"لوح" و"حديد" قصة حب تونسية تتحدّى الصعاب لتصنع المشاريع

تونس – ريم ومهدي شابان تونسيان جامعيان متخرجان قبل عقد من الزمن عملا في عدة وظائف قبل أن يؤسسا مشروعهما الخاص.
درس الشاب مهدي العقيلي (37 سنة) التجارة وزوجته ريم حشاد (34 سنة) إدارة الأعمال، ورزقا بطفلين هما جهاد وخديجة منذ زواجهما قبل أكثر من 10 سنوات. وتعلم الزوجان صناعة إكسسوارات وقطع أثاث منزلية من قبيل الطاولات والكراسي وغيرها باستخدام الخشب والحديد.
مهدي الذي يلقب نفسه بـ”حديد” كان يعمل بمقهى قبل أن ينتقل للعمل مع زوجته ريم الملقبة بـ”لوح” في ورشتها بالعاصمة تونس. اختارت ريم حرفة النجارة رغم أنها ليست من المهن التي تشغلها النساء في تونس ويحتكرها الرجال.
قصة حب الشابين رافقتها قصة نجاح والكثير من الكفاح والنضال والعطاء، فرغم ظروفهما المادية الصعبة إلا أنهما تحدياها. ولم تثنهما هذه الظروف عن تحقيق طموحاتهما، حيث زرعت ريم بذور هذا المشروع عبر تأسيس ورشة لصناعة وترميم وتزيين الأثاث القديم بالعاصمة تونس.
قالت ريم في حديث للأناضول إنها تحمل في ذاكرتها منذ الصغر حب مهنة النجارة حيث تعلمت عن والدها الكثير من التفاصيل مما جعلها تعشقها منذ نعومة أظافرها.
وأضافت أن والدها كان مغرما بالتصميم رغم أنه كان عسكريا. وأفادت بأن ما حفزها لدخول غمار هذا المجال هو غلاء أسعار الأثاث حيث أرادت تغيير ديكور منزلها إلا أنها صُدِمت بالأسعار الخيالية.
وأوضحت أن ذلك جعلها تتصفح مواقع عبر الإنترنت لتعلم صنع الأثاث حيث بدأت مسيرتها في هذه المهنة من هذه النقطة.
قامت ريم بصنع أثاث غرفة نوم أطفالها وإكسسوارات خشبية لقاعة الجلوس بمنزلها، مما جعل الأقارب والأصحاب يذهلون لإنجازاتها الإبداعية ويطلبون منها أن تنجز لهم بعض الديكورات.
مهدي لم يستطع ترك زوجته في هذه المهنة لوحدها فانضم إلى ورشتها الصغيرة، حيث أصبح مطورا للمنتوجات عبر إضافات مصنوعة من الحديد وابتكارات جديدة.
وتزايدت الطلبات على الأثاث والإكسسوارات التي يتم إنتاجها في الورشة.
وأكدت ريم أن المشروع زاد في تأجيج الحب بينهما، حيث أصبحا لا يتفارقان لا ليلا ولا نهارا باعتبارها يشتغلان معا في ورشة واحدة. وأردفت “لم تحدث بيننا شجارات أو خصومات إلا بعض الخلافات العادية التي تغذي نسق الحياة الزوجية”.
وذكرت أنها تعلمت من زوجها الكثير، حيث أصبحت اجتماعية أكثر من السابق باعتبار أنها كانت خجولة وجدية أكثر من اللازم، مؤكدة أن مهدي “يفيض بمشاعر الصدق والعطاء والرجولة”.

وأضافت أن دراستهما بالجامعة ساعدتهما على النجاح في مشروعهما الفريد كما جعلتهما يتقاربان فكريا وشعوريا.
وأصبحت مداخيل هذا المشروع كثيرة لأنه ليس مشروعا تقليديا بل هو مشروع يرتكز على الإبداع والتصميم الفني المبتكر، ويعتمدان على تطوير وتحويل الخشب المستخدم إلى أثاث عصري ومبتكر.
قصة رومانسية فريدة من نوعها استثنائية وخارجة عن الأطر العادية، فترى مهدي يأخذ بيدها ويساعدها في التفاصيل الصعبة أثناء عملها، وريم تريحه وتسانده في الأوقات الحرجة وتخفف عليه من وطأة التعب.
تقوم ريم برحي الخشب وقصه ودق المسامير ورفع الخشب الغليظ، ومهدي يقوم بتذويب الحديد وصقله وتركيبه ليجعلا من مصنوعتهما تحفا فنية متميزة تباع بأسعار جيدة.
هذا المشروع اتخذ منحى متطورا حيث بات الزوجان يؤثثان الفنادق والإقامات السياحية الجبلية والفيلات الفخمة والمقاهي الفاخرة بمختلف ولايات تونس.
هذا الوضع المادي الجديد لم يستطع إفساد قصة العشق الجميلة بين الشابين، بل قواها أكثر بكثير ودعمها. وقال مهدي للأناضول إنه لم يستطع ترك زوجته المتوهجة نشاطا وعزيمة لوحدها في نصف الطريق المليء بالأشواك والمطبات الصعبة.
وأوضح أن علاقة الحب التي يعيشانها تتقوى يوما بعد يوم بفضل عطاء زوجته الفياض بمشاعر المحبة والوفاء والإخلاص. وأشار إلى أن حياته مع رفيقة دربه لا تحتاج إلى عيد فقط للحب بل أعياد حب متتالية زادتها عشقا ولادة طفليه.