مخاوف ردة فعل أسواق المال تسيطر على المركزي التركي

كشف اجتماع مصرفيين أتراك الأحد بقيادة شهاب قافجي أوغلو محافظ البنك المركزي الجديد عن عمق المخاوف من ردة فعل أسواق المال بعد إقالة المحافظ السابق عقب رفعه سعر الفائدة حيث تتنبأ الأسواق بهزة كبيرة في السعر قد تشكل أزمة حقيقية.
أنقرة– دفعت سياسة أردوغان التقليدية في إدارة الاقتصاد مرة أخرى الليرة التركية إلى مخاطر كبيرة حيث كشف اجتماع مصرفيين الأحد عن مخاوف تركيا من ردة فعل أسواق المال بعد إقالة ناجي أغبال عقب رفع سعر الفائدة للسيطرة على هبوط الليرة وارتفاع التضخم، في ظل توقعات المحللين بزيادة الضغوط على ميزان المدفوعات ما يعمق عزوف المستثمرين.
ولم يفض اجتماع الأحد إلى تغييرات كبيرة حيث قال شهاب قافجي أوغلو محافظ البنك المركزي التركي الجديد خلال مكالمة استغرقت 90 دقيقة تقريبا مع المصرفيين إنه لا يخطط لتغيير فوري في السياسة وإن أي خطوة ستعتمد على التضخم، وفقا لمصدر مطلع على الاتصال.
ويجمع خبراء أن سياسة أردوغان النقدية سياسية صرفة وتتعارض تماما مع مقاربات الخبراء العلمية التي ترتكز على أن رفع سعر الفائدة يبطئ التضخم عبر رفع كلفة بدء الأعمال التجارية.
وجرى تعيين قافجي أوغلو، المصرفي السابق والمنتقد الصريح لتشديد السياسة النقدية، السبت في تغيير مفاجئ للقيادة ما دفع بالمستثمرين للتنبؤ بخفض سريع للفائدة وهبوط الليرة الأحد. ولم يعلق البنك المركزي حتى الآن على هذه المكالمة.
وبدت تركيا منذ السبت على حافة موجة جديدة من الاضطرابات الاقتصادية بعدما أقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رئيس البنك المركزي ناجي أغبال من منصبه وعيّن مكانه نائبا سابقا من الحزب الحاكم. وصدر المرسوم الرئاسي في وقت متأخر الجمعة ولم يفسّر السبب الذي دفع أردوغان لتعيين شهاب قافجي أوغلو في المنصب مكان أغبال.

جيسون توفي: قرار أردوغان سيزيد هبوط الليرة لدى افتتاح الأسواق
ولكن القرار جاء بعد يوم من رفع البنك المركزي بشكل كبير معدل الفائدة الأساسي إلى 19 في المئة لمواجهة التضخم. وكان إقبال رفع الفائدة إلى 19 في المئة من 10.25 في المئة منذ نوفمبر، وهو ما يشمل زيادة 200 نقطة أساس الخميس.
ويرى محللون أن خطوة أردوغان قوضت الثقة التي شرع إقبال في استعادتها بتوجه تقليدي أكثر منذ تعيينه في مطلع نوفمبر.
من ناحية أخرى، أبلغ مصرفيون أتراك ومستثمرون أجانب رويترز أنهم أمضوا عطلة نهاية الأسبوع في محاولة التكهن بمدى السرعة والحدة التي قد يقلص بها قافجي أوغلو أسعار الفائدة وإلى أي مدى قد تنخفض الليرة عن سعر إغلاقها الجمعة البالغ 7.2185 مقابل الدولار.
وقال مصرفيون إن بعض مديري أقسام الخزانة بالبنوك المحلية يتوقعون عروضا بين 7.75 و8.00 الإثنين. وفي سوق إسطنبول القديمة. والسبت، بلغ سعر الدولار ما بين 7.80 وحوالي 7.90 ليرة، بحسب متعامل. ومن المتوقع كذلك تراجع الأسهم والسندات التركية في معاملات متقلبة أوائل الأسبوع.
وكان قافجي أوغلو كتب مقالات في صحيفة مؤيدة للحكومة انتقد فيها بشدة ميل أغبال لرفع معدلات الفائدة. وأفاد محللون أن رئيس البنك المركزي الجديد داعم لرؤية أردوغان أن رفع معدلات الفائدة يؤدي إلى التضخم. ويعتقد معظم خبراء الاقتصاد أن ذلك يبطئ التضخم عبر رفع كلفة بدء الأعمال التجارية.
وكتب المحلل لدى “كايبيتال إيكونومكس” جيسون توفي في مذكرة بحثية “يرجّح أن يتسبب القرار الصادم الذي اتّخذه الرئيس التركي أردوغان بإقالة محافظ البنك المركزي ناجي أغبال في وقت متأخر الجمعة بهبوط كبير في الليرة لدى افتتاح الأسواق أعمالها الاثنين”.
وحذّر توفي قائلا “يبدو أن جهود البنك المركزي لمكافحة مشكلة التضخم في البلاد ستنتهي، وباتت أزمة ميزان مدفوعات يعاني من الفوضى مجددا احتمالا حقيقيا”.
وبعد تعيين أغبال تراجع سعر الليرة حينذاك إلى 8.5 مقابل الدولار مقارنة بنحو ـ5.9 مطلع 2020 في وقت كان محافظو البنك المركزي السابقين يبقون معدلات الفائدة الرئيسية منخفضة بينما ازداد التضخم.
وقدّر خبراء اقتصاد لدى “غولدمان ساكس” أن البنك المركزي أنفق أكثر من مئة مليون دولار عام 2020 وحده على شراء العملات الأجنبية في مسعى لدعم الليرة.
لكن الأتراك واصلوا تخزين الذهب واستبدال العملة المحلية بالدولار واليورو من أجل المحافظة على مدخراتهم. وهرب المستثمرون الأجانب من السوق التركي بينما بدا الاقتصاد في طريقه إلى أزمة كبرى.
وبقي إصرار أردوغان على تجنب معدلات الفائدة المرتفعة من الثوابت في سياسات تركيا. ووصف الأمر في إحدى المرات بأنه “أم وأب كل الشرور” وشدد مجددا في يناير على أنه “معارض تماما” لرفع معدلات الفائدة.
وأشار رئيس البنك المركزي الجديد قافجي أوغلو في مقال في فبراير إلى أن معدلات الفائدة المرتفعة تقود “بشكل غير مباشر” إلى ارتفاع مستوى التضخم.
بدوره، وصف خبير الاقتصاد المتخصص في الأسواق الناشئة تيموثي آش رئيس البنك المركزي المقال أغبال بأنه “شخصية وطنية اتّخذ الخيارات الصعبة لكن الصحيحة من أجل مصلحة تركيا في الأوقات المناسبة. دفع ثمن ذلك”. وبات قافجي أوغلو رابع رئيس للبنك المركزي يعيّنه أردوغان منذ يوليو 2019.