قديس بمرتبة إنسان

الخميس 2016/06/09

إذا كنت من الذين يعتقدون أن لا عمل لديك ولا هدف لك في الحياة، فأنت مخطئ، إذ ما عليك فقط إلا أن تستمع للذين يحاولون أن يثبتوا أن محمد علي كلاي كان شيعيا أو سنيا.

فجأة سقط، من ذاكرتهم المعطوبة أصلا وألسنتهم “البطل” اللندني صادق خان، الذي كان مصدر فخرهم بالأمس القريب، وانهالوا بالمديح على “القديس” محمد علي كلاي. انشغلوا بالتنقيب في مذهبه ومعتقداته بل تباروا في نشر صور له أثناء صلاته. في صورة يصلي مع الشيعة وفي أخرى يصلي مع السنة.

فمحمد علي كلاي لم يكن ليحظى بهذا القدر من التقديس والتبجيل لو لم يكن مسلما.

كان محمد علي بطلا ليس لأنه مسلم فقط، بل لأنه مثل المهاتما غاندي ونيلسون مانديلا وتشي غيفارا دعاة حرية وعدل وسلام.

العديد من الذين سجدوا له ومجدوه لم يعرفوا أنه كان يتبع سياسة اللاعنف، التي استمدها من الإسلام. فقد أخذ من الدين روحه ولم يهتم لقشوره لم يطلق لحية ولم يغط بناته ولم يحبس نفسه في مسجد.

هو الذي قال إن الأبطال لا يصنعون في صالات التدريب، الأبطال يصنعون من أشياء عميقة في دواخلهم هي الإرادة والحلم والرؤية، لقد نفذ ما آمن به بحذافيره.

لكن ماذا لو كان محمد علي كلاي عربيا؟

كان إسلامه سيعتبر “دياثة” بمنطق الكثيرين ولتتبع الناس سقطاته.. لوقف رجال الدين في وجهه وقالوا الضرب حرام وكشف عورته حرام وهو مبتدع.. كما أن له ابنة تحترف الملاكمة ولا يحق لنا أن نفخر به! ولكانت ضاعت كل هذه الدعوات بالجنة في تصنيفه إما ليبراليا وإما جاميا وإما صوفيا.

ربما لم يكن ليحقق ما حققه من مجد وشهرة أصلا، لربما كان حارس بناية.

في الواقع إن غير المسلم إذا أسلم، لا يكون طائفيا حتى يلتقي بعربي من أبناء جلدته!

هنيئا لمحمد علي الأميركي أنه ولد في دولة علمانية حرة. هو الذي سئل يوما: كيف تريد أن يتذكرك العالم؟ فأجاب: أريد أن أموت كرجل لم يبِع شعبه أبدا.

هنيئا لمحمد علي كلاي الأميركي فهو ليس بعربي ولا شرق أوسطي وإلا لما رضيت عليه السنة ولا الشيعة ولا بكوه وتسابقوا لنعيه.

لقد خدم محمد علي الإسلام أكثر مما فعل العديد ممن يدّعون أنهم دعاة للدين الإسلامي.

أكدت وفاة الملاكم أميركي الجنسية أن الإسلام رسالة ليست محصورة في التشدد أو إطالة اللحى أو تقصير الثوب. فإذا كنت عنصريا أو طائفيا لا تتفاخر بهذا الرجل.. وكفى!

24