قلب الدين حكمتيار أمير حرب يطمح لرئاسة أفغانستان

حكمتيار يتهم المرشح الأول والرئيس الحالي أشرف غني بإساءة استخدام سلطته في سعيه للفوز بولاية أخرى.
الخميس 2019/09/26
قلب الدين حكمتيار من حليف أميركي إلى إرهابي في أعين واشنطن

كابول - من حليف أميركي إلى إرهابي في أعين الولايات المتحدة، ثم مرشحا رئاسيا بارزا في استطلاعات الرأي، يرتبط ماضي قلب الدين حكمتيار ارتباطا وثيقا بتاريخ أفغانستان المضطرب بأربعة عقود من الحرب.

وفي مقابلة أجريت معه في العاصمة الأفغانية هذا الأسبوع، حذر حكمتيار، البالغ من العمر 71 عاما، من انتشار مزيد من العنف إذا لم تكن الانتخابات المقبلة حرة ونزيهة، متهما المرشح الأول والرئيس الحالي أشرف غني بإساءة استخدام سلطته في سعيه للفوز بولاية أخرى.

ومن المقرر أن تجرى انتخابات الرئاسة الأفغانية، في 28 سبتمبر الجاري، وتتنافس فيها 18 شخصية، أبرزها الرئيس الحالي أشرف غني، والرئيس التنفيذي عبدالله عبدالله، إضافة إلى زعيم الحزب الإسلامي رئيس الوزراء الأسبق قلب الدين حكمتيار، ومستشار الأمن القومي السابق محمد حنيف أتمر.

متحدثا باللغة البشتوية، لغته الأصلية، حذر حكمتيار من أزمة لن تتمكن حتى الولايات المتحدة من حلها بسهولة. وقال إنها ستخيم على البلاد إذا غرقت الانتخابات في مزاعم الاحتيال كما حدث قبل خمس سنوات. وقال “سوف يخرج الوضع عن سيطرة الجميع ولن تتمكن الحكومة والقوات الأجنبية من إيقافه”.

وقبل أيام قليلة من استطلاعات الرأي، تزايد القلق بشأن شفافية التصويت وانتشرت الروايات التي تدعي إساءة أشرف غني استخدام سلطته.

في حين تعد فرصة حكمتيار ضئيلة، إلا أنه يبقى خيار العديد من الجماعات العرقية في أفغانستان. ومثله مثل غني، ينتمي إلى البشتون، مما يعني قدرته على افتكاك الأصوات من قاعدة الرئيس الحالي، مما سيفرض دورة ثانية للانتخابات.

وقال نائب مدير برنامج آسيا في معهد السلام الأميركي، أندرو ويلدر “إلى جانب بعض مرشحي البشتون الصغار الآخرين، يمكن أن يفوز حكمتيار بما يكفي من الأصوات من قاعدته البشتونية إلى حد يمنع غني من تسجيل الحد الأدنى اللازم لتحقيق نصر من الدورة الأولى، والبالغ 50 بالمئة”.

هرب حكمتيار من أفغانستان عندما تولت طالبان السلطة سنة 1996 وعاش في المنفى في إيران حتى سنة 2001 ليعود إلى وطنه عندما أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بطالبان. عاد إلى أفغانستان وحشد قواته في الجبال للقتال ضد قوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى أن صنفته واشنطن ضمن الإرهابيين سنة 2003.

لا يريد حكمتيار أن تتولى امرأة منصب رئيس القضاة حيث يبدو أكثر تحفظا من طالبان التي قالت إن المرأة يمكن أن تكون قاضية

في سنة 2016، توسط في إبرام اتفاق سلام مع غني. حينها، كان البعض يأمل في أنه سيمثل اتفاقا مع مقاتلي طالبان. لكنه لم يكن كذلك.

حصل حكمتيار، الذي صنف يوما كحليف للولايات المتحدة، على نصيب الأسد الأكبر من الأموال الأميركية التي أنفقت لتمويل الحرب الأفغانية ضد الاتحاد السوفيتي في الثمانينات.

كما ساعدت واشنطن أحمد شاه مسعود، الذي قتل في تفجير انتحاري في 9 سبتمبر 2001 أي قبل يومين من الهجوم الإرهابي الأبرز على الولايات المتحدة، على قتال الجيش السوفيتي.وكانت واحدة من آخر معارك الحرب الباردة قبل انهيار الاتحاد السوفيتي سنة 1990. انسحب الجيش الأحمر من أفغانستان في 1989.

وبعد ثلاث سنوات، انهارت الحكومة الموالية للشيوعية في أفغانستان وانتصر المجاهدون المدعومون من الولايات المتحدة مثل حكمتيار ومسعود.

ثم انقلب المجاهدون ضد بعضهم البعض، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 50 ألف مدني خلال فترة حكمهم التي استمرت أربع سنوات. ومهّد ذلك الطريق لاستيلاء طالبان على السلطة.

وعلى مقربة من منزل حكمتيار، يقع قصر دارولامان القديم في كابول محاطا بجدران الحماية من الانفجار التي يبلغ طولها 20 قدما. حيث أعيد بناؤه بعد تعرضه لقصف صاروخي خلال الحرب الأهلية.

ومنذ تبنيه اتفاق السلام وعودته إلى العاصمة الأفغانية، تجنب حكمتيار أي اشتباك مع أمراء الحرب الكثيرين في البلاد. لكن المراقبين الدوليين والوطنيين يقولون إن جميع أمراء الحرب السابقين يحتفظون بالسلاح، مما يعني أن العنف احتمال دائم. كمرشح محافظ، يتبع حكمتيار نموذجا راديكاليا للإسلام. ويريد الحد من دور المرأة ومشاركتها في المجتمع رغم أنه قال إنه يختلف عن طالبان. لكنه أشار إلى أنه يؤيد تعليم الفتيات بما يتماشى مع المبادئ الإسلامية.

وبدا أكثر تحفظا من طالبان التي قالت إن المرأة تستطيع أن تكون قاضية دون أن تترقى إلى منصب رئيس القضاة. لا يريد حكمتيار أن تتولى امرأة منصب رئيس القضاة، ولا يريد أن تحكم على جرائم قتل “لأنها لطيفة لدرجة أنها لن تستطيع الحكم على قاتل بالإعدام”.

وقال مايكل كوغلمان، وهو نائب مدير برنامج آسيا في مركز ويلسون الذي يقع مقره في واشنطن، إن حكمتيار يمثّل تذكيرا على غياب القدرة على تجنب العنف. ويرى أنه واقع يدعمه انتشار الفصائل المسلحة في أفغانستان.

وأضاف كوغلمان “بوجود العديد من الفصائل التي تتمتع بعدد من المؤيدين المسلحين في وقت تمر فيه أفغانستان بفترة سياسية متقلبة، ومع وجود مخاطر نظرا إلى الغموض المحيط بمستقبل تواجد القوات الأميركية وطبيعة محادثات السلام، يعتبر خطر العنف حقيقيا. ولن يتغير هذا بفوز حكمتيار أو هزيمته”.

5