مجلس لتنظيم الإعلام الليبي بداية لوقف التحريض

مجلس يحتاج صلاحيات واسعة لفرض قراراته على وسائل الإعلام المخالفة.
الخميس 2019/09/26
المعارك في الإعلام أكثر ضراوة مما عليه على الميدان

يأتي قرار مجلس النواب الليبي بإنشاء مجلس أعلى للإعلام في ظل حالة من الفوضى تجتاح المشهد الإعلامي في ليبيا، إضافة إلى التحريض على العنف والكراهية عبر الشاشات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي، لذلك ينتظر الصحافيون الليبيون أن يكون المجلس نواة لتنظيم الإعلام والحد من موجة الكراهية.

طبرق (ليبيا) - أعلن عبدالله بليحق المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي قرار إنشاء ”مجلس أعلى للإعلام” مهمته وضع السياسات العامة للإعلام في ليبيا إضافة إلى مراجعة وإصدار التشريعات والقوانين الخاصة بتنظيم الإعلام.

واستأنف مجلس النواب الليبي الثلاثاء جلساته الرسمية، وأكد بليحق خلالها أن مجلس الإعلام المقرر إنشاؤه سيسند إليه عدد من الاختصاصات تهدف إلى تنظيم العمل الإعلامي في ليبيا.

وذكرت مصادر مطلعة لـ”العرب” أن قرار إنشاء مجلس مختص بشؤون الإعلام في ليبيا، ضرورة ملحة رغم تأخره، نظرا إلى حالة الفوضى التي تعم وسائل الإعلام وانتشار خطاب التحريض على العنف والكراهية على الشاشات الفضائية والتي كان انعكس صداها على المجتمع.

وصرح صحافي فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، بأن “العاملين في قطاع الإعلام الليبي يخضعون لضغوط مختلفة من قبل أصحاب القنوات الفضائية والمسؤولين عنها إضافة إلى التهديدات من قبل الميليشيات على الأرض، وفي ظل هذه الظروف هم غير قادرين على العمل بحرية أو اتخاذ قرارات في وسائل الإعلام التابعين لها، لذلك يجب إخضاع وسائل الإعلام نفسها لقانون ينظم عملها، ويفرض عليها الالتزام بمعايير الشرف المهني”.

وأضاف أن هذه المهمة يفترض أن تكون ضمن مسؤولية مجلس الإعلام وأن يحظى بالسلطة وصلاحيات واسعة لفرض قراراته على وسائل الإعلام وتنفيذ العقوبات ضدها في حال مخالفتها للأنظمة والقوانين.

الندوات وورشات تدريب الصحافيين غير كافية لإحراز تقدم على أرض الواقع للحد من الخطاب المتطرف والتحريض

وعقدت في الأشهر الأخيرة العديد من الندوات وورشات العمل بالتعاون مع بعثات للأمم المتحدة، بهدف توعية الصحافيين الليبيبن وتدريبهم على مكافحة انتشار خطاب الكراهية والتحريض والتضليل في وسائل الإعلام الليبية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي.

وحذر الخبراء في هذه الندوات من خطر هذا الخطاب وأثره في تمزيق النسيج الاجتماعي الليبي، وتقويضه لعملية المصالحة. كما تم تبادل الرؤى والأفكار حول سبل الحد من استخدام وسائل الإعلام، وشبكات التواصل الاجتماعي في الترويج لمثل هذا الخطاب.

لكن الصحافيين الليبيين يعتبرون أن الندوات والمؤتمرات وورشات العمل غير كافية لإحراز تقدم عملي على أرض الواقع في الحد من الخطاب المتطرف والتحريض على العنف، خصوصا أن المعنيين بهذه المشكلة ليسوا فقط الصحافيين وحدهم، إنما وسائل الإعلام الممولة من الخارج وخصوصا من قطر وتركيا.

ولعبت وسائل الإعلام المحسوبة على الإسلاميين في ليبيا دورا غاية في السلبية لشق الصف الليبي والتحريض ضد الجيش، مع احتدام المعارك في العاصمة الليبية، وفي كلمة لها خلال إحدى الندوات في سبتمبر الجاري، أكدت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية، ستيفاني وليامز، “أن خطاب الكراهية والتحريض والشائعات والمعلومات المضللة والأخبار المفبركة، ليست سوى أمثلة قليلة على المحتوى السائد في وسائل التواصل الاجتماعي في ليبيا، وهذه للأسف تتسبب بشكل ملحوظ في تمزيق النسيج الاجتماعي في ليبيا. فكلما استمر الوضع على هذا الحال، كلما ازداد الأمر تعقيدا أمام جهود الوساطة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار”.

وشددت على دعم البعثة للجهود والمساعي التي تبذل في هذا الجانب، لتمكين الإعلام من استعادة دوره في ترسيخ السلم الاجتماعي.

وتحدثت شبكة المدونين الليبيين عن تنامي خطاب العنف والتحريض والكراهية بشكل كبير ومفزع بمنصات التواصل الاجتماعي المختلفة من قبل مدوني ورواد هذه المواقع، بل بما في ذلك إعلاميون ومثقفون منذ بدء الحرب الدائرة بضواحي العاصمة طرابلس.

Thumbnail

وحذرت من دوره في تفتت النسيج الاجتماعي بين أبناء الشعب الواحد ومآلاته الخطيرة، داعية كافة المدونين الليبيين إلى نبذ هذا الخطاب وعدم استخدام أو تبني المصطلحات أو الأفكار المحرضة أو التي تدعو إلى العنف والكراهية، وأن يتحلوا بروح المسؤولية، علاوة على تبني خطاب يسهم في السلام وبناء الوطن.

وأضافت الشبكة أن فريق الرصد والتوثيق بها بدأ فعليا في توثيق ورصد هذه الممارسات، كما أعلنت عن فتح باب التسجيل للنشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي للمشاركة بمشروع “تمكين” للتدوين، الذي يقام بالشراكة مع مؤسسة فريدرش إيبرت الألمانية.

وأوضحت الشبكة عبر حسابها الرسمي على فيسبوك أن مشروع “تمكين” للتدوين، هو مشروع تدريبي سيقام في 5 مدن ليبية على مدار يومين في كل مدينة، يهدف إلى التعريف بالتدوين وأنواع منصاته والطرق المثلى للتدوين، علاوة على التحديات والالتزامات التي تقع على عاتق المدون، وأيضا سيتبادل المدونون تجاربهم وخبراتهم وآراءهم خلال هذه التدريبات التفاعلية.

وازداد الوضع الأمني والأزمة السياسية حدّة، منذ 2011. وقد جعل هذا الوضع من ليبيا نقطة سوداء للمعلومة، وسجّلت منظمة “مراسلون بلا حدود” والمركز الليبي لحرية الصحافة، هذا العام، العديد من حالات الاختفاء والاختطاف والتعذيب. وفي أغلب الحالات، فضل الضحايا أو عائلاتهم عدم الكشف عن أسمائهم.

وتؤكد “مراسلون بلا حدود”، والمركز الليبي لحرية الصحافة، أن “العداء تجاه وسائل الإعلام والصحافيين بلغ حدا خطيرا” ويعتبران “أنّ وضع حرية الإعلام أصبح مأساويا. وقد مرت الجرائم ضدّ الفاعلين في مجال الإعلام في صمت وتمتّع المجرمون بإفلات كامل من العقاب”.

18