عُمان تبدد مخاوف إيران بشأن التطبيع والتقارب مع السعودية

مسقط - تسعى سلطنة عمان لطمأنة الإيرانيين بأن سياستها الخارجية الجديدة التي تقوم على التقارب مع السعودية، وخاصة ما تعلق بمؤشرات على التطبيع مع إسرائيل، ليست ضد إيران التي تشعر بأن تطورات المنطقة ليست في صالحها، لاسيما بعد التقارب الإسرائيلي مع الإمارات والبحرين، والذي قد يمتد ليشمل عُمان والسعودية.
وسعت مسقط وطهران لإظهار تقارب في وجهات النظر بينهما في مختلف قضايا المنطقة، وذلك على هامش الزيارة التي يقوم بها مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي إلى عُمان للمشاركة في اجتماع الدورة السابعة للجنة المشتركة للمشاورات الإستراتيجية بين البلدين.
وذكرت وكالة الأنباء العمانية أن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، ومساعد وزير الخارجية الإيراني، أكدا حرص البلدين الجارين على مؤازرة ودعم كافة الجهود والمبادرات الرامية إلى تعزيز ثوابت الأمن والاستقرار في المنطقة وتحقيق التفاهم والوئام والتعاون الإيجابي بين الجميع.
ووفق الوكالة الرسمية العمانية، جرى خلال المباحثات التأكيد على مواصلة مختلف مجالات التعاون الثنائي بما يعود بالمنافع المتبادلة ويعزز المصالح المشتركة خاصة الاقتصادية منها والتجارية والثقافية والعلمية.
لكنّ مراقبين لفتوا إلى أنه كان من المفروض أن يحضر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اجتماع اللجنة المشتركة، وليس عراقجي، ما يوحي بوجود برود بين البلدين الجارين بسبب الانفتاح العماني على دول الخليج، وخاصة مع السعودية، في سياق توجهات السلطان هيثم بن طارق لتقوية العمق الخليجي في السياسة الخارجية لبلاده، وتجاوز مخلفات السياسة القديمة القائمة على التحالف التام مع إيران.
ويلاحظ أن عودة مسقط إلى العمق الخليجي مرتبطة بحاجتها إلى الدعم المالي والاستثماري لجيرانها للخروج من أزمتها الاقتصادية التي تفاقمت بسبب أزمة كورونا وتدني أسعار النفط. كما أن فرص الحصول على تمويل خليجي سخي ممكنة بما يساعد السلطان هيثم على تنفيذ إستراتيجية هادفة إلى تحسين أوضاع العمانيين، وهو أمر لا يمكن أن يحققه بالرهان على إيران التي تعيش أوضاعا صعبة اجتماعيا واقتصاديا.
ويشير مراقبون إلى أن السياسة الجديدة لسلطنة عمان تقوم على استثمار الحياد وتحويله إلى نقطة قوة تعود على البلاد بالمزيد من الاستثمارات وفرص التمويل، فضلا عن تحويلها إلى قبلة دبلوماسية مفضلة للمفاوضات والتسويات في القضايا الخلافية بالمنطقة، ولذلك عملت مسقط على تقوية علاقاتها مع الجيران الخليجيين، وتريد أن تحافظ على علاقات متوازنة مع إيران.
وفي هذا السياق سبق أن أكد البوسعيدي أن محاصرة الحوثيين أو تصنيفهم كطرف إرهابي من قبل الولايات المتحدة لا يساعدان على الحل، وهي رسالة تظهر أن مسقط حريصة على لعب دور الوسيط في الملف اليمني على قاعدة احترام مختلف الفرقاء، وهو ما يمكّنها من كسب ثقة الحوثيين والحكومة اليمنية الشرعية، وخاصة السعودية التي تعمل بدورها على تسريع حل يمني يريحها من عبء الحرب، وتبحث عن وساطة جدية وذات مصداقية.
لكن ما يثير مخاوف الإيرانيين من توازن السياسة الخارجية للسلطنة في ظل حكم السلطان هيثم هو مؤشرات الانفتاح على إسرائيل وتوقيع اتفاق معها على قاعدة المنافع المتبادلة، وهو وضع يخدم مسقط ويثبت دورها المحايد، لكنه لا يتماشى مع إيران التي تشعر بأنها باتت أمام وضع جديد يمكن أن يعيق خططها في التمدد الإقليمي.
ويعرف الإيرانيون أن مسقط ستنحاز في نهاية الأمر إلى مصالحها التي قد تأتي بالانفتاح الاقتصادي والأمني على إسرائيل، فيما لم يحصل العمانيون على أي مكاسب من علاقتهم مع طهران طيلة السنوات الأخيرة.
وأرسلت سلطنة عمان بإشارات مختلفة توحي بأنها لا تعارض مسار التطبيع الذي يجري في المنطقة، حيث دعمت خطوات الإمارات والبحرين في توقيع اتفاقيات مع إسرائيل في أغسطس الماضي. كما دعمت الخطوة المغربية ببناء علاقات مباشرة مع إسرائيل.
وقال بيان للخارجية العمانية إن مسقط “تأمل أن يعزز ذلك من مساعي وجهود تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط”.
وتُجمع توقعات مختلفة على أن السلطنة ستكون الدولة القادمة التي ستدخل نادي العلاقات الكاملة مع إسرائيل.
والأحد، أفادت هيئة البث الإسرائيلي بأن اعتقادا يسود لدى صناع القرار في إسرائيل بأن سلطنة عمان ستكون هي الدولة التالية التي ستقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
ورجحت الهيئة “أن تنضم السعودية إلى ركب السلام حتى قبل تداول السلطة في البيت الأبيض”.