عودة وشيكة للإنتاج المشترك من حقول سعودية كويتية

تقارب وجهات النظر بين السعودية والكويت يمهد لعودة إنتاج النفط من حقلي الخفجي والوفرة.
الاثنين 2019/12/23
انتظار استئناف الإنتاج قبل نهاية العام الجاري

كثفت الكويت خلال الأشهر الأخيرة من تحركاتها في اتجاه تسريع نسق المفاوضات مع الرياض لتجاوز خلاف المنطقة المقسومة واستئناف نشاط إنتاج النفط قبل نهاية العام الجاري بعد ركود لسنوات في أعقاب غلق حقلي إنتاج.

الكويت - تترقب الكويت استئناف إنتاج النفط مع السعودية في حقلي النفط المشتركين الخفجي والوفرة وذلك بعد تنفيذ كافة شروط الصيانة والتراتيب المطلوبة.

ونسبت وكالة الأناضول لوزير النفط ووزير الكهرباء والماء، خالد الفاضل، قوله ”إن بلاده تأمل في عودة الأمور إلى طبيعتها في الإنتاج النفطي بالمنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية مع نهاية العام الجاري”.

وجاء هذا التصريح خلال أعمال الاجتماع 103 لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوبك) الذي ينعقد في الكويت. وتشمل المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية حقلي الخفجي والوفرة، ويتراوح إنتاجهما بين 500 و600 ألف برميل نفط يوميا، مناصفة بين الدولتين.

وتعود أزمة غلق الحقلين إلى أكتوبر 2014 على خلفية أسباب بيئية وتشغيلية أدت إلى قطع نشاط الإنتاج جراء خلافات على تقاسم الحصص. وذكر الوزير أن الطاقة التقليدية ستبقى محور الاهتمام العالمي نظرا لتشكيلها لنحو 75 بالمئة من مزيج الطاقة العالمي بحلول 2035، وفقا لتوقعات منظمة أوبك.

وأكد أهمية استمرار الجهود المشتركة لضمان استقرار أسواق النفط خلال الفترة القادمة تحت راية أوبك التي تضم كلا من السعودية والكويت وليبيا والإمارات وقطر والبحرين والجزائر ومصر وسوريا والعراق.

وسبق وأكدت صحيفة القبس الكويتية المحلية، أن عودة إنتاج النفط بالمنطقة المقسومة ستبدأ في ديسمبر المقبل.

ونسبت الصحيفة إلى مصادر وصفتها بالمطلعة القول إن الشركة الكويتية لنفط الخليج انتهت من إجراءاتها التنظيمية لعودة الإنتاج في حقلي الخفجي والوفرة المشتركين بعد اعتماد مجلس إدارتها عقود الصيانة التي يتطلبها حقل الوفرة.

تجاوز الخلافات بشأن إنتاج الحقلين ربما يكشف عن تقارب بين مواقف البلدين بشأن التعامل مع إيران ومقاطعة قطر، التي كانت الكويت تتوسط لحل تلك الخلافات

وتغطي المنطقة المقسومة مساحة 5770 كيلومترا مربعا على الحدود بين عضوي أوبك السعودية والكويت حيث لم يشملها ترسيم الحدود بين البلدين في 1922.

وكان البلدان أوقفا الإنتاج من حقلي الخفجي والوفرة تواليا عامي 2014 و2015 مما قطع ضخّ أكثر من 500 ألف برميل من الخام يوميا بما يعادل 0.5 بالمئة من المعروض النفطي العالمي.

وتواترت على مدار الأشهر الماضية الأخبار عن التوصّل إلى تفاهمات لاستئناف الإنتاج في الحقلين النفطيين، حيث تحدّثت المصادر عن إعادة صياغة للاتفاقية الخاصة بالمنطقة المقسومة بالاستعانة باستشاري عالمي في العاصمة البريطانية لندن.

ويقول محللون إن الخلافات كانت تتعلق بمطالبة السعودية بأن يكون لها القرار والسيطرة الأكبر في إدارة العمليات النفطية في المنطقة، ولا تريد تطبيق القوانين الكويتية على شركة شيفرون الأميركية.

وتشير بعض التقارير إلى التوترات بين البلدين بشأن مقاطعة قطر واختلاف وجهات النظر بشأن العلاقات مع إيران، حيث تسعى الكويت للمحافظة على خطوط الحوار مع الحكومة الإيرانية.

وسبق لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية المعنية بشؤون المال والاقتصاد أن أوردت في شهر ديسمبر من العام الماضي أنّ “إنتاج النفط في المنطقة المقسومة بين السعودية والكويت قد يستأنف في الربع الأول من 2019”.

ويرى مراقبون أن هنالك وساطة أميركية تعمل على تسهيل الاتفاق بشأن الملف، بينما تحدّثت وسائل إعلام كويتية آنذاك عن تسارع الاتصالات لحل الخلاف النفطي بين الكويت والسعودية.

خالد الفاضل: نأمل عودة الإنتاج النفطي إلى طبيعته بالمنطقة المقسومة
خالد الفاضل: نأمل عودة الإنتاج النفطي إلى طبيعته بالمنطقة المقسومة

وتواترت الأنباء بشأن عقد اجتماعات فنية بين خبراء سعوديين وكويتيين لتدارس إعادة الإنتاج في الخفجي والوفرة.

كما سبق لوزير الشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير أن أكد أنّ “موضوع المنطقة المقسومة مع الكويت تم حلّه، وأنه يجري التباحث حول صياغة الطرق اللازمة لاستئناف إنتاج النفط الخام في تلك المنطقة المحايدة قريبا”.

وتترقب الكويت والسعودية ترجمة مسار التفاوضات بينهما واقعيا ووضع حد لكبوة نشاط الإنتاج على أحد أهم المشاريع النفطية المشتركة.

وتتالت الاجتماعات الثنائية بين الجانبين الكويتي والسعودي لحل المعوقات التي كانت تواجه عودة الإنتاج قبل الانطلاق الفعلي في استئناف الإنتاج.

وسبق وأكد مسؤولون أن القيادتين السياسيتين في البلدين، هما الأقدر على حل أي خلافات فنية في المنطقة المقسومة وتضمنت المفاوضات بينهما مختلف محاور الخلاف لضمان اعتماد صيغة أفكار وتصورات مشتركة تضمن تحقيق مصالح البلدين وتحفظ حقوقهما في ثرواتهما الطبيعية.

ومن المنتظر أن يتم تعويض أي زيادة في إنتاج النفط من المنطقة المقسومة بخفض إمدادات كل من السعودية والكويت من حقول أخرى نظرا لالتزام البلدين بأهدافهما بموجب ما يسمى اتفاقية خفض إنتاج أوبك+.

وشكل إغلاق حقول المنطقة المقسومة بين البلدين، مسألة سياسية عالقة بين البلدين الحليفين وتظهر المؤشرات تقاربا في وجهات النظر في انتظار ترجمتها إلى واقع.

وتدير حقل الخفجي شركة النفط الوطنية العملاقة أرامكو السعودية مع الكويتية لنفط الخليج عن طريق شركة مشتركة. وتقرر إغلاقه في أكتوبر 2014 لأسباب بيئية وتراوحت طاقته الإنتاجية قبل الإغلاق بين 280 و300 ألف برميل يوميا.

أما حقل الوفرة فتديره الشركة الكويتية لنفط الخليج التي تديرها الدولة وشيفرون نيابة عن السعودية. والحقل مغلق منذ مايو 2015 بسبب مشكلات تتعلق بتشغيله. وكانت طاقته الإنتاجية تبلغ نحو 220 ألف برميل يوميا من الخام العربي الثقيل.

ويرى محللون أن تجاوز الخلافات بشأن إنتاج الحقلين ربما يكشف عن تقارب بين مواقف البلدين بشأن التعامل مع إيران ومقاطعة قطر، التي كانت الكويت تتوسط لحل تلك الخلافات.

ولم توضح المؤشرات الحالية بعد ما إذا كانت المنطقة ستعود إلى الإنتاج بكامل طاقتها على الفور، خاصة بعد تمديد دول منظمة أوبك وحلفائها (أوبك بلاس) لاتفاق خفض الإنتاج لمدة تسعة أشهر أي حتى نهاية مارس 2020.

وتزايدت أهمية المنطقة بسبب تأثير العقوبات المفروضة على فنزويلا وإيران، لأنها يمكن أن تساعد على مواجهة أي نقص في إمدادات الأسواق من الخام الحامض الثقيل، الذي تنتجه والذي يتطابق مع إنتاج إيران وفنزويلا.

وأشارت وكالة بلومبرغ منذ أشهر إلى أن دبلوماسيين أميركيين يضغطون منذ فترة طويلة على الجانبين للتوصل إلى اتفاق بشأن استئناف الإنتاج من المنطقة. ورجحت أن تكون تلك الضغوط قد ساهمت في معالجة الخلافات بين البلدين.

11