كيف تتعامل الأسرة مع الطفل المصاب بفرط الحركة

تشكو الكثير من الأسر في بعض المجتمعات العربية، خاصة في وقت الدراسة، من زيادة ملحوظة في حركة ونشاط الأبناء، مصحوبة بنقص وتشتت في الانتباه، ما يؤرق الآباء والأمهات، لأنها تؤثر في مستوى التحصيل الدراسي، وتؤدي إلى تدهور الأداء العام، بسبب عدم القدرة على التركيز.
في دراسة حديثة، أعدها عبدالحليم محمد، الباحث المصري بمركز القاهرة للتدخل المبكر، شملت 10 أطفال في مراحل دراسية مختلفة، أصيبوا باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، قدم خلالها بعض النصائح التي تساعد الآباء في كيفية التعامل مع الأبناء، لكي لا يتأثر مستواهم الدراسي.
وقال الدكتور عبدالحليم لـ“العرب”، يعدّ فرط الحركة ونقص الانتباه أحد اضطرابات النمو التي تصيب الطفل في سن مبكرة، ويظهر ذلك بوضوح في الفترة العمرية من 3 إلى 5 سنوات، وتبلغ نسبة المصابين باضطراب الحركة وفرط النشاط ونقص الانتباه حوالي 6 بالمئة من مجموع شعوب العالم، ويُصاب الذكور بنسب أرفع من نسب الإناث.
وطالب الآباء بضرورة إخلاء المكان الذي يتواجد فيه الطفل من المثيرات المشجعة على الحركة، وإظهار الأشياء التي تزيد التركيز، وتجنب استخدام أسلوب المناقشات الطويلة، ومكافأة الطفل كلما التزم الهدوء، وعدم الثورة أو الغضب نتيجة تصرفاته السيئة، بل محاولة تصحيح خطئه، ثم تحديد ما يجب عليه فعله في هدوء.
ويعتبر شهر أكتوبر شهر التوعية العالمي باضطراب فرط الحركة، وكشفت بعض الدراسات والأبحاث أن أعراض اضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه تستمر، مع 60 بالمئة من الأطفال المصابين، حتى مرحلة البلوغ، ما يعرضهم للإصابات الكثيرة، نتيجة اندفاعهم غير المدروس، ويُسبب ذلك توتراً لجميع أفراد الأسرة.
|
وأوضحت الدراسة أن فرط الحركة ونقص الانتباه، اضطراب سلوكي، يتسم بسلوك فوضوي، يمنع الطفل من التحكم في حركته والسيطرة على انتباهه، ويجعله غير قادر على اتباع الأوامر، أو الانتباه للقوانين، أو السيطرة على تصرفاته، ما يؤثر بشكل كبير على مستواه الدراسي، ويؤدي ذلك إلى تدهور الأداء المدرسي لديه، بسبب عدم قدرته على التركيز، وليس لأنه يعاني من قصور نسبة الذكاء.
وحتى لا يتم الخلط بين الطفل كثير الحركة، والذي يُطلق عليه في البيئة المصرية وبعض المجتمعات العربية “شقي”، والطفل المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، هناك شروط للحكم على انطباق الحالة من عدمه، منها: أنه يجب أن تظهر السلوكيات الدالة على هذا الاضطراب قبل سن السابعة، وأن تستمر هذه السلوكيات لمدة ستة أشهر على الأقل، وأن تعوق الأعراض أيضا الطفل إعاقة حقيقية عن مواصلة حياته بصورة طبيعية في مجالين على الأقل من مجالات حياته (البيت، الشارع، المدرسة، النادي، المحال التجارية).
وقال عبدالحليم لـ”العرب”، لا يمثل العلاج الدوائي في هذا الاضطراب حلاً إلا بالتوازي مع العلاج السلوكي في نظر البعض، لأن الكثير من الآباء يلمسون محدودية الدواء، بل إن الكثير من الأطباء اليوم يقرون بأن غالبية الأدوية التي تُقدم لعلاج فرط الحركة ونقص الانتباه قصيرة المدى، ولا تقدم حلولاً جذرية طويلة المدى، وغالبية الأدوية بعد استخدامها لمدة ثلاث سنوات تصبح عديمة الفائدة”.
وبينت الدراسة أن التعامل مع الأطفال المصابين بكثرة الحركة ونقص الانتباه، يشكل تحدياً كبيراً لأسرهم ومدرسيهم، واستنزافا جسدياً ونفسياً لقدرات من يتعامل معهم، حيث يشكل الطفل المصاب بهذا الاضطراب مشكلة حقيقية لأهله ولنفسه، إذ يكون في الكثير من الحالات مدركاً لمُشكلته، لكنه يعجز لا إرادياً، عن التحكم في حركته وتصرفاته.
ونصح صاحب الدراسة، كل الآباء المتعاملين مع أطفال اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بعدم التركيز على سلوكيات الطفل غير مرغوب فيها، بل التركيز دائماً على سلوكياته المرغوب فيها أو الإيجابية، ولا يتم الحديث معه إلا عندما يكون منتبها، وعدم إرغامه على فعل شيء من دون إظهار محفزات ودوافع القيام بهذا الشيء، والبعد عن مقارنة الطفل بغيره، وإشغاله باستمرار وإشراكه دائماً في أنشطة رياضية وفنية، والتعاون مع الأطباء والمدرسين الذين يتعامل معهم ومشاركتهم في المعلومات والقرارات التي تتخذ بشأن الطفل.