كتاب موسيقي يستعرض تاريخ الألحان في تونس

الكتاب يرصد أجواء الملاهي أيام بني الأغلب ومجالس الأنس برقادة، وموكب الأعياد في باردو وطاقم الموسيقى العسكري وهواة الموسيقى التونسية ورواتها.
الخميس 2020/06/11
الآلات الطربية وجه من وجوه الهوية للشعوب العربية

تونس – في عام 1932، ترأّس المؤرخ التونسي حسن حسني عبدالوهاب (1884-1968) أول مؤتمر عُقد حول الموسيقى العربية في القاهرة، ليهتمّ لاحقا بتطوير المناقشات والأفكار حول نظرته إلى مجمل الموسيقات التونسية باختلاف أنواعها الشعبية والبدوية والطرقية.

وفي عام 1966، نشر صاحب كتاب “وصف أفريقية والأندلس” دراسة بعنوان “ورقات في الموسيقى وآلات الطرب في القطر التونسي” في إطار سعيه لبلورة هوية وذاكرة جمعية للتونسيين؛ مشروعه الأساسي الذي كرّس له جلّ مؤلّفاته.

وبعد أزيد من نصف قرن جمع الباحثان محمد المي وعبدالجليل بوقرة هذه الدراسة تحت عنوان “الموسيقى وآلات الطرب في القطر التونسي”، وهي القسم الثاني من كتابه “ورقات عن الحضارة العربية بأفريقية التونسية”، وقد حمل هذا القسم عنوان “الموسيقى وآلات الطرب”. والكتاب الصادر عن “دار آفاق – برسبكتيف” للنشر بتونس ورد في 136 صفحة من الحجم المتوسط، ضمن سلسلة “آفاق للجميع”.

الموسيقى وآلاتها وتطوّرها واختلافها من منطقة إلى أخرى في أفريقيا
الموسيقى وآلاتها عنوان حضارة

وورد في تقديم الكتاب أنه “يساهم في إماطة اللثام عن كتاب مجهول في ذلك الوقت ألفه التيفاشي القفصي هو ‘متعة الأسماع’، والذي يقارب تساؤلات عدّة شغلت المهتمين بالموسيقى في القرن الثالث عشر، ومنها كيف تؤثّر الألحان في النفوس الإنسانية؟ وهل تنجح فعلا الصناعات الموسيقية في الاضطلاع بمهام علاجية؟ وأيّ دور للآداب والفنون في تحرير الإنسان من التزمّت والوعي المعادي للتنعم بمباهج الحياة؟ وكيف يتصدّى الإبداع للجمود وقيم الانحدار؟ وهل تتضمّن سياقاتنا العربية القديمة والوسيطة مرجعيات فكرية وإبداعية مقاومة للتزمّت وكبح الحريات الفردية؟”.

ويهتم حسن حسني عبدالوهاب في كتابه بمظاهر الحضارة العربية في تونس على امتداد قرون، من آداب وعمارة وفنون ومنها الموسيقى خصوصا؛ حيث ضمّنه سبعة وثلاثين عنوانا فرعيا يعكس كل منها نظرته إلى الموسيقى وآلاتها وتطوّرها واختلافها من منطقة إلى أخرى في أفريقيا، ومن عصر إلى آخر كالعهد العباسي والفاطمي والحفصي والتركي والحسيني.

كما يكتشف قراء الكتاب أجواء الملاهي أيام بني الأغلب ومجالس الأنس برقادة، وموكب الأعياد في باردو وطاقم الموسيقى العسكري وهواة الموسيقى التونسية ورواتها.

وجاء في غلاف الكتاب “لا غرابة أن يكتب حسن حسني عبدالوهاب عن الموسيقى وآلات الطرب باعتبار ذلك دليلا من دلائل التحضّر ونفي ما حاول المستعمر ترسيخه عن تونس والتونسيين من كونهم همجا وتطغى الطبيعة البربرية على سلوكهم وهم إلى العنف أقرب وإلى السلوك العدواني أميل”.

وسعى الباحثان، محمد المي وعبدالجليل بوقرة في هذا العمل إلى القول إن تونس والتونسيين عرفوا مظاهر التمدّن والتحضّر منذ مئات السنين، وللتونسيين باع وذراع في مجال الموسيقى التي ميّزتهم عن سائر الأقطار المغاربية خاصة.

ويعدّ العلامة حسن حسني عبدالوهاب أحد منارات الفكر التنويري التونسي، وكان ممّن تناولوا بالبحث والتأليف موضوعات متنوّعة من العلوم والمعارف. صدرت له العديد من الأعمال والدراسات باللغتين العربية والفرنسية.

16