غياب رد رادع يخلق مناخا مشجعا على الانقلابات في أفريقيا

المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وجزء كبير من المجتمع الدولي تدين الانقلاب في كوناكري.
الأربعاء 2021/09/08
تطبيع مع الانقلابات العسكرية

كوناكري - يعكس تجاهل قادة الانقلاب في غينيا التحذيرات التي أطلقتها قوى إقليمية ودولية ومواصلة إجراءاتهم في سياق تسلمهم السلطة تشكل مناخا يشجع على الانقلابات في أفريقيا جنوب الصحراء.

وعين الانقلابيون الثلاثاء عسكريين في مناصب حكام لبعض المحافظات ما يعزز سلطتهم بعد الإطاحة بالرئيس ألفا كوندي.

ووعد قائد الانقلاب في غينيا مامادي دومبويا، وهو ضابط سابق في الفيلق الأجنبي الفرنسي، بحكومة وحدة وطنية انتقالية “وعهد جديد قائم على الحكم الرشيد والتنمية الاقتصادية”، لكنه لم يشرح تحديدا ما يرمي إليه. كما أنه لم يحدد إطارا زمنيا لذلك.

وأمر دومبويا “وزارة العدل بالاتصال بالنيابة العامة وإدارة السجون والمحامين لإجراء دراسة معمقة لملف المعتقلين السياسيين، من أجل الإفراج عنهم في أقرب وقت ممكن”.

والانقلاب الذي وقع الأحد في غينيا، والذي تم خلاله اعتقال كوندي وسياسيين كبار آخرين أو مُنعوا من السفر إلى الخارج، هو الثالث منذ أبريل في دول أفريقيا جنوب الصحراء مما يثير المخاوف من الانزلاق مجددا إلى الحكم العسكري في منطقة قطعت خطوات واسعة نحو الديمقراطية القائمة على تعدد الأحزاب منذ التسعينات.

بيتر فام: المجتمع الدولي فقد نفوذه بتأييده انقلاب مالي وباحتضان ماكرون ابن ديبي

ويقول بائع الهواتف في باماكو أحمد سانكري معلقا على تعاقب عمليات إمساك العسكريين بالسلطة في المنطقة، إن “الأمر نفسه يتكرر في كل مرة، قبل غينيا حصل في تشاد وفي مالي مرتين على التوالي دون أي تداعيات على الانقلابيين”.

ويندد سانكري بالانقلاب في غينيا، وهو الرابع في غضون عام واحد (اثنان منها في مالي)، متسائلا “ما هو الهدف من وجود دساتير ومن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ومن الدبلوماسية الدولية إذا كان كل شيء مباحا في النهاية؟”.

ودانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وجزء كبير من المجتمع الدولي مساء الأحد الانقلاب في كوناكري كما فعلوا بعد الانقلابيين في مالي في الثامن عشر من أغسطس 2020 والرابع والعشرين من مايو.

ولم تختلف نبرتهم عما قالوه سابقا: الإدانة والدعوة للعودة إلى النظام الدستوري والإفراج عن المعتقلين.

وبعد مرور عام، لا يزال العسكريون في مالي يتولون زمام الأمور، ورغم تعهدهم بإعادة السلطة إلى المدنيين بعد الانتخابات في فبراير 2022، فإن التأخير المسجل في المسار الانتقالي يلقي بظلال من الشكّ على نواياهم الحقيقية.

أما في تشاد، فغداة مقتل المارشال إدريس ديبي إيتنو في العشرين من أبريل، أعلن مجلس عسكري بقيادة ابنه تولي السلطة، في حين كان ينبغي أن يتولى رئيس البرلمان المنصب مؤقتا حتى إجراء انتخابات.

وسرعان ما أيدت فرنسا، الشريك الرئيسي لتشاد، التحول العسكري وهي تعتبر مذاك أنه ليس انقلابا.

وفي مالي كما في تشاد، يتولى الرئاسة اليوم ضابطان من القوات الخاصة هما الكولونيل أسيمي غويتا في باماكو والجنرال محمد إدريس ديبي في نجامينا، وعلق دستورا البلدين لصالح “مواثيق انتقالية”.

وقال المبعوث الأميركي الخاص السابق لمنطقة الساحل بيتر فام “فقد المجتمع الدولي نفوذه، من جهة بتأييده الانقلاب في مالي، ثم باحتضان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حرفيا ابن الرئيس التشادي الراحل الذي تولى السلطة”.

Thumbnail

وأشار إلى أن “الولايات المتحدة هي القوة الخارجية الوحيدة التي أبقت على وقف المساعدة العسكرية لباماكو حتى استعادة النظام الدستوري”.

ويقول الباحث في “مجموعة الأزمات الدولية” جان هيرفي جيزيكيل “إن طريقة قبول الانقلابات الأخيرة في تشاد ومالي، إن لم نقل المصادقة عليها، من الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية أوجدت بلا شكّ مناخا ملائما للأحداث التي وقعت في غينيا”.

وأشار الموقع الإعلامي “واكات سيرا” العامل في بوركينا فاسو، إلى تشابه الطريقة المتبعة في غينيا ومالي، إذ اكتفى الرجل القوي الجديد لكوناكري الكولونيل مامادي دومبويا بـ”تلاوة الحجج التقليدية المرافقة للاستيلاء على السلطة بقوة السلاح… وكأنها أسطوانة يشغّلها الانقلابيون في كل الدول”.

وفي باماكو، تحدث مسؤول كبير طلب عدم ذكر اسمه عما أسماه “تأثير الدومينو”، وهو يرى أن ردود الفعل على الأحداث في مالي وتشاد قادت “العسكريين في دول أخرى إلى التساؤل: لم لا نقلدهم؟”.

وقال فابيان أوفنر من منظمة العفو الدولية إنه في ما يتعلق بغينيا “تجبرنا التجربة على توخي الحذر الشديد وتجنب السذاجة”، مضيفا “بالنسبة إلى البعض، تعتبر نهاية نظام كوندي بشرى سارة”، لكنها “ليست المرة الأولى التي تلوح فيها آمال في غرب أفريقيا وغالبا ما تخيب”.

ودعا موقع “واكات سيرا” في افتتاحيته المجتمع الدولي إلى “التوقف عن سياسة النعامة” والتخلي فورا عن تكرار “أسطوانة الإدانات البالية” دون ترجمتها إلى أفعال.

5