"قد أدمّرك" مسلسل بريطاني يحرر ضحايا الاعتداء الجنسي من الخوف

المسلسل يروي قصة شابة سوداء تعرّضت للاعتداء الجنسي أثناء وجودها في حانة.
الاثنين 2021/06/07
المسلسل يقدّم تجربة علاجية لضحايا الاعتداء الجنسي

لندن - حاز المسلسل التلفزيوني البريطاني “قد أدمّرك” (آي ماي ديستروي يو) الذي يصوّر تأثير اعتداء جنسي على شابة، إشادة ناجين وناجيات من عنف جنسي في الحياة الواقعية.

ويروي المسلسل قصة مدوّنة وروائية شابة سوداء ناجحة تجمع تفاصيل الاعتداء الذي تعرّضت له أثناء وجودها في حانة في لندن مع أصدقاء لها.

وتدور أحداث السلسلة حول الشجاعة والصراحة والاستفزازية للموافقة الجنسية في الحياة المعاصرة، وفي المشهد الحديث للتاريخ والعلاقات، حيث يجب على الأشخاص التفريق بين الحب والاستغلال.

ويتتبّع المسلسل حياة أرابيلا إسييدو (ميكاييلا كويل)، وذلك بعد فوزها بقطعة من الكتابة التي اكتسبت إعجابا على شبكة الإنترنت، وبالتالي وجدت نفسها مشتتة وغير ملتزمة ولا تهتم بأي شيء، وبسبب فوزها تجد نفسها صوت جيلها، مع وكيل، ولجنة كتاب، بعد تعرّضها لاعتداء جنسي في ملهى ليلي، ممّا غيّر حياتها بشكل لا رجعة فيه، وأجبرت أرابيلا على إعادة تقييم كل شيء: حياتها المهنية وأصدقائها وحتى عائلتها، وبينما تكافح الفتاة للتصالح مع ما حدث، تبدأ رحلة اكتشاف الذات.

وقال كاران تريباثي، وهو شاب هندي يبلغ من العمر 25 عاما تعرّض لتحرش جنسي في العمل، إن المسلسل “غيّر حياتي”. وأضاف أنه فقط بعد مشاهدة العرض أدرك أنه كان ضحية اعتداء جنسي.

المسلسل يروي قصة مدوّنة سوداء ناجحة تجمع تفاصيل الاعتداء الذي تعرضت له أثناء وجودها في حانة بلندن

وهذا المسلسل الذي عرض على “بي.بي.سي” و”إتش.بي.أو” عام 2020، كتبته وأخرجته ميكاييلا كويل التي تؤدّي دور بطلته أرابيلا، وهو يرتكز إلى حد كبير على تجارب الحياة الخاصة بكويل.

وفي 12 حلقة تتضمن مشاهد قوية، صوّرت كويل بشكل صريح دون الاكتراث بالمحرمات، مواجهات عادية لكن عنيفة. ويثير المسلسل أسئلة حول فكرة الموافقة الجنسية، خصوصا في مجتمع المثليين، ويضرب على وتر حسّاس مع ناجين من العنف الجنسي.

وأشار تريباثي إلى أن العرض ساعده في إدراك أنه كان ضحية بعدما تحرش به رئيسه في العمل وطلب منه خدمات.

وروى تريباثي وهو مثلي “كنت أتساءل عمّا إذا كان ذلك فعلا اعتداء جنسيا، لأنني في تلك اللحظة كنت أتجمّد، لم أستطع ببساطة القيام بأي شيء، لم أستطع المقاومة”.

وأضاف “ساعدني المسلسل في الإجابة على هذا السؤال”، لافتا إلى عدم وجود اعتراف قانوني في الهند بأن الرجل يمكن أن يتعرض للتحرش الجنسي.

وقال إن المسلسل “منحني الشجاعة للتحدّث عن أمور كانت تجعلني عرضة للخطر”، مضيفا “أعطتني صوتا وأعطتني لغة وأعطتني تعابير لأتحدّث عن التحرش الجنسي”.

وعلم تريباثي بالمسلسل من خلال مناقشة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعدما فشل في الحصول على أي ترشيح لجوائز “غولدن غلوب” الأميركية في مارس لماضي، رغم الدعوات للمزيد من التنوّع. ومع ذلك، رشّح المسلسل لست فئات في جوائز “بافتا”.

ورشّحت كويل عن فئة أفضل ممثلة، فيما رشّح بابا إسييدو عن فئة أفضل ممثل لتأديته دور صديق مثلي لأرابيلا والذي تعرّض هو أيضا لاعتداء جنسي خلال مواعدة رتّبت عبر تطبيق “غريندر”.

وقالت ماري ألبير وهي صحافية وناشطة نسوية فرنسية تبلغ 26 عاما، إن المسلسل نال الإشادة عن جدارة.

وأوضحت “لا أتذكّر أنني شاهدت عرضا ملهما بهذا المقدار من قبل”، مضيفة أنه جعلها “تشعر بأن هناك ما يبرّر المطالبة بالعدالة” بشأن الاعتداءات الجنسية التي تعرّضت لها.

ولفتت ألبير إلى أنها بعد مشاهدة العرض، استجمعت الشجاعة للإبلاغ عن اعتداءات تعرّضت لها في فبراير، مدركة أنها “لن تستطيع العودة إلى حياتها كما كانت” قبل التحدّث عن ذلك. وأبلغت ألبير عن حالات عنف منزلي واعتداء جنسي وتحرش في العمل.

المسلسل التلفزيوني البريطاني يصور تأثير اعتداء جنسي على شابة، ويمثل تجربة علاجية لضحايا العنف الجنسي

كما ذكرت أنها تعرّضت للاغتصاب، وهو أمر أدركته فقط أثناء مشاهدة حلقة من المسلسل يُزيل فيها شريك البطلة الواقي الذكري أثناء ممارسة الجنس دون علمها.

وقال ناطق باسم جمعية “صندوق الناجين” (ذي سورفايفرز تراست) البريطانية التي تقدّم مساعدة للأشخاص الذين تعرّضوا لاغتصاب واعتداء جنسي، إنه فيما يستخدم العنف الجنسي “بشكل كبير كأداة لإثارة الدراما”، فإن هذا المسلسل “مفيد وملهم للناجين”.

وأضاف أن المسلسل يصوّر بطلته أرابيلا على أنها “غير مثالية وواقعية” بدلا من جعلها “صورة نمطية نموذجية للضحية”.

وأوضح أن خاتمة المسلسل هي “تجربة علاجية” تبعث برسالة مفادها أنه “رغم أننا لا نستطيع تغيير الأحداث التي نتعرّض لها، يمكننا تجاوزها بطريقتنا الخاصة”.

وقالت ألبير “إنها ليست حالات اغتصاب نمطية، بل مواقف مررت بها”.

وأشاد تريباثي بالمسلسل لتصويره الأحداث بطريقة “حقيقية” و”كما هي”، مضيفا أن العرض “يتجاوز الثقافات”.

وميكاييلا كويل كاتبة ومخرجة مسلسل “قد أدمّرك” ممثلة وكاتبة سيناريو ومخرجة ومنتجة بريطانية ولدت في الأول من أكتوبر عام 1987 لأبوين من غانا وترعرعت في تاور هاملتس من قبل والدتها، درست في مدرسة “غيلهالد” للموسيقى والدراما، حصلت على منحة لورانس أوليفير، وتخرّجت في العام 2012، وبعدها بعام ظهرت لأول مرة على مسرح بوش، ثم انتقلت لاحقا إلى المسرح الوطني، وفي العام 2017 شاركت في الجزء الرابع من مسلسل “مرآة سوداء” البريطاني.

17