أميمة عبدالعزيز: الكتابة إلهام وليست حرفة

في عالم تصوغ فيه الكلمات عوالم موازية بإيقاع القلب والعقل، تحضر الكاتبة والروائية والشاعرة المصرية أميمة عبدالعزيز واحدة من الأصوات الأدبية المتميزة التي نسجت حضورها الخاص بين الرواية والشعر والمقال، تتنقل بخفة وعمق، حاملة قضايا الإنسان، وهموم الوطن، وأحلام المرأة. “العرب” كان لها معها هذا الحوار لنقترب من تجربتها الإبداعية، ونسبر أغوار رؤيتها للكتابة والواقع الثقافي.
قدمت الكاتبة والشاعرة أميمة عبدالعزيز العديد من الأعمال الأدبية في مختلف الأجناس، إذ لديها عدة مجموعات قصصية تأثرت بعدة موضوعات منها الرومانسي مثل قصة “رسالة إلى جبران” و”زهور الحب لا تموت” وقصة “الخروج من التابوت”، عن حقوق المرأة، وعدد من القصص تسجل ما تتعرض له المرأة من ويلات الحروب، وبعض القصص ذات المغزى الفلسفي كقصة “حديث الزيتونة” و”الماراثون” و”خارج نطاق الزمن”، ومنها الكوميدي كقصة “سيجار مشتعل”.
كما تناولت في رواية “العفاريت الحمراء” مظاهر التطرف المناخي وكيفية استغلالها من قبل التطرف الفكري. وهناك عدد من قصص الأطفال التي تنشرها عبر الصحف والمجلات، أما في مجال الشعر فهي تحبذ التكثيف في القصائد القصيرة والرباعيات.
تتحدث أميمة عبدالعزيز لـ”العرب” عن بدايتها والطقوس الخاصة بها، تقول “بدأت الكتابة من باب القصة القصيرة، هي الأقرب لفكري، لمَا تتحلى به من صفات الإيجاز ووحدة الفكرة وهو الشكل الذي أراه يناسب إيقاع الحياة الآن. منذ بداية مشواري السردي وأنا لا أكتب كلمة واحدة إلا وأنا تحت تأثير مشاعر قوية، حين أرتدي معطف الشخوص وأعيش الحدث كأنه واقع، الكتابة بالنسبة إلي إلهام وليست حرفة.”
وبسؤالها هل تجد نفسها شاعرة أم قاصة أم كاتبة، تجيبنا “بالرغم من أن شيطان الشعر يتلبسني كثيرا إلا أنني وبعد تجربتي الروائية عدت إلى محراب القصة القصيرة، أراها ملاذي الآمن لتفريغ بوتقة المشاعر التي نعيش في أتونها المستعر كل يوم من خلال ما يدور حولنا كشرق أوسط مزدحم بالأحداث والمشاعر.”
ولدى سؤال “العرب” عبدالعزيز عن رأيها في ما يشاع عن القصيدة التي تكتبها المرأة ووسمها بأنها ومضات ونبضات آتية من الحلم تقول “بداية لا أجد في كتابة الشعر فرقا بين الرجل والمرأة، وكتبت رباعية بهذا المعنى، فالشاعر إنسان امتلك ناصية الحرف ومشاعر تقف خلفها تلح عليه، أما رأيي كامرأة تكتب الشعر فأنا في تكوين المجتمع، أحمل رسالة صالحة وأحمل مسؤولية الطمأنينة لمن حولي، لذا تجدني أكثر المخلوقات حساسية للخطر الواقعي وأكثر المخلوقات حلما لحياة كلها حب وسلام، بعبارة أدق أحتاج الحلم لتحمل الواقع، فتجدني أكتب عن الحرب والسلم والإرهاب والحب وأحث الجميع على التغيير والعودة إلى الرومانسية.”
يربط الكثيرون الأدب النسوي بحركة تحرير المرأة من سطوة الذكورية، نتطرق مع عبدالعزيز إلى رأيها حول إلى أي مدى أثر هذا الفكر في خفوت وقلة الأسماء الأنثوية قياسا للذكورية، لتقول “المرأة تعرضت للعنصرية من قبل الفكر الذكوري وبالتأكيد أثر ذلك كثيرا على ظهور نماذج تثري الميادين المختلفة من أدبية إلى علمية، فعندما تتقدم بعمل منفرد يتم السخرية منها والتقليل من قدراتها، وهذا مازال يقزم جهود المرأة في كافة المجالات، كما أن تبجيل الموروث في مواجهة الحداثة ومتطلباتها يقف عائقا إضافيا أمام المرأة.”
هناك من يرى أن الخطاب الشعري لدى المرأة عموما لا يزال متعثرا، وتعلق الكاتبة والشاعرة المصرية “الخطاب الشعري عمل فردي كما أسلفت، المقياس هو جودة العمل من حيث الفكر الذي يقدمه ثم الشكل ثانيا، تعثر المرأة إن وجد يقابله تعثر الرجل وهذا يخضع لقلة المخزون الثقافي والاهتمام فقط بالشكل على حساب المضمون.”
نسأل أميمة عبدالعزيز هل على الروائي أن يكون مطلعا على الأعمال العالمية بشكل مستمر؟ وهل يؤثر ذلك على مدى إبداعه؟ وكيف توفق بين كل هذه الأنواع الكتابية؟ فتجيبنا “في المجالات الأدبية يحتاج المبدع إلى التغذية العقلية والاطلاع على الجديد حتى تتكون لديه صورة واضحة عن أساليب الأعمال الروائية، ومن ثم يتخذ لنفسه أسلوبا خاصا به.”
وتتابع “أنا أيضا فنانة تشكيلية ولدي أسلوبان مختلفان في أعمالي، ربما يبدو الأمر صعبا أو غريبا بعض الشيء لكنني أتخيل عقلي مقسما إلى عدة غرف ولكل غرفة نافذة، كلما عصفت الريح به فتحت نافذة لتخرج عملا جديدا شعرا، نثرا أو عملا فنيا، في النهاية أستمتع بهذا التنوع.”
نسألها هل أنصف النقد نصوصها القصصية والروائية والشعرية؟ وهل تشعر بالرضى على مسيرتها الأدبية؟ وما هو طموحها الأدبي؟ لتجيبنا بأن النقد في مجمله مبني على قوالب يتم عرض الأعمال الأدبية عليها، وأصبح يهتم بالشكل على حساب المضمون وعلى حساب الحرية الواعية في الإبداع، بالطبع لن ينصف مثل هذا النقد امرأة مجددة، مضيفة “نعم أشعر بالرضا فقد ناقشت قضايا تهم فئات كثيرة لا تملك صوتا مسموعا، أما طموحي أدبيا فأتمنى أن تسود حرية التعبير والإبداع، وعلى المستوى الشخصي أتمنى أن أنقل كل خبراتي للشباب وأن يظل قلمي في صف الحق والحرية.”