كثرة الأحزاب تربك التونسيين وتمهّد لمقاطعة واسعة في الانتخابات

مسؤولون سابقون يؤسسون تكتلات جديدة للتغطية على فشلهم في الحكم، وأزمة نداء تونس ساهمت في ظهور مجموعات حزبية صغيرة.
الأحد 2019/02/03
يأس من التغيير

تونس - تتسابق الأحزاب والشخصيات السياسية في تونس مع دخول البلاد سنة انتخابية ساخنة إلى جذب الناخب لبرامجها، مع إطلاق مبادرات جديدة تعد التونسيين بإيجاد حلول لأزمتهم الاقتصادية وتغريهم بالوعود، فيما تدفع كثرة الأحزاب التونسيين إلى اليأس من التغيير، ما يهدد بمقاطعة واسعة للانتخابات القادمة.

وأطلقت شخصيات سياسية في تونس مبادرة جديدة تحت اسم “الالتقاء الوطني للإنقاذ”، وتهدف وفق الميثاق التأسيسي، الذي تم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، “إلى الالتقاء حول مشروع وطني تغلب عليه المصلحة الجماعية”.

وقال الوزير السابق مبروك كورشيد لوكالة الأنباء الرسمية، “إن مجموعة من الأشخاص الذين عملوا في الدولة وسياسيين يؤمنون باستقلالية القرار السيادي لتونس، قرروا إطلاق هذه المبادرة السياسية”، مؤكدا أنه “لا يقود هذه المبادرة وإنما هو مشارك فيها كغيره من الشخصيات”.

وأضاف أن “المشروع السياسي الجديد يرمي إلى إنقاذ تونس من المسار الذي سلكته منذ ثورة يناير 2011 وثبت عجزه على أرض الواقع وتفاقمت نتائجه الكارثية على مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مشيرا إلى أن هذه المبادرة مفتوحة لكل “الأشخاص الوطنيين الذين يؤمنون بفكرة إنقاذ تونس″. وأعرب عن أمله في “أن ترى هذه المبادرة النور رسميا، إذا كانت تجتمع حولها رغبات صادقة”.

منجي الحرباوي: الناخب التونسي يعيش حالة من الاضطراب تجاه الكمّ الهائل من الأحزاب
منجي الحرباوي: الناخب التونسي يعيش حالة من الاضطراب تجاه الكمّ الهائل من الأحزاب

وتحاول هذه الشخصيات الاستفادة من أجواء التوتر السائدة بين الأحزاب الحاكمة في البلاد مع بروز حزب جديد داعم لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، ومحاولات وزراء ومسؤولين في حكومات ما بعد الثورة العودة إلى الواجهة من بوابة تشكيلات جديدة تتبرأ فيها من تجاربها السابقة وتعيد التموقع بحثا عن قاعدة انتخابية.

وعززت حالة التصدّع التي عاشها أكبر الأحزاب في البلاد أي حزب نداء تونس من ظاهرة السياحة الحزبية وظهور أحزاب صغيرة تنافس على السباق الانتخابي، ومن داخل جمهور النداء التقليدي، ما يفتح الطريق أمام هيمنة جديدة لحركة النهضة.

وقدمت وزيرة الصحة السابقة سميرة مرعي استقالتها من حزب آفاق تونس وانضمت إلى مبادرة الالتقاء الوطني.

وأوضحت في تصريحات لوسائل إعلام محلية أنها مبادرة أطلقتها مجموعة من السياسيين وسيتم بعد جمع الإمضاءات تأسيس حزب سياسي.

ويقول معارضون لخيار تغيير اليافطات السياسية إن تلك الشخصيات تحاول الظهور بأثواب جديدة تنسي الجمهور صورتها القديمة مع اقتراب الانتخابات.

واعتبر منجي الحرباوي النائب عن كتلة نداء تونس أن المشهد السياسي يعيش طورا جديدا والعديد من الشخصيات والقوى الحزبية لديها طموحات وتريد ممارسة حقها في السياسة، لكن “فتح الباب على مصراعيه لتكوين الأحزاب والجمعيات ولّد حالة من التساهل، وتونس لا تستحق هذا العدد الكبير من الأحزاب”.

واعتبر في تصريح لـ”العرب” أن “الجمهور التونسي يعيش حالة من الاضطراب تجاه الكم الهائل من الأحزاب، الذي بلغ 218 حزبا، وأن الأزمات السياسية المتتالية التي عاشتها تونس في الثماني السنوات الأخيرة تجعل الناخب أكثر خبرة وقدرة على التمييز″.

ويستبعد محللون أن تنجح المبادرات الجديدة في استقطاب الناخب لفقدان الثقة في الشخصيات والوجوه السياسية القديمة، وعدم التحمّس للوجوه الجديدة.

وقال المحلل السياسي خالد عبيد لـ”العرب”، “لا أعتقد أن تنجح مثل هذه المبادرات فهي بمثابة رقم جديد سيضاف إلى باقي المبادرات والتشكيلات الحزبية خاصة أن ما يفوح من هذه المبادرة هو البعد الجهوي”.

وأوضح أن “هذه المبادرة هي ردّ فعل على ما لحق كورشيد ورغبة منه في التموقع استعدادا للانتخابات القادمة، وهذا التموقع في منطقة الجنوب الشرقي تحديدا، ولهذا السبب من المستبعد أن تكون مثل هذه المبادرات إيجابية أو تحظى بتجاوب”.

وأشار المحلل السياسي قيس سعيد لـ”العرب” إلى أن القضية لا تتعلق بإنشاء تنظيم جديد بل تتصل في جوهرها وعمقها بفكر جديد.

وتساءل “كم من تحالف وائتلاف وجبهة تم الإعلان عنها ولكن هل أدت إلى تغيير في المشهد؟” وتابع بقوله “كل يدعي أنه سيتولى الإنقاذ وكل يقدم نفسه على أنه هو الذي بإمكانه أن يقود المرحلة القادمة ولكن بالمقابل برامجه تقوم على رفض الأطراف الأخرى ولا تحتوي على حلول حقيقية”.

إقرأ أيضاً: لماذا يخسر اليسار أمام الإسلاميين والشعبويين

1