كارما

كانت آخر أيام في السنة.. كنت في محطة كوبنهاغن أنتظر قطارا يقلني إلى مالمو وأحمل حقيبة ظهر ربط عليها غطاء صوفي أستخدمه أحيانا حين تعجز سترتي التي ثمنها 1800 دولار عن تدفئتي، حتى ركزت النظر على مشردة نائمة أمامي تفترش الأرض وقد بدا لي أنها ترتعش بردا ربما، حتى قررت سحب اللحاف وتغطيتها.

نسيت أن أقول إني كنت مفلسة تماما، وليتني استطعت أن أبيع تلك السترة الخرقاء.

المهم ركبت القطار بلا تذكرة.. لم يمر الأمر بسلام كما أملت؛ فلقد أجبرت على النزول في نصف الطريق في مكان مقفر تمد يدك ولا تراها. وكان البرد لا يوصف، وبدأت أفكر في الغطاء، أصبحت مشردة أكثر من تلك المشردة.

وخيل إليّ أني سأفقد الوعي من شدة البرد حين اقترب مني شخصان، ورغم أني لم أميز أي كلمة من لغتهما فقد صحبتهما إلى منزلهما، لم يكن لدي حل آخر سوى التجمد، قدما لي مشروبا دافئا وفراشا وفي الصباح أعطياني نقودا أيضا.. ودون مقابل. ثم غادرت. اشتريت تذكرة ووصلت إلى مالمو ومنها إلى أوسلو.

ووجدتني أتساءل: هل هذه هي الكارما؟ لولا ذلك الغطاء لكنت متجمدة في ذلك المكان الذي لم أميز حتى اسمه.

نحن نحصد ما نزرع، ونخرج من الحياة تاركين ما وضعناه فيها. هذا هو المبدأ الخالد الذي أطلق عليه اسم كارما أو القاعدة الذهبية أو قانون الجاذبية أو قانون المعاملة بالمثل، كما تريد، لكن تأكد أنه مبدأ عالمي ثابت عبر العصور.

نقابل في حياتنا أشخاصًا تبدو لنا أن حياتهم تتداعى باستمرار.. لا يستطيعون فعل أي شيء بشكل صحيح ويشعرون دائمًا أن الأمور تزداد سوءًا. ولسوء حظهم، فهم على حق.. أعتقد أن مفتش التذاكر الذي قصد قتلي ربما من بينهم.

يعرف معظمنا شخصًا يبدو دائمًا أن الأمور تعمل لصالحه. يبدو الأمر وكأن كل شيء يلمسه يتحول إلى ذهب.. أعتقد أنهم من طينة الشخصين اللذين أنقذا حياتي.

يكمن الاختلاف بين هذين النوعين من الأشخاص في المبدأ الخالد، فالقيمة التي نحصل عليها من الحياة تساوي القيمة التي نخلقها.

المفتاح بالنسبة إلينا جميعًا هو البدء في عملية خلق القيمة في أسرع وقت ممكن، والاستمرار في توسيعها طوال حياتنا. شارك بحب وامتنان كل يوم في الحياة، اعتنِ بعقلك وجسدك وروحك حتى يتمكنوا من الاعتناء بك.. ابحث باستمرار عن فرص لمساعدة الآخرين هي فرصتنا الوحيدة جميعا للنجاة.