قروض لبنان المضطربة في مرمى نيران المحاكم

صندوق النقد الدولي يؤكد أن لبنان أصدرت سندات دولية بنحو 15 مليار دولار منذ أكتوبر 2014 دون استخدام تلك الشروط.
الخميس 2019/11/28
مشاورات للخروج من الأزمة

تواجه السندات السيادية اللبنانية في ظل استمرار الضبابية السياسية، التي تلقي بظلال قاتمة على الأوضاع الاقتصادية للبلاد، مخاطر التعرض للملاحقة من طرف المحاكم الدولية في حال رفض الدائنون إعادة هيكلة تلك القروض.

بيروت - اعتبر محللون أن أي محاولة لبنانية لإعادة هيكلة للديون السيادية ستزيد الأمور تعقيدا على الأرجح في ظل غياب شرط قانوني شائع يمنع حملة السندات من عرقلة المفاوضات في المحاكم.

ويأتي هذا التخوف في ضوء إشارات الإنذار التي تطلقها سندات لبنان من أزمة ديون سيادية تلوح في الأفق.

ويعتبر لبنان من بين عدد قليل من الدول إلى جانب البهاما وأذربيجان ومقدونيا وبولندا التي لا تستخدم ما يسمى بشروط العمل الجماعي المحسن، في الإطار القانوني الحاكم لمبيعات سنداته في الآونة الأخيرة.

أسامة هيماني: لبنان لم يتعلم من درس تخلف الأرجنتين عن السداد
أسامة هيماني: لبنان لم يتعلم من درس تخلف الأرجنتين عن السداد

ووفق صندوق النقد الدولي، أصدر البلد المأزوم سندات دولية بنحو 15 مليار دولار منذ أكتوبر 2014 دون استخدام تلك الشروط، أي أكثر من أي بلد آخر.

وتُيسر مثل تلك الشروط التي يشجع عليها صندوق النقد المضي قدما في إعادة هيكلة ديون الدول عن طريق تمكين غالبية الدائنين من الاتفاق على تعديل شروط السداد في العقد أو إعادة هيكلة الدين، متجاوزين أي عقبات قد يضعها دائنو الأقلية الذين قد يفضلون التقاضي.

ويعني غياب هذه الشروط عمليا أن يتعين على المدين نيل موافقة بالإجماع على أي إعادة هيكلة، مما يمكن أن تستغله صناديق المضاربة كثيرة التقاضي والساعية لعرقلة أي حل عن طريق المطالبة بمدفوعات مشفوعة بأحكام قضائية.

ويعاني لبنان من أشد أزماته الاقتصادية منذ الحرب الأهلية وسط احتجاجات مستمرة منذ منتصف الشهر الماضي.

وأعلنت السلطات مرارا التزامه بسداد أي سندات بالعملة الصعبة في موعدها، بما في ذلك 1.5 مليار دولار تستحق اليوم الخميس.

لكن مع تراجع أسعار سنداته الدولارية إلى أقل من نصف قيمتها منذ اندلاع المظاهرات، فإن مراقبين ماليين يعتقدون أن لبنان قد يحتاج إلى إعادة هيكلة ولو جزء من سنداته القائمة البالغة 86 مليار دولار لكي يرسي أوضاعه المالية على أسس مستدامة.

ونسبت وكالة رويترز لمدير الاستثمار في باركفيو أدفيزرز، وهي شركة لإدارة الثروة والأصول ليست لها استثمارات في لبنان، أسامة هيماني، قوله إن “لبنان لم يتعلم من دروس تخلف الأرجنتين عن السداد في 2001، إذ بوسع عدد صغير من حملة السندات أن يعطل عمليا إعادة الهيكلة عن طرق التقاضي”.

وأضاف “سيتعين على لبنان أن يظهر أن معاملة حملة كل سند تضاهي الآخرين، وإلا فإن ممانعات الأقلية قد تتحدى العملية قضائيا”.

وكانت الأرجنتين مرت بإعادة هيكلة طويلة شابتها الفوضى بعد تخلفها عن سداد ديونها، لأسباب منها أن عددا قليلا فحسب من سنداتها في ذلك الوقت كان يتضمن مثل تلك الشروط، مما فتح الباب لصناديق التحوط ودائنين نشطاء آخرين للسير في طريق التقاضي.

ومع تأهب الأرجنتين لإعادة تفاوض جديدة بشأن ديونها، فإن غالبية سنداتها الجديدة تحوي شروط العمل الجماعي المحسن هذه مما يعني إمكانية المضي في إعادة الهيكلة في حالة موافقة ثلثي حملة الدين أو ثلاثة أرباعهم.

ولم تكلل جهود لإدراج تلك الشروط في سندات لبنان في العام 2016 بالنجاح بسبب التعقيدات السياسية الناشئة عن فراغ حكومي، حسبما قاله مصدر مالي مطلع.

وقال مصدر مالي لرويترز، والذي أشار إلى عدم إصدار لبنان سندات دولية منذ 2017، إن “غياب شرط العمل الجماعي المحسن يفرض عليه التفاوض بشأن كل من سلاسل سنداته على حدة إذا كان له أن يمضي صوب إعادة الهيكلة”.

ويشدد صندوق النقد على أن مثل تلك الشروط تسهم عموما في خفض تكاليف الاقتراض ويمكن أن تقدم مساعدة عملية للدول منخفضة التصنيف في خضم فترة صعوبات بالسوق.

لكن آخرين يقولون إنها لا تخلو من أوجه قصور. وعلى سبيل المثال، في الأوضاع التي يسعى فيها المقترض لإعادة هيكلة كتلة كبيرة من التزامات ديونه فإنه سيتعين عليه مخاطبة كل مجموعة من حملة السندات على حدة.

ونحو ثلثي الدين الأجنبي للبنان في حوزة البنوك المحلية وفقا للتقديرات، لكن البقية مع أسماء أجنبية.

وبحسب بيانات رفينيتيف، فإن من بين حملة سندات لبنان بنهاية سبتمبر هناك أموندي وإنفسكو وجيه.بي مورغان وألاينس برنشتاين وفيديلتي.

ومن غير الواضح من يحمل الدين القائم حاليا بعد قلاقل داخلية وتراجعات حادة في أسعار السندات لأسابيع.

10