فرنسا تعارض مساعي الحوار مع الجهاديين في مالي

رفض باريس الدخول في مفاوضات مع الجهاديين يجهض مساعي حكومة مالي الانتقالية التي لا تملك تقرير مسارات مفاوضاتها بمعزل عن دعم القوى الدولية.
الاثنين 2020/11/23
باريس تتمسك بمواصلة القتال في مالي

باماكو- تسعى الحكومة الانتقالية في مالي إلى استثمار الزخم الدولي الذي رافق الانفتاح الأميركي على حركة طالبان الأفغانية في الدخول في مفاوضات مباشرة مع الجهاديين، لكن مساعيها تلقى اعتراضا فرنسيا.

وذكر رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية مختار أوان أن “الحوار الوطني الشامل” -وهو مشاورات وطنية واسعة النطاق عُقدت في أواخر عام 2019 في مالي- “أشار بوضوح إلى ضرورة عرض الحوار مع التنظيمات الجهادية المسلحة”.

واعتبر أوان الذي عُيّن في أواخر سبتمبر في إطار المرحلة الانتقالية التي يُفترض أن تعيد الحكم إلى المدنيين خلال 18 شهرا، أنه يجب إيجاد في احتمال الحوار هذا “فرصة عقد محادثات واسعة النطاق مع المجتمعات بهدف تحديد ملامح حكم جديد للأراضي”.

أنطونيو غوتيريش يعتبر أن الحوار ممكن مع بعض المجموعات الجهادية في منطقة الساحل ولكن ليس مع الأكثر "تطرفا"

وقال إن “ذلك سيتطلّب تسلسلاً وتنسيقاً مع شركائنا خصوصاً أولئك الذين يتدخلون على الصعيد العسكري”، وفي مقدّمتهم فرنسا.

ويرى متابعون أن رفض باريس الدخول في مفاوضات مع الجهاديين يجهض مساعي حكومة مالي الانتقالية التي لا تملك تقرير مسارات مفاوضاتها بمعزل عن دعم القوى الدولية المؤثرة في المنطقة.

وأعاد التبادل الأخير الذي أجرته الحكومة المالية لحوالي 200 جهادي معتقل لديها مقابل أربعة رهائن، إحياء التكهنات بشأن استئناف الاتصالات مع الجهاديين.

وفي فبراير أعلن الرئيس المالي السابق إبراهيم أبوبكر كيتا، الذي أُطيح به في 18 أغسطس، فتح قنوات حوار مع بعض الجماعات المسلحة الجهادية.

إيمانويل ماكرون: مع الإرهابيين في الساحل الأفريقي، لا نتناقش بل نقاتل
إيمانويل ماكرون: مع الإرهابيين في الساحل الأفريقي، لا نتناقش بل نقاتل

ولم يُعرف الكثير من التفاصيل حول حقيقة هذه الاتصالات أو مضمونها، لكنْ أشار مؤخرا مبعوثه إلى وسط مالي ديونكوندا تراوري إلى أنه أرسل مفوّضين إلى قادة التحالف الجهادي المرتبط بتنظيم القاعدة الذي أفرج عن الرهائن.

ورغم تكبد فرنسا خسائر مادية وبشرية هائلة في مواجهة الجهاديين في مالي ومنطقة الساحل، تتمسك باريس بمواصلة القتال هناك وترفض الدخول في أي مفاوضات مع
المتطرفين.

وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة على المعارضة الكاملة لفرنسا، التي تملك حضوراً عسكرياً في الساحل، لأي مفاوضات مع الجهاديين، وهي مسألة تجري مناقشتها في المنطقة لاسيما في مالي.

وقال ماكرون في مقابلة مع مجلة “جون أفريك” “مع الإرهابيين، لا نتناقش، نقاتل”، في وقت لا يعارض فيه الاتحاد الأفريقي الدخول في مثل هذه المفاوضات التي تهدف إلى “إسكات الأسلحة” في منطقة الساحل، كما أن الأمم المتحدة أبدت انفتاحا حذرا على مساعي الحكومة المالية.

وتؤكد الضربة الأخيرة التي طالت جهاديين في مالي أن الخيار العسكري يبقى مفضلا لدى فرنسا التي أعلنت في الأيام الأخيرة عن عمليات منفصلة ضد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم الدولة الإسلامية، وأعلنت “تحييد” نحو مئة جهادي.

ويشير خبراء إلى أنه صار “من الواضح أن هذه الضربة الموجهة ضد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين هي طريقة للتعبير عن معارضة فرنسا لهذه المفاوضات المحتملة”.

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الحوار ممكن مع بعض المجموعات الجهادية في منطقة الساحل ولكن ليس مع الأكثر “تطرفا” كتنظيم الدولة الإسلامية.

التبادل الأخير الذي أجرته الحكومة المالية لحوالي 200 جهادي معتقل لديها مقابل أربعة رهائن، أعاد إحياء التكهنات بشأن استئناف الاتصالات مع الجهاديين

وقال في حديث لصحيفة “لو موند” الفرنسية “هناك مجموعات يمكننا التحاور معها ولديها مصلحة في التحاور لتصبح أطرافا سياسية مستقبلا”.

وتدارك “ولكن هناك من بلغ لديهم التطرف الإرهابي حدا لا يمكننا معه القيام بأي خطوة” وأعطى مثالا على ذلك تنظيم الدولة الإسلامية الغائب عن مباحثات السلام في أفغانستان.

ودعا إسماعيل شرقي مفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي، في 14 أكتوبر إلى “محاولة التحاور مع المتطرفين” في دول الساحل على غرار الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة وطالبان أفغانستان في 29 فبراير.

وأضاف شرقي أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية “قد يلهم الدول الأعضاء (في الاتحاد الأفريقي) (فكرة) البحث في إمكان محاورة المتطرفين وتشجيعهم على إلقاء أسلحتهم لاسيما أولئك الذين تم تجنيدهم قسرا”.

5