محاولات جزائرية لامتصاص السيولة من السوق السوداء

الجزائر - دفعت الأزمة المالية في الجزائر السلطات إلى التفتيش عن المصادر المنسية التي يمكن من خلالها تعبئة المزيد من الموارد في ظل الضغوط الهائلة التي تتعرض لها البلاد بسبب شح السيولة النقدية.
وأعادت تصريحات الرئيس عبدالمجيد تبون ملف السوق السوداء إلى الواجهة والتي قال فيها إن “الأموال المتداولة في السوق الموازية تعادل 90 مليار دولار” بعد سنوات من المطالبات بوضع خطة عاجلة لإدماجها ضمن الاقتصاد الرسمي وفق أسس مدروسة لتعزيز معدلات النمو.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن السوق الموازية تمثل نحو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للجزائر، إلا أن هناك تشكيكا في هذه النسبة. ويقول خبراء إن هذه الظاهرة أثرت على مستوى المنافسة والضرائب وعلى منظومة الضمان الاجتماعي بالبلاد.
وتأتي إثارة السلطات لهذا القضية المثيرة للجدل، الآن في ظل إصرارها على عدم اللجوء إلى الاقتراض من الخارج بتعلة أن السوق المحلية بها أموال كثيرة يمكن جذبها إلى السوق الرسمية.
ونسبت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إلى تبون قوله أثناء تعيين أعضاء المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن الجزائر “لن تذهب الى الاستدانة الخارجية” و”إذا لزم الأمر ستذهب إلى الاستدانة الداخلية لأن هناك أموالا طائلة مخبأة وحان الوقت لتخرج لتمويل الاقتصاد وتوفير السيولة”.
90 مليار دولار
حجم الأموال في السوق الموازية بالجزائر حسب أحدث التقديرات الرسمية
وتتفق الأوساط الاقتصادية على أن غياب ثقافة المنافسة عند أغلب المتعاملين الجزائريين وعدم إلمامهم بالنصوص القانونية للمنافسة عززا استفحال ظاهرة التجارة الفوضوية في البلاد.
ومنذ سنوات يطالب رجال الأعمال والشركات التي تعمل ضمن القطاع المنظم للدولة بالإسراع في اعتماد خارطة طريق واضحة المعالم لامتصاص السوق السوداء لإحلال مبدأ تكافؤ الفرص والتنافس العادل بين كافة القطاعات.
ويبدو أن حكومة تبون أصبحت مجبرة أكثر من أي وقت مضى على السير في هذا الخيار الذي يبدو أنه لا مفر منه لكونه يشكل وفق التقديرات ربع الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
وتأتي هذه الضغوط ضمن سلسلة خطوات يطالب بها الحراك الشعبي لوقف إهدار المال العام، بينما لا تزال البلاد تعاني من تركة ثقيلة خلفها حكم الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة طيلة عقدين تمثلت في تفشي الفساد والبيروقراطية.
وتخوض الدولة العضو في منظمة أوبك منذ ثلاث سنوات تقريبا معركة مفتوحة لكبح فاتورة الواردات غير الأساسية ومواجهة تبعات الأزمة النفطية التي تسببت في تراجع إيرادات البلاد بشكل غير مسبوق.
وقال تبون “لن نلجأ إلى الاحتياطات النقدية لدى البنك المركزي لتمويل الواردات”. وأشار إلى أن بلاده نجحت في تقليص فاتورة الواردات إلى 31 مليار دولار سنويا، بعدما كانت تصل إلى 60 مليار دولار قبل عشر سنوات.
كما انتقد بشدة سوق السيارات في الجزائر، وكشف أن مصانع تجميع السيارات التي كانت مملوكة لرجال أعمال يوجدون في السجن بتهم الفساد كلفت الدولة خسارة تصل إلى 3.2 مليار دولار “ذهبت هباء منثورا في نفخ العجلات”.