فنانون سعوديون يحتفون بتراث بلدهم في عيده الوطني

يحتل الوطن مساحة كبيرة في إبداعات الفنانين التشكيليين السعوديين، الذين يحرصون على تجسيد المملكة بتاريخها وتراثها وطبيعتها الغنية بالمفردات والمشاهد التي مثلت على مر الزمان مصدر إلهام لفناني الشرق والغرب، وهو ما يظهر جليا في أعمال الفنانين، بينما يعيش الفن التشكيلي فترة ازدهار في المملكة.
في كل عام تقام العشرات من المعارض التشكيلية في السعودية، وهي تجمع ما أبدعه فنانو المملكة من أعمال يعبرون فيها عن حبهم لبلدهم، بجغرافيته وموروثه الثقافي الشعبي الثري، والخيل والبحر والصحراء ومنجزات الوطن وقيمه.
وقد عمت المشهد التشكيلي السعودي حالة من الحراك الفني الواسع خلال الأسابيع الماضية، وذلك بمناسبة احتفالات المملكة بيومها الوطني الـ92، وهي الاحتفالات التي تقام بين شهري سبتمبر وأكتوبر في كل عام، حيث امتدت المعارض التشكيلية من أوروبا مرورا بالولايات المتحدة وداخل مختلف مناطق المملكة ومدنها.
من بروكسل إلى مينيسوتا
تنظيم معارض فنية بين مختلف المدن والمناطق السعودية يقدم أعمالا تحتفي بتراث البلاد العريق وجغرافيتها الثرية
في العاصمة البلجيكية بروكسل نظمت سفارة السعودية معرضا تشكيليا بمشاركة الفنانات التشكيليات السعوديات أحلام المشهدي وليلى الجندان والدكتورة آمال الزهراني، وصاحبت المعرض عروض موسيقية وغنائية شارك في تقديمها من الفنانين والموسيقيين كل من إيمان قستي وخيران الزهراني ورياض العلي وفهد الجهني، بجانب عرض للأزياء التراثية من تصميم أميمة كنداسة.
وفي الولايات المتحدة استضافت ولاية مينيسوتا معرض الفن السعودي “زهبة”، الذي ألقى الضوء كما تقول الفنانة التشكيلية السعودية أمل القحطاني، المقيمة في الولايات المتحدة والمشاركة في المعرض، على فنون المنطقة الجنوبية في السعودية.
وأضافت القحطاني أن معرض “زهبة” أقيم ضمن مهرجان فني وثقافي، واستهدف تعريف المجتمع الأميركي بثقافة وفنون وحضارة وتاريخ المملكة العربية السعودية، وما تمثله من أهمية وما تحتله من مكانة في محيطها العربي والإسلامي وفي العالم أجمع.
ووفقا للفنانة القحطاني تم اختيار الأعمال الفنية التي عرضت بمعرض “زهبة” من خلال إحدى صالات العرض الأميركية المتخصصة، حيث اتسمت المعروضات بالتنوع والثراء، فيما لفتت ألواح النخيل والجريد التي نقلت من السعودية إلى المعرض مباشرة، والتي شكلت مجسمات فنية رفيعة، أعين الزوار الأميركيين.
ومن العاصمة البلجيكية بروكسل وولاية مينيسوتا الأميركية إلى المدن والمناطق السعودية التي استضافت مجموعة كبيرة من المعارض التشكيلية التي احتفت باليوم الوطني للمملكة، ومن بين تلك المعارض مجموعة المعارض التي أقيمت بحاضنة ريادة الإبداع، ومركز أدهم للفنون في مدينة جدة، وتضمنت معرض “روح الفرشاة” الذي أعدته الفنانة سارة السلطان والكاتبة إيمان شاطر، وشارك فيه عدد هام من الفنانين والفنانات.
وضم المعرض مجموعة من الأعمال الفنية التي دارت في فلك الوطن وتاريخه ورجاله وتراثه وعمارته، كما شهدت حاضنة ريادة الأعمال التشكيلية معرضا فنيا حمل عنوان “انعكاس”، وعبرت أعمال المشاركين فيه من أعضاء فريق “انعكاس” عن حبهم للوطن والذود عنه بكل غال ونفيس.
وفي مركز أدهم للفنون انتظم معرض تشكيلي حمل عنوان “اليوم الوطني”، وشارك فيه 30 فنانا وفنانة تشكيلية، واحتوى على 34 لوحة جسدت شموخ المملكة العربية السعودية وقيمها ومعالم نهضتها، وشاركت فيه مجموعة من فناني وفنانات المملكة.
وفي مركز أدهم للفنون أيضا، وبمناسبة اليوم الوطني، أقيم معرض فني شخصي للفنان جودت درويش، كما نظم غاليري “لمسة فن” معرضا تشكيليا ضم بحسب قول الفنانة التشكيلية السعودية سلوناس داغستاني أعمالا فنية عبرت عن حب الوطن وجسدت تراث المملكة ورسمتها وخطتها أنامل 17 فنانا وفنانة.
كما نظمت الفنانة التشكيلية السعودية مها ياسين، مؤسسة غاليري فنون المها، معرضا حمل عنوان “وطني العز والشموخ”، وذلك بمشاركة مجموعة من فناني المملكة الذين قدموا أعمالا فنية تفيض بمشاعر الحب والفداء للوطن.
جدة التاريخية
في مدينة جدة أيضا نظم غاليري “تناغم الفن” معرضين تشكيليين، الأول بعنوان “وطني الشامخ”، وأقيم بالمنطقة التاريخية في مدينة جدة، وذلك بالتعاون مع وزارة الثقافة، والثاني حمل عنوان “حب وانتماء”.
وقد احتوى المعرضان، كما تقول الفنانة التشكيلية السعودية مطلوبة قربان، على أعمال فنية لنخبة من كبار الفنانين التشكيليين الذين “رسموا تراث المملكة وعمارتها القديمة وملامح عزها وشموخها”.
وفي مدينة الخبر نظمت جماعة ألوان الشرقية “معرض طويق” الذي ضم 62 عملا فنيا، قدمها 45 فنانا وفنانة تشكيلية من رواد الفنون التشكيلية في المنطقة الشرقية والرياض.
المعرض الذي أشرفت على تنظيمه الفنانة عصمت المهندس، رئيسة جماعة ألوان الشرقية للفنون، شهد أيضا جلسة نقدية حول الأعمال المشاركة، تحدث فيها عبدالرحمن السليمان وعصام جميل، فيما تحدثت الكاتبة والفنانة فاطمة بوهزاع عن المعرض وما ضمه من أعمال وثقت تلك الصحاري والسهول والجبال التي في طويقها الهمة والإرادة والإصرار، والتراث والحضارة والتاريخ والقيم التي جسدت اللحمة التي جمعت المنطقة الشرقية والوسطى والغربية والشمالية والجنوبية في بوتقة وطنية واحدة.
المعارض الفنية السعودية في أوروبا وأميركا تسعى إلى التعريف بالفنون التشكيلة في البلاد وبثقافتها وفنونها وحضارتها وتاريخها
وفي المنطقة الشرقية نظم “ضاوي غاليري” معرضا فنيا حمل عنوان “الحياة ألوان”، وذلك بالتعاون مع الجمعية السعودية للإعاقة السمعية بالمنطقة الشرقية، وضم المعرض أعمالا لفنانات مبدعات من ذوي الإعاقة السمعية، واستهدف المنظمون من إقامته نشر الفن التشكيلي وتسليط الضوء على المواهب الفنية المتميزة من كل أطياف المجتمع السعودي.
وبحسب الفنانة مضاوي الباز، المديرة العامة لضاوي غاليري، ضم المعرض 177 عملا فنيا.
يذكر أنه مع النهضة الشاملة التي تشهدها المملكة، وتطبيق محاور وخطط ورؤية 2030 التي أولت اهتماما ورعاية كبيرة للحركة الثقافية والفنية، بدأ حضور فناني المملكة في المشهــد التشكيلــي المحلــي والعربي والدولي يتزايد يوما بعد يوم، وذلك بحسب قول الفنان التشكيلي السعودي هشان بنجابي، أحد رواد الفنون بالمملكة والعالم العربي، والذي أشاد بجهود وزارة الثقافة، وما قدمته رؤية 2030 من دعم لقطاعي الثقافة والفنون في السعودية.
وقد أسهمت حالة الحراك الفني الواسع بالمملكة في ظهور فنانين جدد بأعمال تثير الكثير من الدهشة لدى المتلقي، حيث برزت أسماء فنية عديدة امتلكت أدواتها الفنية بقوة، وقدمت أعمالا فنية لافتة جمعت بين الأصالة والمعاصرة، وبات الحديث لا ينتهي في أروقة المعارض والملتقيات الفنية العربية والدولية عن النهضة التشكيلية السعودية، وانتشار الثقافة والفنون البصرية على أرض المملكة.