مبابي وهالاند ينتزعان عرش اللعبة من رونالدو وميسي

لا يختلف اثنان على أن الفرنسي كليان مبابي هداف باريس سان جرمان والنرويجي إيرلينغ هالاند نجم دورتموند هما أفضل لاعبين في العالم حاليا. وقليلة هي الفرص التي لا يهزان فيها شباك الخصوم. فالفرنسي أنيق وسلس ويراوغ المدافعين بسرعة وسهولة، في مقابل النرويجي الذي لا يرحم أمام المرمى. والاثنان برهنا في ذهاب دوري أبطال أوروبا على أنهما جاهزان لانتزاع عرش اللعبة ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو.
باريس – لفت المهاجمان الواعدان الفرنسي كيليان مبابي والنرويجي إرلينغ هالاند الأنظار بشكل لافت في افتتاح ذهاب الدور ثمن النهائي لمسابقة دوري أبطال أوروبا في كرة القدم وأظهرا تنافسا واعدا طغى على معاناة النجمين المخضرمين الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو. بينما يحتدم الجدل بين المسؤولين في القارة العجوز حول شكل مسابقة دوري أبطال أوروبا اعتبارا من عام 2024، حيث تم رسم مستقبل مغاير للبطولة القارية العريقة بالكامل.
من أداء متميّز إلى أداء أكثر تميّزا، أعاد مبابي (22 عاما) وهالاند (20 عاما) تصميم المشهد الذي تشكل على مدى أكثر من عقد من الزمن من خلال إنجازات ميسي (33 عاما) ورونالدو (36 عاما).
أصبح المهاجم الباريسي أول لاعب يسجل ثلاثية (هاتريك) بملعب كامب نو في مسابقة دوري أبطال أوروبا منذ فعلها الأوكراني أندريه شفتشينكو عام 1997، وذلك عندما ساهم نجم باريس سان جرمان الفرنسي في الفوز العريض على مضيفه برشلونة الإسباني 4-1. وبعد ذلك ضرب هالاند بقوة بتسجيله ثنائية لبوروسيا دورتموند في مرمى مضيفه إشبيلية الإسباني (3-2) مع صناعته الهدف الأول الذي سجله السوري الأصل محمود داوود. وعلّق هالاند على إنجازه أمام الفريق الأندلسي مبتسما “عندما رأيت مبابي يسجل ثلاثة أهداف، حفّزني ذلك. لذا شكرا له!”.
ويتميّز مبابي بالسرعة والمراوغة، وهالاند بالقوة والتسديدات البعيدة، لكن ما لفت الأنظار هو أسلوب اللعب لديهما.
أسدان مثيران للجدل
إحدى عشرة كرة ذهبية بينهما، تسعة ألقاب في مسابقة دوري أبطال أوروبا. حلق النجمان ميسي ورونالدو عاليا على مدار عقد من الزمن، مثل الحيوانات البرية التي لا تترك سوى الفتات للآخرين. لكن يبدو أنهما سيكتفيان بقطعة صغيرة من الكعكة هذا الموسم. خسر برشلونة ميسي على أرضه 1-4 وبات بحاجة إلى “ريمونتادا” من قبيل المعجزة في مباراة الإياب بملعب بارك دي برانس في العاشر من مارس المقبل لتفادي خروج مبكر من المسابقة.
وتتناقض حالة لا بولغا (أو البرغوث، لقب يطلق على ميسي) لدى مغادرته ملعب كامب نو مطأطئ الرأس صامتا، مع غضب “سي. آر 7” بعد خسارة فريقه أمام مضيفه بورتو 1-2. وفجّر الدون (لقب يطلق على رونالدو) جام غضبه على حكم المباراة في الوقت بدل الضائع مطالبا دون جدوى بركلة جزاء إثر احتكاك مع احد مدافعي أصحاب الأرض.
مبابي يتميّز بالسرعة والمراوغة، وهالاند بالقوة والتسديدات البعيدة، لكن ما لفت الأنظار هو أسلوب اللعب لديهما
تبدو السماء غائمة فوق النجمين: ميسي، في نهاية عقده، يغذي شائعات رحيله الصيف المقبل، بينما “يوفنتوس” رونالدو، في حالة سيئة ويواجه خطر عدم التتويج بلقب الدوري الإيطالي لأول مرة منذ 2011. لكن، على المستوى الفردي، يتشارك ميسي (20 هدفا) ورونالدو (23) إحصائيات مماثلة لهالاند (25) ومبابي (21) هذا الموسم. فهل سيتمكن الأسدان المخضرمان من العضّ مرة أخرى خلال مباراتي الإياب لإنقاذ سمعتيهما وفريقيهما من توديع المسابقة؟
لا يزال البرازيلي نيمار دا سيلفا هو اللاعب الأغلى في تاريخ كرة القدم حتى الآن، ولكن بريق نجم السامبا بدأ في التواري خلف سطوع زميله المهاجم الشاب كيليان مبابي.
وفي غياب نيمار بسبب الإصابة، سجل مبابي ثلاثة أهداف (هاتريك). واعترف الفرنسي الآخر أنطوان غريزمان مهاجم برشلونة بأن مواطنه مبابي قد يصبح الأسطورة القادمة في عالم كرة القدم بعد ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو.
والحقيقة أن سان جرمان لم يعد مضطرا إلى الاعتماد على نيمار بشكل تام حيث يمكن للفريق الباريسي أن يعوّل كثيرا على مبابي.
منذ سنوات، والمنافسة على أحسن لاعب في عالم كرة القدم، تنحصر فقط بين الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو، فقد حقق هذا الثنائي كل الجوائز الفردية الممكنة، وفازا بمختلف الألقاب في عالم الساحرة المستديرة. بيد أن مستوى هذا الثنائي “الذهبي” انخفض كثيرا في السنوات الأخيرة، واتضح، حسب مراقبين، أن عصر رونالدو وميسي شارف على النهاية. نهاية يبدو أنها حفزت عدة نجوم من الشباب الصاعد على إبراز علوّ كعبهم لحمل المشعل قريبا، والتنافس على لقب أحسن لاعب في العالم.
ويأتي الفرنسي كيليان مبابي والنرويجي إيرلينغ هالاند على رأس المرشحين لخلافة رونالدو وميسي على لقب الأفضل في العالم، حيث يعيش نجما باريس سان جيرمان وبوروسيا دورتموند حالة تألق غير عادية في الموسم الحالي.
موجة انتقادات

كان مبابي قد تعرض مؤخرا لموجة من الانتقادات في فرنسا حيث انتقدت وسائل الإعلام أداء اللاعب وافتقاده للتهديف في الآونة الأخيرة وخاصة في المباريات المهمة مثل المباراة التي فاز فيها فريقه على مرسيليا 2-1 بصعوبة في كأس السوبر الفرنسي.
ولكن مباراة برشلونة قد تصبح نقطة تحول بالنسبة إليه. قال مبابي بعد المباراة “كل لاعب يتعرض للانتقادات. ليست لدي مشكلة في هذا. لا ألعب من أجل إسكات الناس، ولكن ألعب لأنني أحب اللعب”.
وأوضح “كنت أريد دائما أن أبذل قصارى جهدي من أجل باريس سان جرمان. هذا النادي يعني الكثير بالنسبة إلي. أعلم بأنني قدمت بعض المباريات السيئة، ولكنني لم أحاول الاختباء حتى عندما ارتكبت بعض الأخطاء”. وفي غياب نيمار، الذي غاب عن 46 مباراة للفريق بسبب الإصابات التي تعرض لها منذ انضمامه إلى سان جرمان في 2017، حسبما أفادت به شبكة “إسبن” في البرازيل، برز مبابي كقائد للفريق الباريسي داخل الملعب.
ومن خلال هذا الهاتريك، أصبح مبابي ثالث أفضل هداف في تاريخ سان جرمان حيث أحرز 111 هدفا مقابل 200 هدفا للأوروغوياني إدينسون كافاني و156 هدفا للسويدي زلاتان إبراهيموفيتش. وأثار مستوى أداء اللاعب جدلا بشأن قدرته على أن يصبح ضمن عظماء اللعبة وأن يكون على قدم المساواة مع ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو.
وذكرت العديد من التقارير أن ريال مدريد الإسباني يتطلع إلى ضم مبابي، علما بأن الريال هو المكان الذي صنع فيه رونالدو أنجح فترات مسيرته الكروية وعزز من خلاله وضعه ضمن أبرز نجوم الكرة في التاريخ.
ولكن مبابي، الذي يرتبط مع سان جرمان بعقد حتى يونيو 2022، أكد أن تركيزه الآن ينصب على باريس سان جرمان. وقال مبابي “قميص باريس سان جرمان يلمس قلبي. قلت دائما إنني سعيد هنا. وبعد هذه المقابلة، أصبحت أكثر سعادة”.
مبابي أصبح ثالث أفضل هداف في تاريخ سان جرمان حيث أحرز 111 هدفا مقابل 200 هدف لكافاني و156 هدفا لزلاتان إبراهيموفيتش
ويرى خورخي فالدانو النجم السابق لريال مدريد أنه بعد هذه المباراة “ابتعد مبابي عن ريال مدريد أكثر من أي وقت سابق”. وصرح فالدانو قائلا “يمكنه أن يطالب براتب سنوي يبلغ 30 مليون يورو
(36. 2 مليون دولار) مثل نيمار. وباريس سان جرمان هو فقط من يمكنه دفع هذا الراتب”.
أكد جان ميشيل أولاس رئيس نادي ليون الفرنسي، أنه بالفعل حاول نقل مهاجمه الهولندي ممفيس ديباي إلى صفوف برشلونة، خلال الفترة الماضية.
وكان ديباي أحد حسابات مواطنه رونالد كومان المدير الفني لبرشلونة، في سوق الانتقالات الصيفية والشتوية، لكن أزمة البارسا المادية كانت السبب وراء فشل الصفقة. وقال أولاس في تصريحات صحافية “بالنسبة إلى ديباي، فإن هذا العام سيكون الأخير له معنا، وهو لاعب موهوب للغاية وذو مستوى عالمي ولا يوجد الكثير مثله في الفريق، إنه يقدم الكثير من الحلول”.
وأضاف “لطالما أردته أن يبقى معنا، لكن عروضنا لم تقنعه، وحاولنا مساعدته في الذهاب إلى برشلونة، لكن ذلك لم يكن ممكنا من الناحية المالية”. وختم “حتى اليوم الأخير في عقده سوف نؤمن بمحاولاتنا لإقناعه بالتجديد، رغم أنه في الوقت الحالي ليس ممكنا. ولكن ما المانع؟”.
مبابي الذي يُعد من أبرز أهداف ريال مدريد في السنوات الأخيرة، ينتهي عقده مع الـ”بي.أس.جي” في 30 يونيو 2022، ولم يحسم قراره بالتجديد أو الرحيل. وأفادت تقارير صحافية فرنسية مؤخرا، بأن إدارة سان جرمان لن تسمح برحيل مبابي في الصيف إلا مقابل 200 مليون يورو، وهو رقم كبير جدا في ظل الأزمة الحالية للأندية بسبب جائحة كورونا. ويسعى باريس سان جرمان إلى الإبقاء على نجومه، فالبرازيلي نيمار الذي ينتهي عقده أيضا في صيف 2022، على أعتاب البقاء والتجديد حتى صيف 2026.
سعر مبدئي
حدد مسؤولو باريس سان جرمان الفرنسي، سعرا مبدئيا مقابل الموافقة على بيع كيليان مبابي، مهاجم الفريق. وأشارت صحيفة “لو باريزيان” في تقرير مطول لها إلى أن مبابي أثبت أنه
يستحق أن يكون ضمن الفئة الأولى بعد تألقه في مباراة برشلونة، وتسجيله هاتريك في ملعب كامب نو، لكنه لن ينعم بذلك في ظل تواجد نيمار جونيور، الذي اقترب من تمديد تعاقده لأربعة مواسم إضافية.
وأضافت الصحيفة أن مستقبل مبابي الذي ينتهي تعاقده في صيف 2022 يبقى محل شكوك عديدة في ظل اهتمام بعض الأندية بضمه مثل ريال مدريد، يوفنتوس، ليفربول ومانشستر سيتي، بينما ابتعد برشلونة عن السباق في ظل أزمته المالية الطاحنة بعد جائحة كورونا. ولفتت الصحيفة إلى أن “مبابي أمام خيارين لا ثالث لهما في الصيف المقبل، إما تمديد عقده وإما الرحيل”.
وذكرت أن إدارة سان جرمان وملاك النادي القطريين، لا يخططون للتفريط في مبابي بأقل من 200 مليون يورو.
وأشارت إلى أن مسؤولي سان جرمان يراهنون على أن أي ناد ينوي ضمّ كيليان مبابي، سيفكر مرتين لتدبير المبالغ المالية المطلوبة لإتمام الصفقة، خاصة أن راتب اللاعب الشاب سنويا لن يقل عن 30 مليون يورو، ومؤهل لأن يكون النجم الأول للكرة العالمية بعد ميسي وكريستيانو رونالدو اللذين تربعا على العرش لنحو 15 سنة.
تسليم السلطة
في المقابل، وصف مدرّب إشبيلية جولين لوبيتيغي العملاق النرويجي (1.94 متر) بأنه ينتمي إلى “مجموعة أفضل اللاعبين في العالم في خط الهجوم”. علاوة على ذلك، فإن هالاند بات على بعد هدف واحد لمعادلة الرقم القياسي لمبابي (19 هدفا) في عدد الأهداف المسجلة في المسابقة القارية العريقة قبل بلوغه سن الحادية والعشرين. في ذلك العمر، كان رصيد ميسي ثمانية أهداف، فيما لم يسجل رونالدو أي هدف.
وقال محلل قناة “بي.تي سبورت” البريطانية قطب دفاع مانشستر يونايتد ومنتخب إنجلترا السابق ريو فرديناند “الأمر يتعلق بتسليم السلطة. قد تكون المنافسة المقبلة التي ستدوم عشرة أعوام”.
ولخّص البرنامج الرياضي الشهير “سبورتشو” الذي تبثه قناة “أي.آر.دي” الألمانية المسألة بـ”الجيل القادم: مبابي وهالاند يسرقان النجومية من ميسي ورونالدو في دوري أبطال أوروبا”. في إسبانيا، دخل مستخدمو الإنترنت في جدال كبير بشأن أي من اللاعبين الاثنين يجب على ريال مدريد التعاقد معه لملء الفراغ الناجم عن رحيل “سي.آر 7” إلى يوفنتوس الايطالي صيف 2018؟ وقال صحافي جريدة “آس” الرياضية الإسبانية ألفريدو ريلانيو “يبدو أن هالاند لاعب يجيد إنهاء الهجمات، باللمسة الأخيرة، بينما يمتلك مبابي مؤهلات أكثر”.