غوغل مصدر إيرادات جديد للصحف الفرنسية

باريس - وقّعت شركة غوغل اتفاقا مع الاتحاد الصحافي الفرنسي الأبرز يقضي بدفع عملاق التكنولوجيا الأميركي مبالغ مالية للصحف الفرنسية مقابل استخدام محتوياتها، بموجب القانون الأوروبي المسمّى “الحقوق المجاورة”، وذلك بعد مفاوضات معقدة استمرّت أشهرا قبل موافقة غوغل على الدفع.
وأعلنت غوغل واتحاد الصحافة الإخبارية العامة “أبيغ”، أبرز ائتلاف مهني للصحف الفرنسية، في بيان مشترك نشراه الخميس عن “اتفاق يتناول دفع أموال في مقابل الحقوق المجاورة بموجب القانون الفرنسي”.
وأشار البيان إلى أن الاتفاق يأتي “ثمرة أشهر عديدة من المفاوضات في الإطار المحدد من هيئة المنافسة”، وهو “يحدد الإطار الذي ستتفاوض فيه غوغل على اتفاقيات فردية للتراخيص مع أعضاء” الاتحاد الصحافي، في مقابل المنشورات المصنفة ضمن فئة “الأخبار السياسية والعامة”.
وستغطي اتفاقيات التراخيص هذه “الحقوق المجاورة كما ستتيح للصحف الدخول إلى برنامج نيوز شوكايس” الذي رخّصت له غوغل مؤخرا وتدفع بموجبه مبالغ مالية لوسائل الإعلام مقابل تشكيلة من المحتويات الخاصة.
لكن من غير المعروف حتى الساعة حجم الإيرادات التي سيوفرها هذا الاتفاق للصحافة الفرنسية في ظل التكتّم على الشروط المالية المتصلة به.
وأشار البيان إلى أن قيمة الأموال التي ستُدفع للناشرين ستُحتسب بصورة فردية “بالاستناد إلى معايير بينها على سبيل المثال درجة الإسهام في الأخبار السياسية والعامة والحجم اليومي للمنشورات وأيضا الجمهور المتلقي عبر الإنترنت شهريا”.
وقال بيار لويت، رئيس اتحاد “أبيغ” والرئيس التنفيذي لمجموعة “لي زيكو” الفرنسية الناشرة لصحيفة “لو باريزيان”، إن هذا الاتفاق “يشكل اعترافا فعليا بالحقوق المجاورة للناشرين الصحافيين والبدء بتقاضيهم أموالا من المنصات الرقمية على استخدام منشوراتهم الإلكترونية”.
ورأى رئيس فرع غوغل الفرنسي سيباستيان ميسوف في الاتفاق تأكيدا على التزام المجموعة الذي يفتح آفاقا جديدة أمام الناشرين الصحافيين.
ولم يكن مسار بلوغ هذا الاتفاق ميسّرا بالكامل. فقد اتهمت الصحافة الفرنسية غوغل نهاية 2019 بانتهاك “الحقوق المجاورة” الشبيهة بحقوق الملكية الفكرية والتي بدأ العمل بها نتيجة قانون أقره البرلمان الأوروبي عام 2019 وباشرت فرنسا تطبيقه على الفور. ومن شأن هذا القانون تحسين تقاسم الإيرادات في القطاع الرقمي لمصلحة الناشرين والوكالات الصحافية.
وبعيد دخول القانون حيّز التنفيذ في فرنسا، قررت غوغل بصورة أحادية الحد من ظهور الصحف التي ترفض السماح لها باستخدام محتوياتها مجانا (عناوين ومقتطفات من مقالات) ضمن نتائج محرك البحث التابع لها.
واضطرت الصحف الفرنسية مرغمة إلى السير في هذه الشروط لكنها لجأت سريعا إلى هيئة المنافسة التي أمرت المجموعة الأميركية العملاقة في أبريل 2020 بالتفاوض “بحسن نيّة” مع الناشرين، وهو قرار دعمته لاحقا محكمة الاستئناف في باريس.
وفي هذا الإطار من المفاوضات، أعلنت غوغل في أكتوبر الماضي عن اقتراب توقيع اتفاق إطار مع اتحاد الناشرين الصحافيين الفرنسيين، ثم أعلنت في نوفمبر التوصل إلى اتفاقيات فردية أولى مع بعض الصحف الفرنسية بينها “لوموند” و”لوفيغارو” و”ليبيراسيون” و”ليكسبريس”.
ويمتد اتفاق الإطار هذا على ثلاث سنوات، وهو لا يغطي كل الصحافة المكتوبة الفرنسية، خصوصا الوكالات الصحافية بينها وكالة فرانس برس، إذ لا تزال في طور التفاوض مع غوغل، فيما لم تفض محادثات مجموعة الإنترنت مع نقابة ناشري المجلات في فرنسا إلى نتيجة حتى الآن.
وعلق رئيس مجلس إدارة وكالة فرانس برس، فابريس فريس قائلا “أسعدتني ترجمة الاعتراف بالحقوق المجاورة بصورة ملموسة للمرة الأولى في أوروبا، ونحن ننتظر بعدما أُنجزت الخطوة الأولى، وهي دائما الأصعب، أن تمضي غوغل في هذا المسار وتوسّع هذا الاعتراف ليشمل الأطراف الأخرى المؤهلة بما فيها الوكالات الإخبارية”.