كرة القدم ليست مجرد لعبة إنها مملكة كاملة

اللعبة متغلغلة في جينات الشعوب ولا تتلفها الحروب ولا الأوبئة.
الأحد 2024/05/26
كرة القدم مملكة الوفاء البشري وحلم الهامش

اللعب رافق الإنسان منذ ما قبل التاريخ، وتطورت أساليبه وتغيرت وشكل الوعي والحضارة قوانين للألعاب وأشكالا أخرى، وبقي اللعب من صميم التكوين البشري. وبعد عشرات القرون من الألعاب وآلاف الألعاب المبتكرة تسيدت لعبة كرة القدم المشهد، إذ صارت مع القرن العشرين اللعبة الأولى عالميا، وهي أكثر من مجرد لعبة.

العرف الشائع في تقويم الحياة هو تسمية المراحل والحقب التاريخية بالحدث أو الظاهرة التي تنال الاهتمام أو تثير القلق على نطاق الواسع وما يستدعي الانتباه أن الأوبئة والكوارث الطبيعية إلى جانب الحروب والصراعات المحتدمة نصيبها أوفر في الهيمنة على سجل التاريخ بأسمائها. وكأن الهدف من ذلك هو سحب الشحنات المتوترة للوقائع التراجيدية فيما يندر أن يطلق على مرحلة معينة لفظ مركب مما يضفي مرحا إلى تفاصيل الحياة البسيطة.

قد لا يكلّف الأمر كثيرا من التعمق لمعرفة ما اتسع له مسرح القرن الماضي من الأحداث والصراعات المزلزلة وهذا كان بالتزامن مع ما تم تحقيقه على المستوى العلمي من الفتوحات والاكتشافات. إذن تعددت التسميات المرشحة للعصر الذي كان ضاجا بالأحداث والأحلام والانتكاسات.

الهوى الكروي

يبدو أن ما أهمل في هذا السياق هو التظاهرة الرياضية التي شهدها العالم في بداية العقد الثالث من القرن العشرين، إذ أصبحت كرة القدم على لائحة التواريخ، ومنذ ذاك الوقت إلى الآن يتجدد الموعد كل أربع سنوات مع بطولة العالم لكرة القدم التي فاقت جماهيريتها جميع الفنون والنشاطات الأخرى.

ربما هذا البعد الاحتفالي زاد من نفور بعض الأدباء من الساحرة المستديرة والاستخفاف بجمهورها. سخر الكاتب الإنجليزي روديارد كبلينغ من كرة القدم واصفا متابعيها بالأرواح الصغيرة التي تتمتع برؤية الحمقى الذين يلعبون. ويأخذ القاص والشاعر الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس مقعده بين خصوم الكرة مقتنعا بأن الاهتمام الذي تحظى به اللعبة لا يكمن وراءه سوى الغباء والسطحية، ومجمل رأيه يلخص في قوله إن كرة القدم أفيون الشعب. ويطلق عالم الاجتماع جان ماري بروم على الشغف الكروي تسمية الطاعون العاطفي.

إدواردو غاليانو يحلل عناصر اللعبة ويروي الجانب التاريخي لها مبينا أن الكرة رافقت الإنسان على مر العصور وإن بأشكال بدائية
إدواردو غاليانو يحلل عناصر اللعبة ويروي الجانب التاريخي لها مبينا أن الكرة رافقت الإنسان على مر العصور وإن بأشكال بدائية

لا شك أن هذه القراءة المزدرية للعبة تقابلها آراء فئة من الكتاب ومشاهير الفكر الذين لا يقاطعون عالم الكرة، وبعضهم قد انخرط فعليا في تجربة التموقع في المستطيل الأخضر. فلولا إصابته بالسل لربما استمر ألبير كامو في ممارسة كرة القدم. وكانت اللعبة جزءا من أجندة نجيب محفوظ عندما كان طالبا في الثانوية.

لعل ما يشد الانتباه في هذا السجال بين الرافض للعبة والمرحب بها هو اعتراف الفيلسوف الفرنسي إدغار موران بأنه يضع كرة القدم ضمن قائمة المسرّات كاشفا بأنه يحب الانفعالات الجماعية التي ترافق المواجهات الكروية. كما امتدح الفيلسوف اليساري أنطونيو غرامشي كرة القدم في عبارة رشيقة “مملكة الوفاء البشري هذه التي تمارس في الهواء الطلق”.

 إذا كان كل ما ذكر آنفا ليس أكثر من التعبير عن الإعجاب أو التمتع بالمشاركة في اللعبة أو مشاهدتها فإن الكاتب الأوروغواي إدواردو غاليانو يمضي أبعد في كتابه المعنون بـ”كرة القدم في الشمس والظل” بتقديمه شكلا من التواصل بين الكتابة واللعبة. إذ يعرض ما هو مشهود في الإطار السردي ويروي في ذات السياق ذكرياته الشخصية في متابعة اللعبة واستعادة المباريات التي إن كان ينتهي وقتها ويغادر أبطالها الملعب لكن تفاصيلها تحفر بالذاكرة الشعبية والنخبوية.

قبل أن يشرع بإضاءة مفردات اللعبة يلمح غاليانو إلى الهوس الاحترافي وما تبعه من العقلية النفعية في النظر إلى كرة القدم، هذا المنحى الوظيفي قد تصاعد أكثر مع نهاية القرن العشرين، وعليه فإن العفوية لم تعد عرفا في اللعبة وبالتالي غاب البعد الجمالي الذي يتولد من متعة اللعب من أجل اللعب.

على الرغم من افتتانه بكرة القدم إلا أن مؤلف “ذاكرة النار” لا ينكر تحولها إلى الاستعراض التجاري ويكون الغرض منه هو تراكم الربح، لذلك فمن الطبيعي أن يبهت الجانب الإبداعي وتفقد المخيلة رشاقتها في العروض الكروية. ولا مبالغة في القول إن هذا التقليد قد جرّد اللعبة من بلاغتها العفوية لولا وجود من يخترق القاعدة ويخرج من النص لخلت المواجهات من التشويق.

يشير الكاتب في هذا الصدد إلى قدر اللاعب عندما تبتسم له الكرة فهو ربما شق طريقه من الحي الشعبي بدلا من أن يمضي عمره في المصنع، قد غيّر ولعه بالكرة مصيره، لكن موقعه الجديد بوصفه نجما يستدعي التفوق على الذات بالاستمرار ويكون بمستوى ما يطلب منه الجمهور وأصحاب الأندية. كلما راكم اللاعب مزيدا من الشهرة عليه أن يتمثل أكثر لانضباط عسكري صارم، في مأكله وحياته الشخصية.

والأصعب بالنسبة إلى المحترف هو أن عمر نجوميته محدود. وهذا ما يلاحظه غاليانو مؤكدا بأن في المهن الإنسانية الأخرى يأتي الغروب مع الشيخوخة. أما لاعب كرة القدم قد يشيخ وهو لم يبلغ الأربعين من عمره، ومن المحتمل انسحاب الأضواء عنه قبل هذه السن، وما يفاقم الشعور بالمرارة هو قساوة الجمهور الذي كان يتماهى معه سابقا. إذ لا يغض النظر عن هفواته معلقا على تسديداته الطائشة بالقول “هذا لا يمكنه أن يسجل هدفا حتى داخل ملعب يميل نزولا”، ويسترسل في سخريته هاتفا “هذا؟ لن يسجل هدفا حتى لو قيدوا له يدي حارس المرمى”.

عناصر اللعبة وتاريخها

d

يفرد إدواردو غاليانو مساحة من سرديته للحديث عن طبائع المشجع. وهو مدشن للأجواء الاحتفالية ويملأ المدرجات بالهتافات ملوحا بالمناديل والرايات، لا يفرق المشجع بينه وبين ناديه نادرا ما تسمعه يقول “اليوم سيلعب النادي”، إنه عادة ما يعلن “اليوم سنعلب نحن”، يخبرنا غاليانو بأن اللاعبين الأحد عشر يعرفون دور المشجع في الملاعب، فاللعبة من دون الحشود أشبه بالرقص دون الموسيقى.

أيا كانت نتيجة المباريات فإن الاشتباك بين غرماء الملعب حالة استثنائية، إذ يتصافح المدربان، لكن قد تسود الفوضى في المدرجات ويثير احتفال مشجع الفريق الفائز غضب أنصار خصمه الخاسر. وفي الوقت الراهن قد امتدت المعركة إلى منصات افتراضية، إذ يكيل أنصار الأندية المتنافسة هجاء لبعضهم البعض. يعتقد غاليانو بأن المشجع المتعصب لا يفصله إلا خيط رفيع من الجنون. يقتنص كل ما يستفزه.

ويذكر مؤلف “أفواه الزمن” بالوزر الذي يلقى على كاهل حارس المرمى كانوا يسمونه البواب، والغولار، وحارس الحاجز. في السابق شارك الحكم في ارتداء الأسود. بعكس بقية اللاعبين الذين ينشدون تسجيل الأهداف، فإن حارس المرمى يقطع الطريق على الهدف ما يعني أنه يؤجل الفرح أو يمنعه.

يقول غاليانو إن حارس المرمى مذنب دائما ويدفع ثمن أخطاء لم يقترفها. وإذا فشل في تصحيح خطأ غيره ولم يصد ضربة الجزاء يحمّله الجميع المسؤولية. فيما يمكن للاعبين الآخرين أن يخطئوا أخطاء فادحة لكن يستردون منزلتهم بمراوغة استعراضية. أما الحكم فهو كائن تلاحقه الاتهامات بالتواطؤ والتآمر مع الخصم. لا يستمتع باللعبة علما بأنه يصول ويجول في أنحاء الملعب ويمنع عليه تذوق ركل الكرة، ويكتفي بمراقبتها.

لا يضيّق غاليانو مجال سرديته في متابعة مكونات اللعبة بل يتوقف عند المكانة التي أخذها المدرب والمدير الفني في برنامج اللعبة، مارا باللوحة الإلكترونية التي حلت مكان السبورة القديمة، أكثر من ذلك فإن اللاعب النجم لا يستأثر بالأضواء لوحده، إنما يشاركه المدرب هذه الحظوة وتحسب له الألقاب.

الملعب لا يختلف عن المسرح فاللاعبون يتقمصون أدوارا متعددة أما المعلقون والمختصون فوظيفتهم كالكومبارس على خشبة المسرح

يرى غاليانو بأن الجمهور قد أثقل مهمة المدرب لأنه يتوقع منه أن يمتلك عبقرية آينشتاين وبعد نظر فرويد وقدرة غاندي على التحمل. لا يختلف الملعب عن المسرح لأن اللاعبين يتقمصون أدوارا متعددة قد ترى من بينهم من يظهر وجها ملائكيا لكن ما برح يتحين الفرص لابتزاز الخصم وتجد لاعبا يبالغ في التعبير عن الألم ولا يشفى غليله سوى طرد معرقله. كما أن إضاعة الوقت تكتيك يلجأ إليه اللاعب لانتزاع فوز لا تفصله عنه سوى دقائق. وتضاهي وظيفة المعلقين والاختصاصيين في اللعبة موقع الكومبارس على خشبة المسرح.

يذكر أن غاليانو يلتفت إلى الجانب التاريخي في عالم اللعبة ويتضح من المعلومات الواردة على هذا الصعيد أن الكرة رافقت الإنسان على مر العصور وإن بأشكال بدائية، فكانت الساحرة المستديرة مصنوعة من الجلد عند الصينيين، وصنع الفراعنة كرتهم من القش. وتصل الكرة على أقدام الرومان القدماء إلى الإنجليز. ويثير انسياق الشعب مع سحر اللعبة حفيظة الملك، لذا يصدر قرارا يدينها. وقد لا يكون الأمر مستغربا لأن التفاف الهامش حول أيّ فكرة أو ظاهرة يؤرق المتن إلى أن يطوعها لاحقا لأغراضه الخاصة.

ومن المفارقات العجيبة أن كرة القدم بشكلها الجديد امتداد لاتفاق مبرم بين اثني عشر ناديا إنجليزيا. وفي عهد الملكة فيكتوريا لم تعد كرة القدم رذيلة يمارسها الرعاع إنما صارت فضيلة أرستقراطية، ويبادر الإنجليز بسن القوانين الجديدة للعبة قبل أن ينطلق الشغف الكروي نحو أميركا اللاتينية.

وكانت المواجهة الأولى في القارة التابعة لبريطانيا بين إنجليزيي مونتيفديو وبوينس آيرس، كما احتضنت العاصمة البرازيلية مهرجانا كرويا بين مواطنين بريطانيين في شركة الغاز وفي سكك حديد ساو باولو. وتنشأ أول أندية شعبية في الأرجنتين والأورغواي. ويعلن عن ولادة نادي جونيورز الأرجنتيني الذي كان باسم نادي شيكاغو في بدايته تكريما للعمال الفوضويين الذين شنقوا في أحداث مايو 1886. ومن المعروف أن الدولة المتوجة بباكورة المونديال هي أورغواي التي كانت الأرجنتين وصيفة لها.

اكتشاف جديد

مارادونا أثبت أن الخيال فعّال
مارادونا أثبت أن الخيال فعّال

تنتشر عدوى الكرة في أميركا اللاتينية ويتم اكتشاف القارة من جديد أثناء مشاركة أورغواي في أولمبياد 1924، فقد وصل اللاعبون  في عربات الدرجة الثالثة، لكن هؤلاء الذين يرثى لحالهم قد كسبوا اللقب، وينشر الكاتب الأرستقراطي رأيه عن المفاجأة معلقا “إنها ثورة. هذه هي كرة القدم الحقيقية أما ما نعرفه نحن، وما نلعبه نحن، فليس كرة القدم، وهو لا يعدو أن يكون بالمقارنة مع هذا اللعب سوى لهو التلاميذ”.

تحفل المدونة الكروية بأسماء اللاعبين من أميركا اللاتينية وأضاف حضورهم المتألق مزيدا من الشعبية إلى اللعبة. وفتح نبوغ المهمشين في المستطيل الأخضر مجالا للإبانة عن معدنهم. إذ فازت البرازيل بمونديال 1958 بفضل ثلاثة من اللاعبين السود، وكان بيليه أشهرهم، الذي تتصاعد نجوميته أكثر عندما يكسب اللقب لبلاده على التوالي في 1962، وهذا ما لم يحققه إلى الآن أيّ لاعب آخر.

يؤكد غاليانو أن السود والخلاسيين هم أفضل اللاعبين في تاريخ البرازيل لافتا إلى أنه لا يوجد بطل من السود في قيادة السيارات نظرا إلى علاقة هذه الرياضة بالمال والثروة مثل كرة المضرب. ما يجدر ذكره هنا أن التنافس على الألقاب والمواجهات الأخيرة للمونديال ممهورة على الأغلب بتوقيع منتخبين أحدهما من أميركا اللاتينية والآخر من أوروبا.

لا تكمن دراية غاليانو في إبدال الصورة والمشهد بالسرد والقصة فحسب، بل تتجلى خصوصيته الإبداعية في الاسكتشات التي يقدمها للاعبين بطريقته السردية، ويستحضر في مساحات محددة أكثر لحظات درامية في تاريخ المنتخبات وحياة النجوم، صائغا بحسه الصحفي عناوين فرعية تومئ إلى غرائبية القصة، كما تستشف ذلك في المقطع المعنون بـ”موت في الملعب” عن انتحار اللاعب الأورغواياني أبدون بورتي في الملعب.

السجال بين رافض للعبة كرة القدم ومرحب بها لم يعد مهما إذ شقت طريقها لتصبح ضمن جدول الشعوب والأمم

تتسع مروية إدواردو غاليانو لعدد من اللاعبين الذين لم يكن مرورهم عابرا على العشب الأخضر وبصماتهم لا تمحى بتقادم الزمن وتعاقب الأجيال. بالطبع إن يوهان كرويف من طينة السحرة، كانت أمه تخدم في كافيتيريا نادي أجاكس، ويرافقها في أوقات الشغل يتلقط الكرات التي تذهب خارجا وينظف أحذية اللاعبين ويغرس أعلاما في زوايا الملعب، وما إن تتاح له الفرصة للمشاركة في المباريات حتى يصبح اسما تتغير معه طريقة اللعب.

كذلك يعيد غاليانو إلى الأذهان دور الاختراقات الفردية في قلب النتائج، مشيرا إلى باولو روسي وتسديداته الحاسمة في تحسن جودة اللعب للمنتخب الإيطالي في مونديال 1982. كذلك الأمر بالنسبة إلى دياغو أرمندو مارادونا الذي لقن الإنجليز درسا في مونديال 1986، وكانت هذه النسخة من المونديال نسخة مارادونا، يقول غاليانو إن “مارادونا هو أحد القلة الذين أثبتوا أنه يمكن للخيال أن يكون فعّالا أيضا”.

يطوف شبح السياسية في الملاعب وقد يكون التنافس الشديد بين بعض الأندية له جذور سياسية، فالانقسام الذي شهدته إسبانيا إبان الحرب الأهلية بين فرانكو والجمهوريين تبدت بوادره أيضا في اللعبة، كان هناك فريقان مغتربان شكلا رمزا للمقاومة الديمقراطية اختار الفريق الباسكي أوروبا ميدانا لجولاته وجمع الأموال والمساعدات من الشعوب المتعاطفة مع الجمهورية، فيما أبحر برشلونة نحو أميركا. غير أن الوقت لا يمضي كثيرا حتى يلقى رئيس برشلونة مصرعه برصاص رجال فرانكو ومن ثم يتفرق عناصر منتخب برشلونة في الشتات.

وطوع فرانكو فريق ريال مدريد لأغراضه السياسية ويشكر خوسيه سوليس أحد قادة نظام فرانكو لاعبي النادي الملكي، معترفا بأن أناسا كانوا يكرهون فرانكو في السابق صاروا متفهمين أكثر بفضل ريال مدريد. على أيّ الأحوال فإن اللعبة موجودة في جينات الشعوب ولا تتلفها الحروب ولا الأوبئة فهي مضاد حيوي للملل، والإنسان المعاصر إذا أخطأته نيران الحرب والهجمة الوبائية ولم يمت جوعا فإن ما ينهش أيامه هو الملل لذلك تراه مهتما باللعبة أكثر.

أخيرا لا يهم إن كنت مع اللعبة أو ضدها فكرة القدم أصبحت ضمن جدول الشعوب والأمم وما يقوله جان كوكتو عن الفن بأنه عديم الفائدة لكن عدم نفعه قد يكون ضروريا ينطبق أيضا على الساحرة المستديرة. والقارئ لكتاب غاليانو عن كرة القدم قد لا يصدق بأن المؤلف راودته فكرة الانتحار وعانى المصاعب في مواجهته مع الدكتاتورية وكابد العزلة في السجون.

10