عُمان توظف خبرتها بالوساطات الشائكة في نزع فتيل أخطر صدام يهدّد المنطقة

الأمير خالد بن سلمان يبحث مع الرئيس الأميركي أوجه التنسيق والجهود المشتركة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
الأربعاء 2020/01/08
لا تنسوا أننا جميعا في مركب واحد

جميع بلدان المنطقة تستشعر وجود مخاطر بالغة تتهدّدها جرّاء التصعيد غير المسبوق بين طهران وواشنطن إثر مقتل قاسم سليماني، الأمر الذي يمنح الدور العماني التقليدي في نقل الرسائل وقيادة الوساطات الصعبة أهميّة خاصّة في هذا الظرف المعقّد.

طهران - تراهن سلطنة عمان على خبرتها بالوساطات في الملفات الشائكة وعلاقاتها المتينة بكلّ من إيران والولايات المتّحدة، في محاولتها نزع فتيل التوتّر الحادّ القائم حاليا، والمنذر بمخاطر تشمل المنطقة كلّها، بما في ذلك السلطنة، بالإضافة إلى باقي بلدان الخليج، التي أبدت قلقا بالغا مما يجري من تطورات متسارعة.

ولا يستثني القلق إيران بحدّ ذاتها رغم علوّ نبرتها في التهديد بردّ “مزلزل” على مقتل سليماني لعلمها بأن دخولها في مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة سيكون بمثابة انتحار.

ويفتح هذا المعطى الباب أمام إمكانية نجاح الجهود العمانية إذا ما تضمنت ما يحفظ ماء الوجه للنظام الإيراني المحرج أمام رأيه العام الداخلي.

وقال وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي، الثلاثاء، إنّ “الأميركيين يحاولون باستمرار العمل على الحدّ من التوتر، خلال اتصالاتهم الدائمة بنا”، ما أوحى بأنّ وجوده في طهران هو في إطار مهمّة تهدئة وتبليغ رسائل قد تكون واشنطن أوكلتها إلى مسقط.

ويأتي ذلك في وقت عبّرت فيه السعودية التي ينظر إليها في المنطقة كطرف أساسي في جهود حفظ الاستقرار، عن قلقها من التطورات المتسارعة والتوتّرات الشديدة الناجمة عن مقتل الجنرال بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في غارة جوية أميركية على مطار بغداد الدولي، معتبرة أنّها معنية بشكل مباشر بما سيترتّب عن الحادثة، في إشارة إلى إمكانية استهدافها بالردّ الذي تتوعّد إيران بالقيام به على مقتل سليماني.

لا ترغب السعودية في وصول التوتّر حدّ الاضطرار لتنسيق عمل عسكري مع الولايات المتحدة مضاد لإيران

وقال مصدر حكومي سعودي لشبكة سي أن أن الأميركية إنّ سلطات بلاده تشعر بالقلق إزاء التصعيد عقب مقتل الجنرال الإيراني، موضّحا “نحن نعرف كيف يبدو ذلك… لا نريد الفوضى في المنطقة، لقد كنا هدفا من قبل ويمكن أن نكون هدفا مرة أخرى”.

وجاءت هذه التصريحات في وقت أوفدت فيه الرياض نائب وزير الدّفاع الأمير خالد بن سلمان إلى واشنطن ولندن لمناقشة التوتّر القائم والنظر في إمكانيات خفضه وتجنيب المنطقة تحمّل تبعاته السياسية والأمنية والاقتصادية.

وقال الأمير خالد، الثلاثاء، عبر تويتر، إنه بحث مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب “أوجه التنسيق والجهود المشتركة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية”. ونشر عبر حسابه الموثّق بتويتر أنّه حمل للرئيس ترامب رسالة من وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان.

وفي تغريدة ثانية قال نائب وزير الدفاع السعودي إنه التقى وزير الدفاع البريطاني بن والاس لبحث مكافحة الإرهاب وبعض الموضوعات المتعلقة بالشرق الأوسط.

وأضاف “جرى خلال اللقاء بحث الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، خصوصا في المجالات الدفاعية، بالإضافة إلى استعراض الجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب وأبرز التحديات التي تواجه المنطقة”.

ووصل نجل الملك سلمان، الاثنين إلى واشنطن، في زيارة غير محدّدة المدّة قال إنّه التقى في بدايتها وزيري الخارجية والدفاع مايك بومبيو ومارك إسبر بشكل منفصل لبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات للحفاظ على استقرار المنطقة والتعاون العسكري.

وقال بومبيو في تغريدة له على تويتر عقب اللقاء إن العلاقة السعودية الأميركية “لا تزال مهمة للغاية لمواجهة سلوك النظام الإيراني المزعزع للاستقرار”.

ولا يبدو أنّ الرياض ترغب في وصول التوتّر حدّ نقطة الاضطرار لتنسيق جهد عسكري مع الولايات المتحدة مضاد لإيران، على اعتبار أنّ منطقة الخليج ستكون بحكم الموقع الجغرافي المتضرّرة الأولى من أيّ صدام مسلّح يمكن أن ينشب.

وعلى هذه الخلفية تتجّه الأنظار إلى جهود سلطنة عمان لخفض التوّتّر وتجنّب حدوث مثل ذلك الصّدام.

ونقلت وكالة أنباء مهر الإيرانية الثلاثاء عن الوزير ابن علوي قوله، في منتدى طهران للحوار الإقليمي المنعقد بمكتب الدراسات السياسية بوزارة الخارجية الإيرانية “نحن الآن في كارثة كبيرة أثّرت على الجميع”.

وأضاف “يسعدني أن أكون جزءا من الجهد المشترك من خلال منتدى حوار طهران لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة، وأنا واثق من أن إيران تتقدم باتجاه تحقيق الأمن، وبذلت هذه الجهود باستمرار”، موضّحا “نحن في سلطنة عمان شركاء مع إيران في هذه الجهود، وحققت هذه الشراكة حتى الآن أهم الخطوات”.

3