كاتب وإعلامي سوري متمرس في علم الطاقة يكشف طرق صناعة الإيجابية

أحمد طقش لـ"العرب": تختفي الأشواك تدريجيا إن ركزنا عيوننا على الأزهار.
الثلاثاء 2024/09/03
الضوء يؤثر في العتمة وليس العكس

رغم انتشار من يحاولون تعميم الطاقة الإيجابية على السوشيال ميديا فإن أغلبهم يفتقر إلى المعرفة الكافية لاقتحام حقل مهم في مجال التنمية البشرية. الإعلامي والأكاديمي السوري أحمد طقش خصص كتبه وبرامجه التلفزيونية وحلقاته التدريبية لنشر الطاقة الإيجابية بأساليب علمية وفنية مدروسة من بينها الأدب. “العرب” كان لها معه هذا اللقاء في رحلة ملهمة بين طيات أفكاره ونصائحه.

الأكاديمي والكاتب أحمد طقش شخصية إعلامية وأدبية تجمع بين المعرفة الأكاديمية والخبرة العملية، ليساعدنا على فهم أعمق لأسرار الطاقة الإيجابية وتأثيرها على حياتنا اليومية، ويضيء حياتنا بنور من التفاؤل والإيجابية.

 في هذا الحوار، نسعى لاستكشاف كيفية تسخير هذه الطاقة لتحقيق التوازن والسعادة، ولنتعرف على رؤيته حول دور الإعلام في نشر الوعي الإيجابي بين الناس.

كيف نكون إيجابيين

حول مفهوم الطاقة الإيجابية من منظور علمي وكيف يمكننا قياسها أو تحديدها؟ يقول أحمد طقش لـ”العرب”، “الطاقة من الطاعة من منظور علمي ومن منظور أدبي، المطيع لمنهج الحق حياته عامرة بالوفرة، والعكس شديد الصحة، وتقاس الطاقة الإيجابية بمقدرة المرء على القفز فوق التحديات، حيث لا مصاعب ولا عوائق، لا يوجد أي طريق سوى إلى الأمام والأعلى، بعد انفتاح كل المغاليق، أعني: ثقتك المشرقة بقوة ربك المطلقة ستفتح لك كل الأبواب المغلقة”.

الشعر الإيجابي يحمل السامع إلى سماوات الانفتاح والانعتاق والتحليق إلى عالم لا يحده حد ولا يعده عد

أما عن كيفية تأثير الطاقة الإيجابية على صحتنا النفسية والجسدية، فيقر بأنها تؤثر بشكل عميق في الصحة النفسية كونها تجعل المرء يتعامى عن السلبيات، فترتفع مناعة صحته النفسية، ويصبح متناغما مع الكون، فتقل أمراض جسده وتنعدم أمراض نفسه، مضيفا “المؤمن بالخالق المحسن للمخلوق طاقته في أعلى عليين السعادة”.

ويتحدث طقش عن العلاقة بين الطاقة الإيجابية والتفكير الإيجابي يقول “التفكير الإيجابي هو والد الطاقة الإيجابية، يتحصل المرء على قوة دافعة ضخمة جدا من قدرته على التفكير بطريقة إيجابية مهما ادلهمت الخطوب، ومهما عبست الظروف، يخرج البطل من كل هذا الركام والرماد شاهرا سيف الاستعانة بالله، فينقذه فكره الساطع، ويعطيه طاقة تقلب الليل إلى نهار والسواد إلى بياض والهزائم إلى أرباح وفيرة. لا يمكن أن تتولد الطاقة الإيجابية إلا من التفكير الإيجابي: عراقيل مهلكة، ثم تفكير إيجابي، ثم طاقة إيجابية، ثم نصر مبين”.

أما عن تقنيات زيادة الطاقة الإيجابية في حياتنا اليومية، فيقر بأهمية الصلاة، علاوة على اتباع سياسة “درء الرديء” ويعني “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك” متابعا “أعني خذ ما يرضيك من بيئتك ثم اعتزل ما يؤذيك، واهجرهم هجرا جميلا، الاختلاط بالسلبيين – إن كان ضروريا جدا – يجب أن يكون سطحيا للغاية. الضوء يؤثر في العتمة وليس العكس، يجب أن تؤثر الطاقة الإيجابية في السلبيين، لا أن تجر السلبية الأشخاص الإيجابيين إلى قبوها المظلم”.

نسأل أحمد طقش كيف يمكن للطاقة الإيجابية أن تؤثر على علاقاتنا مع الآخرين؟ وهل يمكن أن تكون معدية؟ فيجيبنا “إن لم تؤثر طاقتنا الإيجابية في علاقتنا مع الآخرين فهي ليست طاقة إيجابية حقيقية، إذ إن الهدف من التحلي بالطاقة هو التعميم، أعني إذاعتها لتصبح معدية، كأحلى عدوى ممكن أن يتناقلها الأفراد والجماعات والمؤسسات والدول، كثيرا ما انتقلت عدوى التقدم الحضاري العظيم مثلا من إمارة دبي إلى غيرها من المدن العالمية، يحاولون التشبه بدبي، وهذا ممتاز ومميز وإيجابي للغاية”.

إن لم تؤثر طاقتنا الإيجابية في علاقتنا مع الآخرين فهي ليست حقيقية إذ الهدف من التحلي بالطاقة هو التعميم

أما عن كيفية تحقيق التوازن بين الطاقة الإيجابية والسلبية في حياتنا، فيقر بأنه يجب علينا أن لا نفكر بأي شيء سلبي، ولا ننشر أي شيء سلبي، مضيفا “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت، أنا مع الطاقة الإيجابية فقط، وإن توقفنا عن التفكير والنشر السلبي، فحتما ستقل الطاقة السلبية في حياتنا. دائما أكرر في منشوراتي عبارتي: قد تختفي الأشواك تدريجيا إن ركزنا عيوننا على الأزهار”.

ونسأل طقش إن كانت هناك دراسات أو أبحاث علمية تؤكد تأثير الطاقة الإيجابية على النجاح في العمل أو في الحياة بشكل عام؟ فيجيبنا “طبعا يوجد الكثير من الدراسات أبرزها التجربة العلمية الشهيرة التي أجراها العلماء على زهرتين، الأولى أشبعوها بالحب والحنان وطيب الكلام، فنمت وأشرقت واخضوضرت وزهت، والثانية أوسعوها شتما وصراخا وتوبيخا، فخبت واضمحلت وانزوت إلى زوايا الفناء. وفي العمل يهرب الموظفون والزبائن من الموظف السلبي هروب النوم من عيون الشاعر العاشق، ويطوف الموظفون والزبائن حول الموظف الإيجابي صاحب اللسان العسلي، طواف الأطفال الصغار حول أمهم الرؤومة”.

أما عن تأثير الرياضة أو النشاط البدني في تعزيز الطاقة الإيجابية لدى الأفراد، فيقر الأكاديمي والإعلامي السوري بأنه على كل فرد أن يركض بجسمه ويركض بروحه ويركض بعقله، ركض الجسم يساعد على حرق الدهون، ركض الروح يساعد على اعتلاء منابر الصفاء، ركض العقل يجعل المرء مرنا وقادرا على الإبداع والابتكار.

رسالة إنسانية

كتب تؤسس للتفكير الإيجابي
كتب تؤسس للتفكير الإيجابي

أحمد طقش شاعر له مؤلفات عديدة، نسأله كيف يمكن للشعر أن يؤثر على الطاقة الإيجابية للأفراد؟ وهل يمكن أن يكون الشعر وسيلة لتعزيز الطاقة الإيجابية أو تحويل الطاقة السلبية إلى إيجابية؟ فيقول “الشعر هو البعد الجمالي للكون، قيثارة الهدوء، ومرآة السماء، وسنابل الذهب، ومشاتل الحنين، الشعر الإيجابي يحمل السامع إلى سماوات الانفتاح والانعتاق والتحليق إلى عالم لا يحده حد ولا يعده عد، يقول بعض الشباب إنهم يهربون إلى سماع الأغاني لتعديل أمزجتهم، يقصدون الانتقال من السلبية إلى الإيجابية، وما الأغاني الإيجابية سوى قصائد شعرية محلقة، ترفع من يتأملها من أراضي الكسل والخنوع والإحباط إلى فراديس السمو والمجد والسؤدد”.

أما عن رؤيته لتأثير المشهد الإعلامي العربي اليوم، وهل يسهم الإعلام في تعزيز الطاقة الإيجابية؟ فيرى طقش أن المشهد الإعلامي العربي اليوم واقع على الأرض وبحاجة إلى إعلاميين مميزين كي ينتشلوه من عرجه ليعود ويمشي صحيحا بين الناس.

 ويضيف “الإعلام السلبي يسهم في تعزيز الطاقة السلبية، والإعلام الإيجابي يسهم في تعزيز الطاقة الإيجابية. لا بد من إعلامي إيجابي يروج للمكارم لا للمكاره، سافرت إلى باريس وأطلقت مبادرة ‘الإعلامي الأبيض’ بهدف تنظيف الإعلام العربي مما علق به، وقد لاقت رواجا مذهلا في أعلى برجين في العالم: برج إيفل بفرنسا وبرج خليفة في الإمارات. شرحت فيها مفهوم الشهرة الخضراء ضد الشهرة الحمراء: نعم للإنارة لا للإثارة، لا تبع دينك من أجل متابعينك، الإعلام ليس أن يكون عندك إنستغرام، الإعلام أن تأخذ الأخبار من مصادرها”.

تعتبر دبي مدينة مثالية للكثيرين، ولها تأثيرها في تعزيز الطاقة الإيجابية لدى سكانها وزوارها، يعلق طقش “حبي لدبي ليس له مدى، ولا حدود ولا شواطئ، أحب دبي بمقدار حلاوة دبي، بمقدار قدرتها على مجاراتي بالقفز السنجابي عبر الماضي والحاضر والمستقبل. تعزز دبي الطاقة الإيجابية منذ اللحظة الأولى لزيارتها، في مطار دبي الدولي يستقبل الرجال رجلا عربيا وسيما طويلا بفنجان قهوة عربية، وتستقبل النساء امرأة حسناء تحمل وردة حمراء تشبه احمرار قلب دبي العاشق لكل زوارها من 222 جنسية و130 ديانة”.

نسأل أحمد طقش عن رسالته للعالم وهل وصلت برأيه؟ فيجيبنا شعرا يقول “وما من كاتب إلا سيفنى/ ويبقى الدهر ما خطت يداه/ فلا تكتب بكفك غير شيء/ يسرك في القيامة أن تراه”.

ويتابع “وصلت رسالتي بشكل نسبي حسب كل بلد عربي، أكرمني الله بإصدار 14 كتابا وإعداد وتقديم 2000 حلقة تلفزيونية، ودربت 250 دورة تدريبية في علوم الإعلام والعلاقات العامة، هناك من وصلته رسالتي عبر برامجي التلفزيونية وهناك من وصلته عبر برامجي التدريبية، وهناك من قرأ كتبي وهناك من قرأ مقالاتي في الدوريات العربية”.

13