قال العتيبة ما يحتاجه العرب أكثر من الإسرائيليين

كان خطاب العتيبة واضحا وهو في ذلك يحقق خرقا داخل إسرائيل التي يعتمد اليمين فيها على فكرة مضللة عن العرب كونهم لا يرغبون في السلام ويخططون لفناء إسرائيل.
الجمعة 2020/06/19
مقال العتيبة انسجم مع الثوابت العربية من أجل الحفاظ على الحق الفلسطيني

في مقال نشره في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية كتب سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن يوسف العتيبة “إن الضم هو عمل أحادي واستيلاء غير قانوني على الأراضي الفلسطينية ويمثل تحديا للإجماع العربي والدولي حول حق الفلسطينيين في تقرير المصير”.

تلك ليست وجهة نظر شخصية، بل هي تجسيد لموقف لم تتخذه دولة الإمارات وحدها بل وأيضا جميع الدول العربية المعنية بشكل مباشر بالقضية الفلسطينية. وهو موقف سياسي لا يحتمل التأويل ولا يدخل في مجال المزايدات وينسجم مع المبادرة العربية للسلام، التي تقدمت بها المملكة العربية السعودية عام 2002 وحظيت بإجماع عربي ودولي.

الجديد في الأمر أن العتيبة خاطب بشكل مباشر الرأي العام الإسرائيلي. ذلك ما يحتاجه العرب؛ أن يكون لهم مَن يناصرهم في قضيتهم العادلة داخل المجتمع الإسرائيلي. وليس من باب التكهن القول إن هناك فئات واسعة داخل المجتمع الإسرائيلي تميل إلى خطاب السلام العربي المعتدل وهذه الفئات تحتاج إلى مَن يشجعها من العرب على المضي في طريقها الشائك.

يحتاج الإسرائيليون المعتدلون إلى من يقف معهم ويخاطبهم بلغتهم في نضالهم ضد السياسة العدوانية التوسعية التي تنتهجها حكومتهم. وهي سياسة لا تنفع على مستوى البحث عن قواسم سلمية مشتركة مع الفلسطينيين. يدرك أولئك الإسرائيليون أن الاستمرار في السياسة التوسعية على حساب الفلسطينيين من شأنه أن يجعل بلادهم في حالة حرب دائمة.

وليس صحيحا أن الاتفاقات الموقعة بين إسرائيل ودول عربية محيطة بها قد أنهت حالة اللاحرب واللاسلم التي عاشتها المنطقة عبر العقود الماضية. فإسرائيل لم تتصرف في ظل حكوماتها اليمينية بطريقة مسؤولة. ذلك ما شجع قيام تنظيمات إرهابية مثل حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية، التي وجدت في السلوك الإسرائيلي دعامة لوجودها وحجة لتضليل الرأي العام العربي وابتزازه عاطفيا بعيدا عن الحقائق العملية التي يمكن من خلال العودة إليها إدارة الصراع بأسلوب سياسي.

ذلك ما أشار إليه العتيبة بطريقة لا تقبل اللبس.

إسرائيل لم تتصرف في ظل حكوماتها اليمينية بطريقة مسؤولة
إسرائيل لم تتصرف في ظل حكوماتها اليمينية بطريقة مسؤولة

فالتطبيع، وهو مصطلح صار يُستعمل لغرض التضليل والمزايدة، هو من وجهة نظر الكاتب، وذلك هو موقف دولته، لا يمكن أن يتم على حساب الحق الفلسطيني. كان الدبلوماسي الإماراتي واضحا في موقفه. أما الترويج لفكرة أن النشر في صحيفة إسرائيلية هو نوع من التطبيع فذلك ما يكشف عن الجهل السياسي وغلبة العاطفة الشعبوية على التفكير العقلاني.

وفي كل الأحوال فإن العتيبة لم يخترق محظورا. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن دولة الإمارات وهي أكثر الدول العربية حظوة لدى واشنطن لا تتبنى النفاق السياسي من أجل التقرب من إسرائيل.

كان خطاب العتيبة واضحا على مستوى الشريحة الاجتماعية والثقافية التي يتوجه إليها. وهو في ذلك إنما يحقق خرقا داخل إسرائيل التي يعتمد اليمين الحاكم فيها على فكرة مضللة عن العرب كونهم لا يرغبون في السلام ويخططون لفناء إسرائيل تبعا لخطابات حزب الله.

مقال العتيبة يحتاجه العرب أكثر من الإسرائيليين.

ففي هذه اللحظة المفصلية من التاريخ الوطني الفلسطيني يحتاج العرب إلى النظر بعمق إلى جوهر ما يمكن الحصول عليه عمليا من أجل قيام الدولة الفلسطينية. تلك هي الخلاصة التي يقوم عليها مبدأ الأرض مقابل السلام. وهو مبدأ ليس من المعقول أن يظل عائما إلى الأبد.

مطالبة إسرائيل بأن تنفذ ما عليها من مسؤوليات تأكيدا لرغبتها في السلام هو ما يفرض عليها التخلي عن سياستها في ضم الأراضي الفلسطينية. ذلك ما ذهب إليه مقال العتيبة الذي كان منسجما مع الثوابت العربية من أجل الحفاظ على الحق الفلسطيني في إطار القانون الدولي.

9