ليبيا تسعى لجذب الشركات الأميركية للاستثمار في صناعة النفط

كثف المسؤولون في قطاع النفط في ليبيا من تحركاتهم لحث شركات الطاقة العالمية وخاصة منها الأميركية على العودة إلى البلاد من أجل المساعدة في تنمية هذه الصناعة التي أضرت بها الحرب من خلال ضخ استثمارات جديدة للاستفادة من الفرص الواعدة ببلد يحوي أكبر احتياطيات في أفريقيا.
طرابلس - تحاول ليبيا تشجيع شركات النفط الأميركية على العودة إلى الدولة التي مزقتها الحرب ومساعدتها على زيادة الإنتاج بسرعة لتحصيل المزيد من الإيرادات التي فقدتها طيلة العشرية الماضية بعد أن تضرر القطاع، المصدر الأول للعملة الصعبة.
وقال وزير النفط محمد عون في مقابلة مع وكالة بلومبرغ من إيطاليا حيث كان يحضر مؤتمرا “نشجع الشركات الأجنبية وخاصة تلك الأميركية على العودة إلى الاستثمار في قطاع النقط لأن ليبيا تحتاج إلى الكثير من العمل لتحديث وصيانة المرافق”.
وأوضح عون أن الحكومة تريد تطوير الاحتياطيات المحتملة المتبقية بالبلاد حيث لا يزال هناك الكثير من الأراضي لاستكشافها على اليابسة وفي مياه المتوسط. وأضاف أن “البلد يتجه نحو الاستقرار ولا أعتقد أنه سيكون هناك إغلاق كبير”.
ويرى محللون أن تحقيق ليبيا لأهدافها في استعادة القطاع لزخمه مرة أخرى وبالتالي تحصيل أكبر ما يمكن من إيرادات النفط مستقبلا سيتطلب المزيد من الاستقرار السياسي المستدام وتهيئة كافة الظروف وخاصة في ما يتعلق بتطوير مناخ الأعمال.
وقبل الحرب ارتكز قطاع النفط في ليبيا على التعاون مع شركات نفطية عملاقة من 3 دول هي الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، وفي 2005 أصدرت السلطات عطاءات لإدخال شركات جديدة للاستثمار في هذا المجال.
ويمثل النفط القوة الدافعة للاقتصاد الليبي حيث يشكل قرابة 96 في المئة من الصادرات، وما يصل إلى نحو 98 في المئة من إيرادات خزينة الدولة.
وتمتلك ليبيا أكبر احتياطيات هيدروكربونية في قارة أفريقيا، وهي تضخ حوالي 1.3 مليون برميل يوميا بموجب اتفاق تحالف أوبك+، وتهدف إلى زيادة الإنتاج بين 2 و2.5 مليون برميل يوميا في غضون ست سنوات.
وكان إنتاج ليبيا 1.6 مليون برميل يوميا قبل اندلاع الحرب الأهلية في 2011، والتي نالت من قطاع النفط وأدت إلى هبوط الإنتاج إلى 100 ألف برميل يوميا في فترة من الفترات.

محمد عون: البلد يسير نحو الاستقرار ولا أعتقد أنه سيكون هناك إغلاق كبير
وعملت عدة شركات طاقة أميركية في البلد العضو في منظمة أوبك، وقد استحوذت على حصص في حقول النفط الليبية في الماضي، من بينها هاليبرتون وأوكسيدنتال بتروليوم كورب وكونوكو فيليبس وماراثون أويل كورب، ولكن بعضها باع أصولا بعد الحرب.
ولدى تلك الشركات استثمارات متنوعة في مناطق تحتوي علي خامات ذات جودة عالية وذلك في الشرق والمنطقة الوسطى والجنوب الغربي والشرقي، وهي تتمتع بحضور قوي رغم منافسة شديدة من شركات أوروبية وآسيوية.
وتعتبر هاليبرتون، التي تعمل في 120 بلدا حول العالم، من أهم شركات الخدمات النفطية في ليبيا وتعمل مع معظم الشركات المحلية الناشطة في القطاع بسبب تخصصاتها ذات المرونة والتطور التكنولوجي.
وشاركت الشركة، التي تتخذ من هيوستن مقرا لها، في تطوير العديد من الآبار النفطية الليبية وكذلك صيانتها لتعزيز الكفاءة الإنتاجية، وهو ما انعكس على بقية القطاعات المرتبطة بالمجال النفطي حيث تعتمد على منتجات السوق المحلية في إدارة مشاريعها.
وبعد أن علقت أعمالها مع تفجر الأزمة، أعلنت الشركة في عام 2019 أنها ستعود إلى السوق الليبية بعد تصريح كولبي فيوزر نائب الرئيس التنفيذي لهاليبرتون الذي أبدى تفاؤله بذلك مع تدشين فرع للشركة بمدينة بنغازي.
أما أوكسيدنتال بتروليوم، التي تنشط في مجال التنقيب، فتعمل بحقول منتجة للخام المعروف بـ”مزيج زويتينة” عالي الجودة، وهي تستحوذ على حصة تقدر بنحو 36 في المئة في شركة الزويتينة لتنمية حقول الحكيم والفداء والصباح وحقل 103.
وتقول أوكسيدنتال إنها تستهدف بعد استقرار البلد رفع إنتاجها إلى ما يزيد عن 100 ألف برميل يوميا وكذلك رفع جحم استثماراتها في سبيل استغلال خطتها الزمنية الطويلة للبقاء في السوق الليبية.
ولا تكتفي ليبيا بالشركات الأميركية، إذ تحاول السلطات جذب استثمارات للقطاع من أوروبا أيضا. وقال رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة في مقابلة مع بلومبرغ في أغسطس الماضي إن “شركتي توتال الفرنسية وربسول الإسبانية عرضتا استثمار مليارات من الدولارات في قطاع النفط”.
وحتى تتمكن البلاد من تنفيذ خطط توسيع صناعة النفط، أنشأت المؤسسة الوطنية للنفط مكتبا لها في لندن في وقت سابق الشهر الجاري للعمل مع الشركات النفطية العالمية التي تفكر في ممارسة أعمال تجارية في ليبيا.
وكان رئيس المؤسسة مصطفى صنع الله قد أكد خلال منتدى الاستثمار بليبيا في شهر يونيو الماضي على الحاجة إلى تمويلات لإجراء إصلاحات ملحة بالقطاع النفطي بعدما تضرر الإنتاج جراء تآكل بخطوط الأنابيب.
وتعاني شبكة أنابيب النفط من مشاكل فنية مرتبطة بتقادم الخطوط، إلى جانب تعرض جزء منها طيلة السنوات العشر الماضية لعمليات تخريب من جانب جماعات مسلحة.
وحذر صنع الله في كثير من المرات منذ بداية العام الجاري من أن إنتاج الخام مرشح إلى تراجع أكبر في ما تبقى من 2021 بسبب الديون وعدم قدرة الشركات على الاستمرار في الإنتاج.