غضب شعبي في الجزائر من أداء التلفزيون الحكومي

نوعية ومستوى خدمات بدائيان نغّصا فرحة الاحتفال بكأس العرب.
الثلاثاء 2021/12/21
التلفزيون الجزائري غائب عن كل المواعيد

صب الشارع الجزائري جام غضبه على مؤسسة التلفزيون الحكومية بسبب نوعية التغطية المباشرة والحصرية لحفل الاستقبال الشعبي والرسمي لقدوم منتخب كرة القدم من قطر بعد تتويجه لأول مرة بكأس العرب، حيث ظهرت صور الليلة البيضاء قريبة من زمن الأبيض والأسود، فضلا عن الأخطاء الفنية التي نغصت على الجزائريين فرحة الاستقبال التي خصوا بها منتخب بلادهم.

الجزائر- تحولت شبكات التواصل الاجتماعي في الجزائر إلى فضاء للنقد الساخر للتلفزيون الحكومي نظرا إلى ما يلتهمه من أموال ضخمة من الموازنة العامة للبلاد ومن دافعي الضرائب مقابل خدمات رديئة لا ترقى إلى مستوى الحدث، لاسيما بعد بثه لصور ونقل مباشر وحصري لقدوم منتخب كرة القدم من قطر بعد تتويجه لأول مرة بكأس العرب أساءت كثيرا لصورة البلاد أمام العالم، واتجهت المقارنة إلى احترافية التنظيم والنقل التلفزيوني وما كان يتابعه المتفرج في قطر، وبين ما تفاجأ به في الجزائر.

ويبدو أن التلفزيون الجزائري الذي يوظف المئات من الصحافيين والفنيين عجز عن توفير تغطية ذات جودة عالية تليق بمستوى التتويج وبالخروج الجماهيري لاستقبال رفاق يوسف بلايلي، وبعدما ظل لسنوات مدرسة تخرجت منها خيرة الكفاءات المنتشرة في مختلف المحطات والفضائيات العربية والأجنبية، بات دون المستوى في ذروة رهان معركة الصوت والصورة العالمية.

ولم تستقطب خيبة التلفزيون الجزائري اهتمام الشارع الجزائري فقط بل تعدتها إلى الشارع العربي، حيث أبدى مدونون في شبكات التواصل الاجتماعي من دول خليجية وشرق أوسطية عن أسفهم لصورة التلفزيون الجزائري التي نغصت فرحة الجزائريين والعرب بالاستقبال الشعبي الباهر الذي حظي به المنتخب الجزائري.

وكتب الإعلامي اللبناني محمد الحاجي ساخرا:

كما أعرب مدونون من الإمارات والسعودية والكويت عن دهشتهم مما تابعوه من نوعية صورة تعود إلى الزمن البائد.

وذهبت تعليقات السخرية من أداء وإمكانيات التلفزيون الحكومي إلى التذكير بأيام زمن الأبيض والأسود، وأدرج آخرون تعديلات على الصورة الملتقطة لمختلف تفاصيل حفل الاستقبال لاستعادة ذكريات التلفزيون القديم، وبعض الشخصيات التي كانت تظهر فيه، ومزجت بين صور الإرهابيين والمهربين وحتى الأفلام التاريخية وبين اللاعبين.

وارتفعت أصوات على شبكات التواصل الاجتماعي داعية إلى التحقيق ومحاسبة المتسببين في النوعية الرديئة والمسيئة للحفل ولصورة البلاد أمام العالم، لاسيما وأن المؤسسة تلتهم أموالا ضخمة من الخزينة العمومية، فزيادة عن غيابها عن محفل المونديال العربي، عكس مختلف التلفزيونات العربية، فشلت في نقل صورة مبهرة في مستوى الإنجاز المحقق، خاصة وأن اللعبة باتت المتنفس الوحيد للجزائريين من أزماتهم المركبة.

خيبة التلفزيون الجزائري لم تستقطب اهتمام الشارع الجزائري فقط بل تعدتها إلى الشارع العربي

وكتبت افتتاحية في موقع “أوراس” الإخباري “ليس هناك ما يبرر غياب التلفزيون الجزائري العمومي عن تظاهرة مثل هذه وتتويج مستحق مثل الذي حدث في ملعب البيت بمدينة الخور بقطر. ماذا يفعل الجمهور الجزائري بتلفزيونه العمومي حينما لا يجده في مسراته ووقت تتويج فريقه الوطني، وحين يرفرف علم الجزائر عاليا في سماء الدول، وحين تصدح الآلاف من الحناجر بـ’قسما’ مدوية في أرجاء الدنيا من الدوحة فمونتريال إلى الجزائر فباريس ومرسيليا ولندن وموسكو وغيرها؟ ماذا عسانا ننتظر من تلفزيون لا يأبه بنا ولا يأخذ ذلك كله في حساباته؟”.

وأضافت “لا تعنيني كثيرا التبريرات مهما تعددت، قيل إن صراعا طفا مؤخرا بين الاتحاد الجزائري لكرة القدم والتلفزيون، وأن خلية الإعلام بالاتحاد والمنتخب الوطني دخلا في نزاع مع التلفزيون لإقصائه من كل نشاطات المنتخب. سمع الجميع أيضا أن مدرب الفريق الأول جمال بلماضي رفض مرافقة فريق التلفزيون في الطائرة ذاتها المقلة للفريق الكروي.. وقيل الكثير”.

ولفتت إلى أن كل هذه التبريرات هي “مجرد سكب للماء في قعر مثقوب”، هي تعبير عن الفشل الذريع في سياسة الاتصال، وبناء الثقة بين الاتحاد والمنتخب والتلفزيون الوطني، وفشل آخر في تحمل المسؤوليات تجاه الجمهور الجزائري. فعلاقة الفريق الوطني وتنقلاته تتحكم فيها قوانين ولوائح، وعمل التلفزيون ومهماته في الخارج أيضا تتحكم فيها قوانين ولوائح، أما ما كان في السابق من عرف وتفاهمات شخصية فهي قابلة للتغيير بحسب مزاج الأشخاص وعلاقاتهم، وهذا لا يليق بمؤسسات يُفترض أنها تحتكم إلى القوانين لا لأمزجة الأفراد وضغط الجماعات.

وبرّر مصدر مسؤول بالتلفزيون الحكومي الغياب عن المحفل العربي في قطر بعدم امتلاكه حقوق بث الصور والتصريحات المرتبطة بالفاعلين في البطولة، وأن إدارة المؤسسة العمومية قامت بخطوات للتفاوض من أجل نقل فعاليات البطولة، إلا أنها اصطدمت بعوائق من الجهات المالكة للحقوق التي اشترطت مبالغ مالية ضخمة.

وأضافت بشأن حضور بعض التلفزيونات الخاصة في قطر أن “تلك المؤسسات سجلت حضورها في قطر لتغطية البطولة باسم صحف ورقية ومواقع إلكترونية تحمل نفس الاسم، بخلاف التلفزيون الحكومي المطالب بالحصول على اعتماد من أجل التنقل للتغطية، وأنه لا يملك حق تغطية المؤتمرات الصحافية والحصص التدريبية لأشبال المدرب مجيد بوقرة أو أي عمل صحافي مشابه ينجز في بطولة كأس العرب”.

التلفزيون الجزائري الذي يوظف المئات من الصحافيين والفنيين عجز عن توفير تغطية تليق بمستوى التتويج

ومن جانب آخر أرجع مسؤولو التلفزيون المذكور رداءة الصورة التي نقلت للمشاهد خلال حفل الاستقبال إلى نوعية الوسائل والتجهيزات الفنية التي يتوفر عليها مركز البث، وهو مؤسسة مستقلة، لكن ذلك لم يقنع الشارع الجزائري الناقم على تلفزيونه وعلى القائمين عليه، خاصة وأن التغطية برمتها كانت دون المستوى، ففي ذروة تلك الفرحة والمكانة التي صار عليها أفراد المنتخب طرح صحافي التلفزيون على أحد اللاعبين “ما هو إحساسك في ظل هذه الأجواء وأنت الذي كنت تحلم بوظيفة في مؤسسة الميترو؟”، الأمر الذي وصفه البعض بـ”الوقاحة” و”الافتقاد إلى الاحترافية”.

ومنذ دخول البلاد في أزمة اقتصادية ومالية خلال السنوات الأخيرة، تراجع حضور التلفزيون الجزائري في العديد من المحافل الرياضية على غرار ألعاب طوكيو ومونديال العرب، مبررا ذلك بعدم “المغامرة بإنفاق المال العام في منافسات تجهل نتائجها، لاسيما وأن الجهات المالكة باتت تطرح شروطا تعجيزية”، غير أن ذلك لم يقنع المشاهد الجزائري بما حدث ليل الأحد.

وكان مجلس الوزراء قد رصد مؤخرا غلافا ماليا يقدر بثلاثة ملايين دولار لنقل فعاليات كأس أفريقيا للأمم القادمة، والسماح للجمهور بمتابعة منتخبه المفضل، غير أن النقل يبقى غير مضمون في ظل إمكانية عدم قدرة المؤسسة على تلبية الشروط المالية لمالكي حقوق البث.

16