غسان سلامة يضمن دعم الجزائر لمبادرة المؤتمر الوطني الليبي

رهان أممي على إقناع أطراف الصراع بالحل السلمي، والقرب الجغرافي يتيح للجزائر المساهمة في تسوية سياسية للأزمة.
الخميس 2019/01/10
تحركات لحل الأزمة الليبية

تتواصل مساعي دول الجوار الليبي تونس والمغرب والجزائر لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين في ليبيا، ومن ضمن أولويات رؤى هذه الدول توفير ضمانات أمنية في ليبيا قبل التوجه نحو الاستحقاقات السياسية، التي سيضمنها الملتقى الوطني الليبي الجامع، في وقت تنتظر الأمم المتحدة توفر الشروط الضرورية لعقده. وكانت آخر الخطوات بهذا الاتجاه زيارة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة إلى الجزائر.

الجزائر – حصل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، على دعم المسؤولين الجزائريين لمبادرة المؤتمر الوطني الليبي الجامع، المزمع عقده قريبا في طرابلس، في إطار مقاربة أممية تستهدف التوصل لأرضية توافق داخلي على حل أزمة البلاد التي تتخبط فيها منذ سقوط نظام معمر القذافي.

ويراهن غسان سلامة على الموقف الجزائري المحايد بين أطراف النزاع في ليبيا من أجل إقناع الجميع بالمشاركة في المؤتمر المذكور، لا سيما وأنها لم تبد انحيازا لهذا الطرف أو ذاك وظلت متمسكة بضرورة التوصل إلى حل ليبي ليبي، بعيدا عن الضغوط الإقليمية، ورفض أي شكل من أشكال التدخل العسكري في الشأن
الداخلي.

وقام المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بزيارة للجزائر الاثنين والثلاثاء الماضيين، التقى خلالها بمسؤولين جزائريين، وعلى رأسهم وزير الخارجية عبدالقادر مساهل، وأجرى مباحثات مطولة حول تطورات الوضع في ليبيا وحظوظ توصل المنتظم الأممي إلى تسوية سياسية سلمية للأزمة الخطيرة التي تعصف بالبلاد.

وصرح غسان سلامة للإذاعة الجزائرية، بأن “اللقاء كان مثمرا، وأن الاتصالات بين البعثة الأممية في ليبيا والمسؤولين الجزائريين على رأسهم الوزير مساهل، لم تتوقف منذ توليه في أوت 2017”، في إشارة إلى نفي تراجع الدور الجزائري في الأزمة الليبية في المدة الأخيرة، بسبب تضارب الأجندات الإقليمية.

وعزا المتحدث أسباب ومبررات الاستمرار في التنسيق بين الطرفين، إلى “القرب الجغرافي بين الجزائر وليبيا، الذي يعتبر حملا ثقيلا وشرعيا على عاتق الجزائر، وهو ما يوجب على أي مسؤول في ليبيا أن يأخذه بعين الاعتبار”.

ولفت غسان سلامة إلى “الخبرة الشخصية للوزير عبدالقادر مساهل في ما يتعلق بالمسألة الليبية، حيث قام بزيارات متكررة إلى طرابلس، فضلا عن امتلاكه لمعارف شخصية مع عدد من القادة الليبيين، وهو الأمر الذي يتوجب الاستفادة منه، قصد مواصلة المساعي للدفع قدما بالعملية السياسية نحو الأمام في ليبيا”.

وأشاد المسؤول الأممي بـ”موقف الجزائر الإيجابي تجاه الوضع في ليبيا، حيث جددت وقوفها بحزم إلى جانب مسعى توافق الليبيين في ما بينهم ودعمها أيضا لدور الأمم المتحدة، وهو الدور المقبول من طرف الجزائر، باعتباره حياديا وشرعيا”.

سلامة يراهن على العلاقات التي تربط الجزائر بقيادات ليبية من مختلف التيارات لإقناعها بالذهاب إلى مؤتمر ليبي جامع

وسبق للجزائر أن استقبلت عددا من الوفود والشخصيات وأعيان القبائل الليبية، من أجل تقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع، في إطار مقاربتها لإرساء حل سياسي وسلمي ليبي ليبي، بعيدا عن التجاذبات الإقليمية وتهديدات التدخل العسكري لحسم الصراع بالقوة على الأرض.

ويرى مراقبون أن المبعوث الأممي يراهن على العلاقات التي تربط الجزائر بالكثير من القيادات المحلية من مختلف التيارات في ليبيا، لإقناعها بالذهاب إلى مؤتمر ليبي جامع، بما فيها بعض الأذرع المسلحة، وعلى خبرتها في عزل التنظيمات الجهادية وعلى رأسها داعش، عن المطالب والمواقع السياسية المشروعة.

وأكد وزير الخارجية الجزائري عبدالقادر مساهل أن “الحوار مستمر دائما بين بلاده وبين البعثة الأممية، وأنه تم خلال اللقاء مع غسان سلامة بحث الأوضاع في ليبيا والمراحل المقبلة في الخطة الأممية للخروج بنتائج ملموسة، وتجسيد مقترحات الأمين العام للأمم المتحدة، عبر غسان سلامة، لتنفيذ خطة العمل الأممية”.

وعبر الوزير الجزائري عن “استعداد بلاده التام لمرافقة رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا، ومرافقة الليبيين في حل أزمة بلادهم، لا سيما وأن الجزائر في حاجة لاستقرار الوضع في ليبيا ولأمنها ووحدتها، وهذا ليس فقط بالنسبة للجزائر وإنما لكل دول الجوار”.

ولم يستبعد مراقبون للمف الليبي، أن يكون المبعوث الأممي قد طلب مساهمة جزائرية في معضلة الميليشيات المسلحة، كونها تشكل العائق الأول أمام استتباب الأمن الداخلي وإرساء المؤسسات الأمنية الشرعية، بناء على إمكانية إقناع بعض الأطراف المتصارعة بالتنازل عن أذرعها المسلحة لفائدة إقامة مؤسسات أمنية شرعية.

وتحول الوضع الأمني والسياسي المنفلت في ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي، إلى انشغال كبير ومصدر قلق حقيقي للسلطات الجزائرية، قياسا بالأخطار الأمنية التي باتت تهدد سلامتها وأمنها الإقليمي عبر الشريط الحدودي البري الذي يربط البلدين، نتيجة صعوبات التحكم في تنقل وحركة الجماعات الجهادية وعصابات تهريب السلاح في التضاريس الصحراوية، فضلا عن مخاطر تفكك الوحدة الترابية لليبيا على استقرار مجمل دول المنطقة.

واضطرت الجزائر في السنوات الأخيرة إلى إعادة نشر قواتها العسكرية والأمنية في المناطق المحاذية للحدود البرية بين البلدين، فضلا عن تسخير تعزيزات بشرية ولوجيستية لقوات الجيش والأمن في المنطقة، الأمر الذي أدخلها في حالة لا حرب ولا سلم منهكة، لأنها تتطلب يقظة وجاهزية مستمرتين، يظهر التشديد عليهما في خطاب قيادة المؤسسة العسكرية، لحماية أمن وسلامة الإقليم.

4