غوتيريش يدعو الجزائر إلى استئناف المباحثات حول الصحراء المغربية

جدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، التأكيد في تقريره إلى مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، على المسؤولية الكاملة للجزائر في الملف، داعيا إياها إلى العودة إلى المباحثات السياسية، في ظل تنصلها المتواصل من مسؤولياتها في قضية الصحراء المغربية، أربع عشرة مرة على الأقل في هذا التقرير.
الرباط - دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجزائر إلى العودة إلى مكانها حول المائدة المستديرة، فور استئناف المسلسل السياسي، بهدف التوصل إلى حل سياسي دائم ومتوافق بشأنه لقضية الصحراء المغربية، وذلك بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن التي تمت المصادقة عليها منذ سنة 2018.
وفضلا عن المسؤولية الكاملة للجزائر في ملف الصحراء المغربية، تمت الإشارة إلى دورها الرئيسي في قضية الصحراء المغربية، أربع عشرة مرة على الأقل في التقرير السنوي الذي وضعه غوتيريش أمام أنظار مجلس الأمن لدراسة القضية في أكتوبر الجاري.
وتبيّن من خلال التقرير، أن الأمم المتحدة تنظر إلى الجزائر على أنها معنية بملف الصحراء لكونها تدعم جبهة البوليساريو وتأويها فوق ترابها، رغم أنها تقدم نفسها تارة على أنها معنية بالدفاع على أطروحة البوليساريو وتارة أخرى بلد جار أو ملاحظ.
ويعتقد محمد لكريني أستاذ القانون والعلاقات الدوليين في تصرح لـ”العرب”، أن “دعوة الجزائر من قبل غوتيريش لاستئناف المفاوضات حول قضية الصحراء المغربية، هي رسالة مباشرة يحمّل فيها المسؤولية للجارة باعتبارها طرفا معنيا بهذا النزاع، خصوصا وأن قرارات مجلس الأمن وتقارير الأمين العام الأممي تشير إلى هذا الأمر، فضلا عن الدعم اللامشروط الذي تقدمه الجزائر لجبهة البوليساريو”.
وتشير قرارات مجلس الأمن إلى الجزائر بوصفها طرفا في هذا النزاع ما يجعلها معنية بالانخراط في العملية السياسية الأممية، تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة، من أجل تسوية قضية الصحراء المغربية.
ودعا مجلس الأمن في جميع قراراته منذ العام 2018 الجزائر وباقي الأطراف إلى المساهمة الفعلية في نهاية المسلسل السياسي، كما تكرس هذه القرارات، على غرار تلك التي صادق عليها مجلس الأمن منذ سنة 2007، مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها حلا جديا وذا مصداقية للنزاع حول قضية الصحراء المغربية.
وأشرف المبعوث الأممي السابق هويست كوهلر، على سلسلة من المباحثات في إطار الموائد المستديرة حول الصحراء المغربية، احتضنتها العاصمة السويسرية جنيف في 2018، بعد ست سنوات من جمود مسلسل الحل السياسي لهذا الملف، وذلك بمشاركة الوفود الأربعة لكل من المغرب وموريتانيا والجزائر والبوليساريو.

وتعرف العلاقات المغربية الجزائرية توترا حادا في الآونة الأخيرة بعد مواقف عدائية ضد المغرب قطعت على إثرها الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع المغرب وغلق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية بمبررات اعتبرتها الحكومة المغربية واهية، رغم دعوة العاهل المغربي الملك محمد السادس، الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في خطاب في نهاية يوليو الماضي، إلى “تغليب منطق الحكمة وتطوير العلاقات الأخوية”، مجددا الدعوة إلى “فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ العام 1994”.
ويعتقد محمد لكريني أن “الجزائر ستشارك في الموائد المستديرة المقبلة بعد اختيار المبعوث الأممي الجديد، لأنها تعتبر طرفا معنيا بهذا النزاع الذي عمّر طويلا وكانت تكلفته كبيرة على المنطقة”.
ورفضت الجزائر والبوليساريو مؤخرا، مقترحات الأمين العام بتعيين رئيس الوزراء الروماني السابق بيتر رومان، ثم وزير شؤون خارجية البرتغال السابق لويس أماد، كمبعوثين للأمين العام للأمم المتحدة ولا يزال الموقف غامضا بشأن مقترح ستيفان ديميستورا.
في المقابل، وافق المغرب بشكل فوري على مقترحات الترشيح التي قدمها أنطونيو غوتيرش، كما دعا أعضاء المجلس إلى استئناف مسلسل الموائد المستديرة في أقرب الآجال، والذي تشكل فيه الجزائر طرفا رئيسيا منصوصا عليه في قرارات مجلس الأمن.
وتقر الدول الأعضاء في مجلس الأمن أنه يتوجب تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام لتسهيل استئناف مسلسل الموائد المستديرة في جنيف، وخلق الظروف المواتية للتقدم نحو حل سياسي لهذا النزاع الإقليمي، من خلال الحوار والمفاوضات على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وجدد أعضاء المجلس في أبريل الماضي، دعمهم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، كأساس جدي وذي مصداقية من شأنه إنهاء هذا النزاع الإقليمي، على النحو المنصوص عليه في قرارات مجلس الأمن منذ سنة 2007.
وأكد مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية خالد السموني الشرقاوي، “أن كلاّ من الجزائر والبوليساريو عندما شعرتا بأن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كحل سياسي للنزاع بات يجد له أصداء إيجابية لدى مجلس الأمن الذي يرى فيه الحل الأنسب والأمثل، أصبحتا تضعان مجموعة من العراقيل، والعقبات بشأن موضوع تعيين مبعوث شخصي للأمين العام، واستئناف المسلسل السياسي للأمم المتحدة”.
وعلى هذا المستوى وتهرّبا من الموائد المستديرة، يبدو أن الجزائر تريد بأي وسيلة إقحام الاتحاد الأفريقي في موضوع الصحراء الذي تعالجه الأمم المتحدة بشكل حصري، وجاء ذلك بعدما أجرى وزير الخارجية رمطان لعمامرة الاثنين مشاورات مع مفوض السلم والأمن والشؤون السياسية في الاتحاد الأفريقي بانكولي أديوي، في مقر الاتحاد في أديس أبابا.
وقال لعمامرة إنهما ناقشا “مستجدات الأوضاع في كلّ من ليبيا، مالي ومنطقتي الساحل والصحراء والقرن الأفريقي، فضلا عن التحديات التي يواجهها مسار تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية”.
وأوضح خالد السموني الشرقاوي في تصريح لـ”العرب”، أن الجزائر توجهت نحو البرلمانات والمجتمع المدني والجامعات والإعلام، وخاضت معارك فاشلة ضد المغرب وعبأت كافة وسائلها لإدامة هذا النزاع، عوض الانخراط الكامل في مسلسل الموائد المستديرة.