كويتيات يراوغن التشدّد ويصعدن إلى سدّة القضاء

المرأة الكويتية تتولى مناصب حكومية مهمة من بينها منصب وزيرة، لكن هناك بعض الأوساط المحافظة لا تزال تفرض قيودا على تحركات النساء.
الجمعة 2020/09/04
نظر إلى الأعلى

الكويت - أدّت ثماني نساء كويتيات الخميس، اليمين القانونية أمام رئيس المجلس الأعلى للقضاء ليصبحن بذلك أول قاضيات في تاريخ الكويت التي تعتبر متأخرة في تمكين المرأة من ممارسة هذه الوظيفة قياسا بالعديد من البلدان العربية والإسلامية.

ولم يخل وصول هؤلاء النسوة إلى مناصبهن الجديدة من طابع استثنائي حيث تطلّب الأمر سنوات من الجدل حول إمكانية تولي النساء لخطّة قاضية، كما تطلّب مغالبة عوائق اجتماعية وعقائدية طرحتها على وجه الخصوص جهات دينية

معروفة بانغلاقها، ولا تزال لها سطوتها على المجتمع بل مشاركتها في السلطة، من خلال المواقع الحكومية والبرلمان.

وتم تعيين القاضيات ضمن دفعة تتكون من 54 قاضيا وقاضية، وفق وكالة الأنباء الكويتية. وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس المحكمة الدستورية ومحكمة التمييز المستشار يوسف المطاوعة إن تعيين القاضيات والقضاة “يأتي في نطاق السعي لتكويت القضاء” (جعله كويتيا خالصا).

وتواجه الكويت نقصا في كوادر القضاء وما زالت تستعين بقضاة من مصر لسد النقص في عدد القضاة لديها ضمن اتفاقية بين البلدين. واتجهت في العامين الأخيرين إلى الاستعانة بقضاة من تونس أيضا.

وأشار المطاوعة إلى تبعات المسؤولية التي يتحمّلها القضاة، والواجبات التي يتعيّن عليهم الالتزام بها، كما حثهم على السعي لتحقيق العدل ومصالح المتقاضين. وأضاف “تجربة عمل القاضيات تقتضي تقييما بعد مضي مدة حتى يمكن التوسع فيها”، مشددا على “دور القاضيات الجديدات في إنجاح التجربة”.

وآخر يونيو الماضي أصدر النائب العام الكويتي ضرار العسعوسي قرارا بترقية ثماني وكيلات نيابة إلى منصب قاضيات. واعتمد المجلس الأعلى للقضاء الكويتي القرار في شهر يوليو الماضي.

وجاء قبول تعيين المرأة الكويتية في سلك القضاء بعد ستة أعوام من قبول عشرين امرأة في النيابة العامة. وتحاول الكويتيات منذ سنوات طويلة دخول السلك القضائي، فمنذ سنة 2006 تقدمت طالبة حقوق بطلب لتصبح وكيلة نيابة بحجة عدم وجود مانع في القانون يحول دون ذلك. لكنّ الخطوة جوبهت بحملة شعواء من قبل جهات منغلقة دينيا واجتماعيا شُنّت على الطالبة وكذلك على الجهات التي ساندت مطلبها، ما جعل الحكومة تغض الطرف عن الطلب.

لولوة الملا: نساء الكويت ما زلن يطالبن بالمساواة في أمور كثيرة
لولوة الملا: نساء الكويت ما زلن يطالبن بالمساواة في أمور كثيرة

وتتولّى المرأة في الكويت مناصب حكومية مهمّة من بينها منصب وزيرة، لكنّ بعض العائلات والأوساط المحافظة لا تزال تفرض قيودا مشدّدة على تحرّكات وتصرفات النساء.

وفي مظهر على وجود عوائق اجتماعية ودينية في الكويت أمام عملية التمكين للمرأة، يظل عدد النساء اللاتي يتمكنّ من الوصول إلى

مجلس الأمّة (البرلمان) محدودا رغم تمتّعهن بحق الترشّح والانتخاب، حيث لا يضمّ المجلس الحالي سوى امرأة واحدة.

وسبق للنائب بالبرلمان الكويتي ماجد المطيري أن علّق على تعيين القاضيات بالقول إنّه يتوجّب النظر في كافة الاعتبارات الشرعية والقانونية قبل الموافقة على ذلك.

بينما قال زميله محمّد هايف “لا تظلموا المرأة فقد خفّفت عنها الشريعة الكثير من المسؤوليات، فلا ولاية عامة لها، ولا حتى لها على نفسها في النكاح، ولا تسافر إلا بمحرم، وأعفيت من القوامة والنفقة وكلّف الرجل بها، وأسقط عنها الكثير من التكاليف مراعاة لخصوصيتها، ثم يأتي دعاة المساواة ليجعلوها قاضية والقضاة ثلاثة رجال”.

وكثيرا ما يشكو الكويتيون مما يسمونه تسلّط “قوى دينية متشدّدة” على المجتمع ومحاولتها ممارسة الوصاية عليه، ويقولون إنّ دور هؤلاء ليس عديم التأثير في بعض سياسات الدولة وصياغة قوانينها، محذّرين من أنّ أخطر تأثير لهؤلاء هو ما يمس قطاعات حساسة مثل التعليم.

أما في الشقّ المؤيد لتعيين نساء كويتيات في سلك القضاء، فقال رئيس مجلس الأمّة مرزوق الغانم إنّ “صعود المرأة الكويتية منصة القضاء، استحقاق طال انتظاره، وهي خطوة إلى الأمام في مسيرة نضال المرأة الكويتية الذي امتد لعقود”.

وأيّده في ذلك النائب أحمد الفضل قائلا “ألف مبروك لدولة الكويت وللمرأة الكويتية صدور قرار يخولها العمل كقاضية، وليس السبب الرئيسي بالتهنئة هو نيل هذه الوظيفة السامية والمقدَّرة فقط، إنما السبب الرئيسي هو تحقق المساواة والعدالة دون تمييز على أساس الجنس وفقا لما نص عليه الدستور”.

واعتبرت رئيسة الجمعية الثقافية النسائية الاجتماعية لولوة الملا، من جهتها، أن تعيين المرأة في سلك القضاء “هو مطلب رفعته الجمعية النسائية في الكويت منذ سنوات طويلة”.

وأضافت متحدثة لوكالة فرنس برس “هذا التعيين أثلج صدورنا ونعتقد أننا نخطو خطوات إلى الأمام في مصاف الدول المتقدمة”.

وحصلت المرأة الكويتية على حق التصويت والترشح للانتخابات في مايو 2005. وفي يونيو من العام ذاته عينت الحكومة أول وزيرة في تاريخ البلاد هي معصومة المبارك. وبعد أربعة أعوام، فازت أربع سيدات للمرة الأولى بمقاعد برلمانية.

وترى الملا أنّ النساء في الكويت “لا يزلن يطالبن بالمساواة والعدالة في أمور كثيرة بينها الوصول إلى مناصب صنع القرار، وإقرار حقوق المرأة الكويتية المتزوجة من أجنبي، والسماح لأفراد أسرتها بالحصول على إقامة دائمة وتمكين أطفالها من الميراث بعد وفاتها”.

ويمنع القانون الكويتي أبناء الكويتية من أب أجنبي من أن يرثوا منزل والدتهم بعد وفاتها ويلزمهم ببيعه بعد عام من رحيلها.

3