كورونا يجبر فتيات الكونغو على البغاء

كينشاسا (الكونغو الديمقراطية) – ضيقت جائحة كورونا الخناق على الأمهات العاملات في مجال الدعارة بعد أن أدّى الإغلاق إلى تراجع عدد زبائنهن، ما استدعى نزول بناتهن إلى الشارع للحفاظ على بقاء أسرهن. وعندما طلبت والدة نايومي من ابنتها المراهقة أن تنضم إليها للعمل في مجال البغاء في كينشاسا عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية خلال شهر سبتمبر الماضي كانت تعلم أن الأمر يتعلق ببقاء الأسرة؛ فقد تركت تداعيات الجائحة (من ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى حظر التجوال الذي أدى إلى انخفاض عدد زبائن أمها) الفتاة البالغة من العمر 15 عاما دون أي خيار سوى النزول إلى الشارع.
قالت نايومي التي تم تغيير اسمها لحماية هويتها، في إحدى أمسيات هذا الشهر بمنطقة تشانغو في كينشاسا، “أنا بلا أب، ولدي شقيق يبلغ من العمر ثماني سنوات”. وتابعت وهي تمسك بيدها سيجارة أثناء بحثها عن زبائن في شارع كيمبوتا المعروف بممارسة الدعارة “إذا لم أفعل ذلك فقد يموت أفراد عائلتي لأننا ليس لدينا من يدعمنا”.
وقال نشطاء إن نايومي هي واحدة من عدد لا يحصى من الفتيات في كينشاسا التي تضم أكثر من 12 مليون شخص، اضطررن إلى العمل في مجال البغاء خلال العام الماضي بسبب الوباء. ويعيش حوالي ثلاثة أرباع سكان الكونغو البالغ عددهم 90 مليون نسمة في فقر مدقع على أقل من 1.90 دولار للفرد في اليوم، وقد أكد بنك التنمية الأفريقي أن اقتصاد البلاد قد يتضرر بشدة جراء فايروس كورونا المستجد.
وذكرت الدولة المترامية الأطراف والواقعة في وسط أفريقيا أن ما لا يقل عن 28845 شخصا أصيبوا بالفايروس، توفي منهم حوالي 712 شخصا. وأضافت نايومي “تعمل الكثير من الفتيات اللاتي في مثل سني هنا في مجال البغاء. ودائما أرى وجوها جديدة”. وتتنافس هذه الفتيات في ما بينهن من أجل مساعدة أسرهن في العثور على الزبائن.
قبل ظهور الوباء كان هناك ما يقدر بنحو 20 ألف طفلة في المدينة، وتلجأ أغلبيتهن إلى التسول وممارسة الدعارة، ويتعين على من يمارس هذين العملين دفع جزء من الأرباح إلى الشبكات الإجرامية التي تسيطر على عملية الاتجار بالبشر.
وقال جان كالالا نائب رئيس “ريجر”، وهي شبكة من أخصائيين يساعدون أطفال الشوارع، إن “البغاء أصبح المصدر الوحيد للدخل بالنسبة إلى العديد من الفتيات”. وأضاف لمؤسسة تومسون رويترز في مقابلة “يدفع الفقر المدقع ونقص التعليم بالعديد من الفتيات الصغيرات إلى ممارسة الدعارة لأنهن لا يعرفن ماذا يفعلن”.
وأشار إلى أن العاملات في مجال البغاء هن من نتائج الأزمة الاجتماعية المستعرة في الكونغو، في تلميح إلى تأثير فايروس كورونا على سبل عيش المواطنين في جميع أنحاء البلاد.
ورغم أن الدعارة لها صبغة قانونية في الكونغو إلا أن ممارسة الجنس مع فتاة دون سن الـ18 أو إدارة شبكة بغاء أعضاؤها من الأطفال تبقيان من الجرائم التي يعاقب عليها بالسجن لمدة تتراوح بين 5 و20 سنة.

قالت فلورنس بولوكو، المسؤولة في وزارة النوع الاجتماعي والأسرة والأطفال ومديرة الوكالة الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، “لا توجد موارد كافية ونطاق محدود لمعالجة بغاء القاصرات”. وتابعت “نحن نعمل خلال النهار فقط. في الليل لا نعرف كيف نفكك الشبكات أو نتعقب هؤلاء الفتيات وكل هؤلاء الرجال”.
ودمر الوباء عمل فانيسا البالغة من العمر 17 عاما، والتي انضمت إلى العمل في مجال البغاء في كينشاسا قبل عامين، فانخفضت أرباحها بمقدار النصف لتصل إلى حوالي 10 آلاف فرنك كونغولي (5 دولارات) في الليلة.
وتلقي فانيسا باللوم على ارتفاع عدد العاملين في مجال البغاء من الشباب وفرض حظر تجوال يومي بسبب فايروس كورونا اعتبارا من الساعة التاسعة مساء حتى الساعة الخامسة صباحا.
وقالت فانيسا إنها تريد ترك العمل لكنها لا تعرف كيف ستكسب المال بدلا من ذلك، وكانت قد فكرت في دفع أموال للمهربين من أجل مساعدتها في الوصول إلى أوروبا لكنها قررت عدم القيام بذلك.
ويجب على فتيات مثل فانيسا ونايومي التعامل مع العصابات التي توفر لهن “الحماية” مقابل اقتطاع مبالغ من أرباحهن. وأكدت نايومي أن الرجل الذي كانت تعمل تحت إدارته يشرف على 20 فتاة وكان يزورها كل ليلة ليأخذ حوالي سدس دخلها.
وبعد أن تركت المدرسة في سن الثالثة عشرة تودّ نايومي العودة إلى التعليم أو التدرب لتعمل خياطة، لكنها لا تستطيع تحمل تكاليف ذلك. وأشارت إلى أنها تمارس الدعارة لكسب لقمة العيش، مؤكدة أن الدولة تخلت عنها وعن مثيلاتها.