فرص ضئيلة لمقاومة وادي بانشير في التصدي لطالبان

أحمد مسعود يريد دعما دوليا وأسلحة لمواجهة المتمردين .
السبت 2021/08/21
هل يُنجز أحمد مسعود ما فشل فيه الجيش الأفغاني؟

فرص ضئيلة للمقاومة التي بدأت تتشكل في وادي بانشير للتصدي لحركة طالبان التي باتت تسيطر على أفغانستان حيث يُجهز نائب الرئيس السابق أمرالله صالح وأحمد مسعود ابن أحمد شاه مسعود، أحد رموز المقاومة الأفغانية ضد السوفييت وطالبان، للوقوف في وجه المتمردين في المنطقة التي كانت عصية عليهم شمال شرق العاصمة كابول في وقت سابق.

لندن - تصاعد الجدل بشأن حظوظ المقاومة المسلحة التي تنظم صفوفها في وادي بانشير في أفغانستان حول شخصيتين بارزتين هما نائب الرئيس السابق أمرالله صالح وأحمد مسعود ابن أحمد شاه مسعود، أحد رموز المقاومة الأفغانية ضد السوفييت وطالبان.

ويبدو أن فرص هذه المقاومة ضئيلة في الصمود أمام طالبان التي حققت مكاسب ميدانية سريعة مؤخرا انتهت بسقوط العاصمة كابول بيدها بعد انهيار الحكومة المدعومة من الغرب برئاسة أشرف غني الذي فر خارج البلاد.

وخلال الأيام الماضية حض مسعود في مقالات على المقاومة في وادي بانشير، مطالبا بدعم دولي ولاسيما أسلحة وذخائر من الولايات المتحدة.

وتعهد صالح بعد فرار غني بساعات بعدم الرضوخ لطالبان وانسحب إلى الوادي.

وظهر القائدان معا على شبكات التواصل الاجتماعي في لقطات توحي بأنهما يضعان حجر الأساس لحركة مقاومة ضد طالبان التي باتت تسيطر على أفغانستان.

جيل دورونسورو: أحمد مسعود لا يحظى بدعم قوي في أفغانستان خارج بانشير

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الخميس أن طالبان لا تسيطر على وادي بانشير الواقع شمال شرق كابول.

ويرى مراقبون أن هذه المقاومة تنحصر الآن فقط في الدعوات حيث لم تنشب اشتباكات على ما يبدو بين الطرفين، مشيرين إلى أن حظوظ المقاومة تبدو ضئيلة.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس الأولى “بانتيون سوربون” جيل دورونسورو المتخصص في أفغانستان والذي صدر له كتاب العام 2021 بعنوان “حكومة أفغانستان العابرة للحدود الوطنية – هزيمة متوقعة”، إن “المقاومة لا تزال شفهية في الوقت الحاضر لأن طالبان لم تحاول دخول بانشير”.

وشدد عبدالسيد الخبير السياسي في جامعة لوند في السويد على أن “طالبان تحاصر بانشير من كل جانب”.

وأفادت المنظمة غير الحكومية الإيطالية “إيميرجنسي” عن استقبال “عدد متزايد من جرحى الحرب” في المستشفى الذي تديره في وادي بانشير.

لكنّ فرنسيا يعرف المنطقة جيدا وقاتل في بانشير إلى جانب القائد أحمد شاه مسعود في أواخر التسعينات أوضح طالبا عدم كشف اسمه أنه “ليست هناك معارك في بانشير، لكن بعض الاشتباكات وقعت ربما على طريق الوادي في سهل شمالي”.

وأكد بيل روجيو من مركز “إف.دي.دي” الأميركي للدراسات أن وادي بانشير خارج عن سيطرة طالبان “لكن الوضع في ولاية بروان المجاورة غير واضح، يبدو أن قوات صالح حاولت توسيع سيطرتها إليها انطلاقا من بانشير”.

ولفت دارونسورو إلى أن “طالبان بنوا انتصارهم على الحرب الخاطفة والاستسلام، وفي نهاية المطاف تمكنوا من الانتصار دون الكثير من العنف”، مضيفا أن “هجوما مباشرا مع كل ما لبانشير من وزن رمزي، سيكون مخالفا لعزمهم على تطبيع صورتهم”.

ويقود المقاومة في بانشير رجل يعيش في ظل أسطورة والده غير أنه لا يحظى مثله بكثير من الدعم على الأرض ومن الوزن السياسي، وهو شخصية محض سياسية تولت مركزا قياديا على مدى سنوات.

وأوضح دورونسورو أن “العلاقات بين مسعود وصالح معقدة بعض الشيء، ثمة عدم تناغم بينهما منذ البداية”.

ورأى الباحث أن “مسعود ليس له موقع رسمي في النظام، إنه شخص لا يحظى بدعم قوي في أفغانستان خارج بانشير”.

واعتبر على غرار المقاتل الفرنسي السابق المطلع على شؤون المنطقة أن ابن القائد مسعود الذي اغتاله تنظيم القاعدة عام 2001 يعيش في “خيال والده” و”أسطورته”.

وقال “إنه يشعر بأنه يحمل إرثا، يرتدي زي الشبل”، في إشارة إلى لقب والده “أسد بانشير”، موضحا “هو يقول لنفسه إن كان يتحتم على أحد الانخراط في المقاومة، فلا بد أن أتولى أنا ذلك”.

أما صالح، فهو بحسب عبدالسيد “يدّعي أنه رئيس أفغانستان الشرعي وفقا للدستور بعد فرار غني”.

وتحدث الباحث الفرنسي عن الأهداف التي تسعى المقاومة إلى تحقيقها، متسائلا “أهي التفاوض مع طالبان أم أننا نتحدث عن مقاومة مسلحة حقيقية؟”.

وأشار المقاتل السابق إلى أن “مصالح سكان بانشير يدافع عنها سياسيا حاليا في كابول رئيس الوزراء السابق عبدالله عبدالله الذي يتفاوض مع طالبان، وأعمام مسعود الذين يتفاوضون في باكستان”.

ورأى أنه من المحتمل أن “تكون هذه المقاومة وسيلة لممارسة ضغط على المفاوضات في كابول من أجل الدفاع عن مصالح سكان بانشير، وحتى يتصل عبدالله أو العائلة في وقت ما بمسعود للقول له ‘حسنا، يمكنك التوقف، توصلنا إلى اتفاق جيد’”.

وفي المقابل، اعتبر أن صالح يعتمد منطقا آخر لأنه “عدو شخصي لطالبان”.

لكن رغم ذلك، لا يستبعد دورونسورو أن يسعى للتفاوض مع النظام الجديد “لأنه يتحدث عن عملية سلام يفترض أن تكون جامعة أكثر”.

وشدد الباحث الفرنسي على أن مشروع المقاومة “في طريق مسدود” على الصعيد العسكري، مضيفا “كل ما يتحتم على طالبان القيام به هو إحكام الحصار على بانشير ويكون الأمر قضي. لا حاجة حتى لدخول الوادي فعليا”.

وفي المقابل، رأى المقاتل الفرنسي السابق أن مسعود “لديه شبان وآليات ومروحيات وذخائر، إنه يستعد منذ أشهر”، ولو أنه يشاطر الباحث تحليله فيقول “لديهم الوسائل للحفاظ على المظاهر والتحصن في الوادي، لكن هذا كلّ شيء”.

وبالرغم من ذلك، فإن التساؤلات ستبقى تراوح مكانها حول موقف جهات أجنبية قد تجد مصلحة في قيام مقاومة نشطة، سواء من منطلق تأييدها لأسطورة شاه مسعود أو معارضتها لقيام نظام إسلامي متطرف في المنطقة.

5