقدة.
وقدم صندوق النقد الدولي في يناير الماضي شهادة دعم للإصلاح الاقتصادي في الأردن بموافقته على تقديم قرض جديد، وسط تحذيرات من تحديات كبيرة قد تفرضها التقلبات الإقليمية وتذبذب مناخ الاقتصاد العالمي.
واتفق الطرفان على برنامج بقيمة 1.3 مليار دولار مدته أربع سنوات يهدف إلى دعم النمو الاقتصادي وتحفيز سوق العمل مع تعزيز استقرار المالية العامة.
ويؤكد محللون أن الوضع الذي بلغه الأردن في ظل جنوحه مرة أخرى إلى الاقتراض الخارجي دليل واضح على الخلل في إدارة الأموال وعدم وضوح الرؤية وغياب الإرادة الحقيقية لتحسين القطاعات الإنتاجية المهمة.