فالح الفياض في إيران لتأكيد انضباط الحشد الشعبي لتوجهات إدارة رئيسي

الجنرال حسين سلامي: على الحشد مواصلة دوره في مسار "زوال أميركا".
الاثنين 2021/08/09
الحفاظ على ارتباط الحشد بإيران مصلحة حيوية لإدارة رئيسي

حاجة إيران للميليشيات الشيعية في العراق لتسليط المزيد من الضغوط على الولايات المتّحدة في إطار سياسة أكثر تشدّدا وهجومية في فترة حكم المحافظين التي انطلقت مع الرئيس إبراهيم رئيسي ستزداد، وسيتحتّم معها تجديد ارتباط تلك الميليشيات بالحرس الثوري الإيراني وضمان انضباطها لأوامره.

طهران - شرع الحرس الثوري الإيراني في إعادة ترتيب العلاقة مع ميليشيات الحشد الشعبي العراقي وتطويعها لمواصلة دورها في عهد الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي كإحدى أهمّ أدوات تنفيذ السياسة الإقليمية لإيران وكرأس حربة لها في صراعاتها ضدّ الولايات المتّحدة على الأراضي العراقية.

وربطت مصادر عراقية اللقاء الذي جمع الأحد القائد العام لقوات الحرس الثوري اللواء حسين سلامي مع رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، بما سمّته “ترتيبات بداية عهد رئيسي”، مشيرة إلى ما راج مؤخّرا من أنباء عن ارتخاء نسبي لقبضة إيران على الحشد وعدم قدرة إسماعيل قاآني خليفة الجنرال قاسم سليماني على رأس فيلق القدس التابع للحرس الثوري على ضبط جميع الميليشيات الشيعية في العراق مثلما كان يفعل سلفه القوي سليماني وظهور انفلات لبعض الفصائل وعدم التزامها الحرفي بالتعليمات الإيرانية.

وأوضحت أن رئيسي باعتباره من معسكر الصقور سيحتاج أكثر لدور الميليشيات لتنفيذ سياسة إقليمية أكثر تشدّدا وهجومية في كل من العراق وسوريا ولبنان، الأمر الذي يتحتّم معه إعادة انضباط مختلف الفصائل والتزامها بالتنسيق الكامل مع الحرس الثوري وتطبيق تعليماته، خصوصا عندما يتعلّق الأمر بالمهمّة الأكثر دقّة وحساسية والمتمثّلة في ممارسة الضغوط على الولايات المتّحدة عبر التحرّش بمصالحها وقوّاتها العسكرية في العراق.

فالح الفياض: قاسم سليماني هو الملهم لتأسيس الحشد الذي لن يموت بعده

وقالت وكالة تسنيم الإيرانية إنّ سلاّمي وصف خلال لقائه الفياض في طهران مشاركة الرئيس العراقي ورئيس هيئة الحشد الشعبي في مراسم اليمين الدستورية للرئيس الإيراني الجديد بأنها تحمل رسائل مهمة.

كما أثنى على ما سمّاه “الدور الاستراتيجي للحشد الشعبي في انتصار الشعب العراقي على داعش وتوفير أمن واستقرار هذا البلد”، مضيفا “ما نتحدث عنه اليوم باسم زوال الولايات المتحدة من المشهد العالمي قد حدث جزء مهم منه في العراق، أي أن المقاومة التي تشكلت في هذا البلد أضعفت الأميركيين وأرهقتهم ورفعت تكاليف تواجدهم ووضعتهم أمام خيارين، إما البقاء وتحمل الخسائر أو الانسحاب والهزيمة”.

وتأسس الحشد الشعبي سنة 2014 استنادا إلى فتوى دينية للمرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني للقيام بمهمّة محدّدة وهي مواجهة تنظيم داعش الذي تمكّن آنذاك بسبب حالة شبه الانهيار التي وصلت إليها القوات المسلّحة العراقية من احتلال ما يقارب ثلث مساحة العراق وبات يهدّد العاصمة بغداد بعد أن احتل مدنا كبرى على رأسها الموصل وتكريت شمالا والرمادي والفلوجة غربا.

لكنّ إيران استغلت علاقتها المتينة بالميليشيات المشكّلة للحشد لتحوّل الأخير بمثابة جيش رديف لا يؤمّن لها فقط سيطرة ميدانية وتدخلا في الشؤون الأمنية للعراق، ولكنّه يضمن لها المشاركة في صناعة القرار العراقي وفي توجيه سياسة البلد وفقا لمصالحها، وذلك منذ أن أصبح للحشد تمثيل وازن تحت قبّة البرلمان العراقي عبر تحالف الفتح.

وقد تجلّت فاعلية الحشد في هذا المجال في القرار الذي تمّ استصداره من البرلمان العراقي في يناير 2020 وينص على إخراج القوات الأجنبية بما فيها الأميركية من العراق. وهو القرار ذاته الذي تعمل الميليشيات اليوم على تنفيذه عبر استهدافها لمواقع تمركز القوات الأميركية ولسفارة الولايات المتّحدة في العراق.

وما جعل من الحشد أداة نموذجية لإيران لتعميق اختراقها لمؤسسات الدولة العراقية أن الحشد تحوّل إلى مؤسسة أمنية رسمية تتبع صوريا لإمرة القائد العام للقوات المسلّحة الذي هو رئيس الوزراء نفسه، لكنّ ولاءها الحقيقي ظل لقادتها الفعليين وأغلبهم من صقور معسكر الموالاة لإيران.

وأعرب سلامي حسب الوكالة عن أمله “في أن يتنامى الحشد الشعبي العراقي كقوة دفاعية جهادية ذات مبادئ سامية وإيمان عميق”، مضيفا أن “الحشد بما يمتلك من خصائص ومواصفات هو الضامن لاستمرار التصدي للإرهاب”.

واعتبر سلامي أن “سر نجاح المقاومة والحشد الشعبي هو الوحدة والتماسك والارتباط بالشعب الذي أدرك أن الحشد هو المدافع عن عزته وكرامته وأمنه”، داعيا إلى “صيانة المجتمع من الحرب النفسية للأعداء وعدم الغفلة عن مؤامراتهم”. وتابع مخاطبا الفياض “إننا في جبهة المقاومة نقف الى جانبكم وندعمكم ونأمل في أن يُنفذ قرار مجلس النواب العراقي بخروج القوات الأميركية من الأراضي العراقية”.

وأعرب الفياض “عن تقديره للدعم الذي قدمه الشعب الإيراني وقوات حرس الثورة الإسلامية إلى الشعب العراقي في حربه ضد الإرهاب”، مستذكرا الجنرال قاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس والذي قتل مطلع العام الماضي في غارة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي أودت أيضا بأبومهدي المهندس القائد الميداني السابق للحشد.

ووصف الفياض سليماني بـ”أنه الملهم لتأسيس قوات الحشد الشعبي”، ومضيفا “العدو كان يتصور أن الشجرة المباركة للمقاومة والحشد الشعبي ستموت باستشهاد سليماني والمهندس، لكن وبفضل الله وسننه الثابتة وببركة دماء الشهداء تنامى تيار المقاومة واتخذ أهم قرار وهو قرار خروج القوات الأميركية من العراق”.

ويتضمّن حديث الفياض عن “المقاومة” مباركة لعمليات استهداف المصالح والقوات الأميركية في العراق من قبل الفصائل الشيعية وهو ما يخالف الموقف الرسمي للدولة العراقية التي يرأس إحدى المؤسسات التابعة لها ولو صوريا وهو موقف رسمي يجرّم تلك الأعمال ويعتبر الحوار مع الولايات المتّحدة هو الوسيلة الوحيدة المشروعة لبحث مستقبل وجودها العسكري على الأراضي العراقية.

وتمّ خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى واشنطن الإعلان على لسان الرئيس الأميركي جو بايدن عن إنهاء وجود قوات قتالية أميركية في العراق في ظرف بضعة أشهر، والاكتفاء بقوات غير مقاتلة تضطلع بتدريب القوات العراقية ومساعدتها في جمع المعلومات المتّصلة بمحاربة الإرهاب ومواجهة فلول تنظيم داعش.

لكن الميليشيات الشيعية رفضت القرار وأعلنت مواصلة استهداف القوات الأجنبية في البلاد وقوافل إمدادها، حيث تعرض الأحد رتلان تابعان للتحالف الدولي ضدّ داعش إلى هجومين منفصلين بمحافظتي بغداد وبابل.

وقال ضابط في شرطة بغداد لوكالة الأناضول إنّ عبوة ناسفة انفجرت في رتل للتحالف على أطراف العاصمة بغداد دون وقوع إصابات بشرية أو خسائر مادية، فيما أوضح ضابط في شرطة بابل أن عبوة ناسفة استهدفت رتلا ينقل معدات للتحالف الدولي على الطريق السريع بالمحافظة، ما أدى إلى إلحاق أضرار مادية طفيفة بإحدى المركبات.

وفي وقت سابق الأحد فجر مجهولون عبوة ناسفة في رتل للتحالف الدولي بمحافظة ذي قار جنوبي العراق ليصل عدد الهجمات إلى تسعة في غضون أقل من عشرة أيام بمحافظات الديوانية وذي قار وبابل وبغداد.

وفي الأسابيع الأخيرة تصاعدت وتيرة هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة المفخخة والعبوات الناسفة التي تستهدف السفارة الأميركية وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتّحدة في أرجاء العراق. وتتهم واشنطن فصائل عراقية مسلحة مرتبطة بإيران بالوقوف وراء الهجمات إذ هددت تلك الفصائل مرارا باستهداف القوات الأميركية إذا لم تغادر البلاد.

3