ما يعجز الآباء ليكونوا أصدقاء لأبنائهم؟

الخبراء يؤكدون أن مسألة الصداقة بين الآباء والأبناء تبقى مسألة جدلية.
الاثنين 2021/01/25
خط واضح بين الصداقة والأبوة

لندن - يسعى الكثير من الآباء والأمهات إلى تكوين علاقات صداقة مع أبنائهم، إلا أنهم يعجزون عن ذلك، حيث أكد الخبراء أن مسألة الصداقة بين الآباء والأبناء تبقى مسألة جدلية.

ونبه هؤلاء الخبراء إلى أنه على الرغم من ثقافة الارتباط بعلاقة صداقة مع الأبناء، من الأسهل غالبا أن يكون هناك خط واضح بين الصداقة والأبوة، نظرا إلى أن الأطفال يشعرون بأنَّ والديهم يجتاحان حياتهم الخاصة، حين تكون هذه العلاقة علاقة صداقة قوية.

وقال ديفيد شوارتز، المختص الأميركي في العلاقات الزوجية والأسرية، “أليس من الرائع أن نكون أصدقاء حقيقيين مع أطفالنا؟ بفهم أطفالنا، ونريدهم أن يشعروا بأنهم قريبون منا وأن يستمتعوا بقضاء الوقت معنا، ما الخطأ فى ذلك؟”.

وأضاف أنه لا يوجد أي حرج في رغبة الآباء والأمهات في أن تربطهم بأبنائهم علاقة وثيقة، مؤكدا أن ذلك يعتبر شيئا جيدا. ولفت إلى أنه في واقع الأمر “يمكننا أن نكون قريبين وودودين مع أطفالنا كما نرغب، إلا أنه لا يمكننا أن نكون أصدقاء معهم، لماذا؟”.

وأوضح أن السبب في ذلك يرجع إلى تحمل الآباء مسؤولية المساعدة في الحفاظ على سلامة الأبناء، وهذا يعني أنه في بعض الأحيان يتعين على الآباء فرض سلطاتهم على أبنائهم والتحكم في قراراتهم، مما يجعل فكرة تكوين صداقة فعلية معهم مستحيلة، حيث لا يتحكم الأصدقاء في اختيارات بعضهم البعض.

كما أشار إلى أنه “صحيح أن الآباء يقدمون النصائح، ولكن الأصدقاء أحرار في اتخاذ قراراتهم الخاصة، وهو ما لا يسري على الأبناء في بعض الأحيان”، لافتا إلى أن “هذا هو السبب الوحيد الذي نحتاج إلى معرفته في ضوء فهم لِمَ لا يمكننا أن نكون أصدقاء حقا لأطفالنا”.وتابع موضحا “بالطبع، أنا أشير إلى أبنائنا باعتبارهم أطفالا. وما إن يصبحوا بالغين، حتى تتغير القواعد، وعند هذه النقطة يمكن للصداقة الحقيقية أن تحدث”.

كما بين أنه من المؤكد أن “هناك أسباباً أخرى تمنعنا من أن نصبح أصدقاء حقاً لأطفالنا. ومع ذلك، فإن حقيقة أننا نتمتع بسلطة عليهم ويمكننا نقض قراراتهم تهمِّش سائر الأسباب الأخرى”. وأشار إلى أنه “في الوقت الذي يتعين على جميع الآباء الاستمتاع بصحبة أطفالهم أثناء نموهم، وأن يصبحوا أفضل آباء يمكن أن يحظى بهم الأطفال، نحتاج أيضاً إلى إدراك أنهم مازالوا أطفالاً؛ إذ أننا في مراحل من حياتنا تختلف عن مراحلهم. وبذلك فهم يحتاجون إلى توجيهنا وحمايتنا لمساعدتهم على النضج بأمان”.

وأفاد شوارتز بأنه عندما يقيم الآباء حدودا لسلوكيات الأبناء وخطوطاً تفصل بين ما هو مقبول في الأسرة وما هو غير مقبول، فإنهم بذلك يساهمون فى بلوغهم رؤية أوضح لما يعنيه أن يكونوا جزءاً من أسرة سوية.

وأكد أن من شأن هذا الوعي بوجود حدود لتصرفاتهم، أن يؤدي في النهاية إلى شعور الأطفال بالأمان والاطمئنان، حتى وإن أثار استياءهم في بادئ الأمر، وقد يكون ذلك تعويضاً مرضياً لعدم  القدرة على تكوين علاقة صداقة معهم.

وأوضحت دراسة سابقة مدى أهمية الصداقة ودورها في نشأة الأطفال نشأة طبيعية، في حين يمكن أن يكون غياب الصداقة مدمراً إلى درجة خلق ميول نفسية مضطربة لدى الأطفال. ونبهت هذه الدراسة إلى أن الصداقة في حد ذاتها علاقة فريدة، لا تختلط في العادة -بحكم طبيعتها- مع الروابط العائلية.

21