كوالالمبور ترمم علاقاتها مع الرياض

كوالالمبور - تسير العلاقات السعودية الماليزية نحو الانتعاش مجدّدا مستفيدة من سقوط حكومة مهاتير محمّد الذي بدا خلال فترة حكمه الأخيرة أقرب إلى المحور التركي القطري العامل بأشكال متعدّدة على تقليص مكانة المملكة ومحاصرة دورها في محيطها العربي والإسلامي.
وقال داتوك سيري هشام الدين حسين وزير الخارجية الماليزي الجديد إنّه سيضع على رأس أولويات وزارته العمل لترميم علاقات بلاده مع السعودية، واصفا المملكة بأنّ لها دورا محوريا.
وجاء سيري إلى الخارجية الماليزية ضمن التغيير الحكومي الذي حدث في ماليزيا مؤخّرا وآلت بفعله رئاسة الحكومة إلى محيي الدين ياسين، خلفا لمهاتير محمد الذي اضطرّ إلى الاستقالة في شهر فبراير الماضي بعد خلافات حادّة بين الشركاء المشكّلين للائتلاف الحاكم الذي كان يقوده.
وخلال الأشهر الأخيرة من حكمه انخرط مهاتير في المحور المعادي للسعودية، واحتضنت بلاده في ديسمبر الماضي “قمّة إسلامية مصغرة” حضرتها إضافة إلى البلد المستضيف ماليزيا كلّ من تركيا وإيران وقطر، بينما غابت عنها السعودية وباكستان، حيث بدا أنّ الهدف الأساسي من ورائها هو إنشاء هيكل إسلامي جديد يكون بديلا عن منظّمة التعاون الإسلامي التي ترأسها السعودية، وذلك في محاولة تركية لتزعّم العالم الإسلامي.
وإذ فشلت المحاولة بفعل عدم تجاوب غالبية الدول الإسلامية معها، فقد تلقّت ضربة أخيرة قاضية بسقوط حكومة مهاتير في ماليزيا.
وكشف وزير الخارجية في حكومة محيي الدين ياسين لصحيفة ماليزيا كيني المحلّية عن إرساله دعوة إلى نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان لزيارة ماليزيا، قائلا إنّ “من إحدى الأولويات في سياستنا الخارجية هي تصحيحنا للعلاقات مع السعودية”.
وجاء تعيين ياسين رئيسا للحكومة الماليزية في وقت تواجه فيه ماليزيا تراجعا اقتصاديا من المتوقّع أن يزداد حدّة مع تفشي فايروس كورونا المستجد وآثاره على التجارة العالمية ومختلف الأنشطة الاقتصادية.
وبعد أن مثّلت ماليزيا نموذجا لسرعة النمو الاقتصادي دخلت تجربتها في طريق مسدود، ما دفع برئيس الحكومة السابق مهاتير محمّد إلى البحث عن متنفّس جديد لاقتصاده بلاده. وحاول في سبيل ذلك التقرّب من المحور القطري التركي رغبة في الاستفادة من أموال قطر بعد أن قامت الأخيرة بضخ المليارات من غاز النفط في الاقتصاد التركي لمساعدته على النهوض من سلسلة الكبوات التي شهدها بسبب السياسة الصِدامية التي انتهجتها حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيّب أردوغان والتي أدخلت تركيا في مشكلات لا حصر لها مع العديد من الأطراف الإقليمية والدولية.
ولقيت سياسات مهاتير محمّد في فترته الأخيرة اعتراضات داخلية قوية، واتهمه معارضوه بمحاولة تجاوز المصاعب الاقتصادية على حساب ثوابت البلاد وتوازناتها الكبرى وعلاقاتها التاريخية مع القوى الفاعلة في الإقليم والعالم.