مجلس النواب الأردني ساحة طاردة لأصوات المعارضة

عمان - تستمر قضية النائب الأردني أسامة العجارمة في التفاعل داخل المشهد الأردني المرتبك أصلا بعد إعلانه الأربعاء عن استقالته من البرلمان، وهو قرار من شأنه أن يضاعف حجم الضغوط الشعبية على المجلس الذي بات ينظر إليه على أنه عنصر تأزيم بدل الحل.
ويأتي قرار الاستقالة بعد أيام من تجميد مجلس النواب لعضوية العجارمة في خطوة لاقت ردود فعل غاضبة عززت من عزلة المجلس وكرست الشرخ القائم بينه وبين الشارع منذ سنوات.
ونشر النائب نص استقالته على صفحته على فيسبوك، قائلا فيها “إلى جموع الشعب الأردني الواحد الحر العظيم، أعلن لكم تقديم استقالتي من عضوية مجلس النواب التاسع عشر لأسباب عديدة تتعلق بحجم التشوهات الدستورية الناظمة للحياة السياسية وبالأخص العمل البرلماني”. وأضاف “أتقدم لرئاسة مجلس النواب وبكل ما في النفس من عزة باستقالتي هذه، والتي لا عودة فيها”.
وكان مجلس النواب صوّت في جلسة عقدت قبل أيام على قرارات لجنته القانونية التي تنص على تجميد عضوية أسامة العجارمة عاما واحدا، بسبب تصريحات اعتبرت مسيئة للمجلس وهيبته وسمعة أعضائه ونظامه الداخلي.
وأثار قرار تجميد عضوية النائب العجارمة وحرمانه من دخول الجلسات غضب الشارع الأردني. وشهدت مناطق في العاصمة عمّان تحركات احتجاجية قادتها عشيرة النائب رفعت خلالها شعارات غير معهودة تمس القصر.
وتقول أوساط سياسية أردنية إن قرار تجميد عضوية النائب المثير للجدل لا يعكس فقط فشل المجلس في محاسبة الحكومة ومنح الحكم وجها ديمقراطيا، بل إنه يدعم كل وجهات النظر التي تقول إنه برلمان “شكلي” دوره منحصر في أن يكون صدى صوت ورغبة السلطة التنفيذية.
وتشير هذه الأوساط إلى أنه بدل أن يكون المجلس صوت المعارضة والشارع، تحول إلى ساحة لتصفية حسابات الحكومة، لافتة إلى أن الارتدادات مع الحدث لا تتوقف عند حدود نظرة الشارع السلبية للبرلمان، بل أن ما حصل فتح المجال أمام النائب للتحرك في الأوساط المحتقنة، وأنه سيكون حاليا من الصعب احتواؤه، وأي توجه للتعاطي معه أمنيا سيزيد الوضع سوءا.
وكان النواب حاولوا احتواء موجة الغضب المتصاعدة والتحرك لإيجاد سبل لمعالجة المأزق الذي وجدوا أنفسهم يتخبطون فيه، لكن قرار العجارمة بالاستقالة قطع الطريق عليهم، معلنا بذلك عن فصل جديد من المواجهة التي تبدو مفتوحة.
وتنصّ المادة 72 من الدستور على أنه “يجوز لأي عضو من أعضاء مجلس النواب أن يستقيل بكتاب يقدمه إلى رئيس المجلس وعلى الرئيس أن يعرض الاستقالة على المجلس ليقرر قبولها أو رفضها”. ويتطلب قبول الاستقالة أو رفضها عقد جلسة لمجلس النواب للتصويت عليها بالأغلبية بعد تحويلها من رئاسة المجلس.
ويتهم نشطاء منذ سنوات مجلس النواب في الأردن بالإخلال بدوره الرقابي للسلطة التنفيذية، وبمهمته كسلطة تشريعية، ليتحول مؤخرا إلى عصا تستهدف الأصوات المعارضة داخله.
ويضيف النشطاء أن طريقة تعاطي المجلس مع النائب العجارمة كشفت أنه جزء من الأزمة التي تعصف بالبلاد، داعين إلى وجوب حله، والذهاب إلى انتخابات مبكرة وفق قانون انتخابي جديد، حيث يحملون القانون الحالي مسؤولية إفراز مشهد برلماني مختل وعليل.

وشهد الأردن في الأشهر الأخيرة سلسلة أحداث مهمة لم يكن لمجلس النواب فيها قرار أو تأثير، من أزمة الأمير حمزة ابن الحسين إلى حرب غزة، حتى الانقطاع غير المسبوق للكهرباء عن مختلف أنحاء البلاد.
وتزعّم العجارمة حملة لمطالبة الحكومة بتوضيح حيثيات موضوع “الفتنة” الذي شغل بال الأردنيين لأسابيع. وكان العجارمة قال في تصريح لـ”العرب” في عددها الصادر في 15 أبريل 2021، إنه تم إقصاء مجلس النواب بشكل ممنهج عن هذه القضية منذ بداية الأزمة، متسائلا “هل هو خوف من وقوف مجلس النواب على الحقائق، أم الخوف من الكشف عما إذا كانت هناك ادعاءات بمؤامرة أو مؤامرة مزعومة أو كرتونية غير موجودة على أرض الواقع؟”.
وبدا العجارمة كذلك الأعلى صوتا في انتقاد الانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائي في عموم المملكة، واعتبر أن الأمر لا يخلو من اعتبارات سياسية في علاقة بوقف زحف العشائر إلى العاصمة عمّان.