قلة نشاط توماس كوك في المغرب تخفف أعباء انهيارها

وزير السياحة يتعهد بإنشاء صندوق دعم أو تعويض لقطاع السياحة في أقرب وقت للاهتمام بالمتضررين وتجاوز الأزمة.
السبت 2019/09/28
كبوة طفيفة يمكن نسيانها بسهولة

قلّلت الأوساط السياحية المغربية من تداعيات انهيار شركة توماس كوك البريطانية على السوق المحلية خاصة مقارنة بأسواق أخرى في المنطقة، بسبب قلة نشاط الشركة في المغرب الذي قطع شوطا طويلا في تنويع مصادر جذب السياح الأجانب.

الرباط - امتصت تصريحات المسؤولين المغاربة المخاوف من تداعيات أزمة إفلاس مجموعة توماس كوك البريطانية على السوق المحلية بالكشف عن قلة الأضرار المتوقعة.

وقال مسؤولون لـ”العرب” إن “القطاع لن يتأثر بشكل كبير بانهيار توماس كوك”، وأن الاستراتيجية الوطنية لتطوير الصناعة السياحية ستواصل تعزيز أركان القطاع على أسس مستدامة.

وأكد المكتب الوطني للسياحة أن حصة الشركة في سوق السياحة المغربي تقلصت كثيرا في السنوات الأخيرة لصالح العديد من الشركات التي تعمل عبر الإنترنت، إضافة إلى نجاح سياسات تنويع مصادر جذب السياح.

وقال رشيد دهماز، رئيس المجلس الجهوي للسياحة في أغادير لـ”العرب”، إن “قطاع السياحة المغربي لن يتأثر بهذا الانهيار لأن حصة توماس كوك في النشاط السياحي المغربي لا تتجاوز 0.8 بالمئة”.

وأوضح أن عدد السياح القادمين عبر الشركة من مختلف الجنسيات الأوروبية يبلغ نحو 150 ألف سائح سنويا وأن ذلك الرقم لا يمثل شيئا من عدد زوار المغرب، الذي يتجاوز 12 مليون سائح سنويا.

وقارن دهماز بحجم تأثر الأسواق الأخرى، مشيرا إلى أن سياح توماس كوك يمثلون 12 بالمئة بالنسبة لمصر ونحو 22 بالمئة بالنسبة لتركيا من إجمالي أعداد السياح.

وكان القلق قد تسرب إلى العاملين في القطاع بعد إعلان إفلاس المجموعة البريطانية الاثنين الماضي، لكن السلطات تحركت على عجل لتحديد حجم الأضرار وطمأنة القطاع.

وسارعت وزارة السياحة إلى تشكيل خلية أزمة لتتبع عمليا ترحيل الآلاف من زبائن توماس كوك، بالتنسيق بين موظفي الوزارة ومهنيي الكونفيدرالية الوطنية للسياحة وفرق من المكتب الوطني المغربي للسياحة.

وحسب المكتب الوطني المغربي للسياحة فقد التزمت توماس كوك، بجلب 102 ألف سائح من جميع الأسواق إلى المغرب في العام الحالي، فضلا عن تخصيص 50 ألف مقعد في رحلات جوية سياحية (شارتر) من بريطانيا وبلجيكا.

ومنذ بداية العام، لم تتمكن الشركة البريطانية من تنفيذ التزامات بنحو 40 بالمئة في ما يتعلق بعدد السياح، ولكنها نفذت 90 بالمئة بالنسبة للحجوزات على الرحلات القادمة من بريطانيا وبلجيكا، وعليه سيخسّر المغرب قدوم 41 ألف سائح للبلاد.

رشيد دهماز: السياحة المغربية لن تتأثر بانهيار شركة توماس كوك
رشيد دهماز: السياحة المغربية لن تتأثر بانهيار شركة توماس كوك

وتأثرت 10 فنادق فقط بمدينة أغادير من الأزمة، وتقدر خسائرها بنحو ثلاثة ملايين يورو، فضلا عن 2.5 مليون يورو من المنتجات السياحية الأخرى.

ويعتقد معز قاسم، الجامعي المختص في القطاع السياحي، أن إفلاس توماس كوك سيكون له أثر سلبي مالي على العديد من مسدي الخدمات ووكلاء الأسفار الذين تعاملوا مع تلك الشركة.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “الضرر المالي سينعكس على الكثير من الفنادق التي لديها مستحقات عن الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2019، كما سيكون هناك انعكاس سلبي السنة المقبلة على عدد الوافدين”.

وأجرى محمد ساجد، وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، زيارات ميدانية الأربعاء الماضي إلى كل من مراكش وأغادير، المدينتين المتأثرتين أكثر بانهيار توماس كوك، التقى خلالها مع مهنيي القطاع.

وكشف ساجد عن الاتصالات التي جرت مع البعثات الدبلوماسية المعنية من أجل ضمان رحلات العودة لهؤلاء السياح، وكذلك الإجراءات المتخذة لتفعيل صناديق الضمان المتواجدة في بعض البلدان.

وتعهد وزير السياحة بإنشاء صندوق دعم أو تعويض لقطاع السياحة في أقرب وقت للاهتمام بالمتضررين كي يتم تجاوز الأزمة، التي خلفها سقوط توماس كوك.

وأكد مسؤول بفندق كينزي بمراكش، لـ”العرب”، أن التأثير سيكون ماليا بالدرجة الأولى خصوصا للفنادق التي تتعامل مع توماس كوك.

واقترح المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إجراءات لتجاوز الأزمة خاصة منها توفير قروض بنكية يتم تسديدها على خمس سنوات ودون فوائد.

وقال “سنمر بمرحلة انتقالية، إذ سيتم البحث عن البديل إلى جانب الإجراءات القانونية للتعاطي مع ارتدادات سقوط توماس كوك في العشر الأشهر القادمة”.

وأضاف “توقعاتنا المالية للأشهر الثلاثة المقبلة قد انهارت، ويجب تعويض المتضررين.. هنا تكمن استراتيجية الحكومة لتعويض المتضررين”.

ولكن ساجد شدّد على أن الحكومة ومكاتب السياحة ستواكب أصحاب الفنادق المتضررة بكل من مراكش وأغادير في هذه الظرفية الصعبة.

وعقد المكتب الوطني للسياح مع جميع مندوبي السياحة بالخارج اتفاقا للتحرك بسرعة حتى يتم الحصول على المستحقات لدى الشركة بشأن إلغاء الحجوزات مع توماس كوك وتعويضها مع شركات أخرى.

ويؤكد دهماز أن المشكلة المطروحة هي كيفية التعامل مع سوق السياحة في المستقبل ومع الزبائن الذين حجزوا بالفنادق من الفترة الفاصلة بين شهري نوفمبر وأبريل المقبلين.

وتهدف استراتيجية المغرب لتطوير الصناعة السياحية إلى مضاعفة حجم القطاع بحلول العام المقبل، ورفع المداخيل إلى 15 مليار دولار سنويا، مع تنويع المنتوج السياحي والنهوض بوجهات سياحية جديدة.

ووفق تصنيف مؤسسة ترافلز تشويس المتخصصة في السياحة لعام 2019، فقد جاءت مراكش في المرتبة التاسعة نظرا للإقبال المتزايد عليها من طرف السياح وخاصة البريطانيين، إذ كانت توماس كوك تؤمّن خطا جويا يربط بين مانشستر ومراكش.

10