عمّان بوابة دمشق للتطبيع العربي

الكثير من الدول العربية ترى أن من مصلحتها إعادة تطبيع علاقاتها مع النظام الحاكم في دمشق.
الجمعة 2021/10/29
عودة محتملة خلال القمة المقبلة

عمان – كثّف الأردن تحركاته على أكثر من جبهة إقليمية ودولية من أجل عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية وبالتالي التطبيع مع النظام في دمشق، في وقت يشير محللون إلى أن عدة دول عربية بصدد الانفتاح بهدوء على نظام بشار الأسد.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط إن الجزائر والعراق والأردن لديها رغبة في عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

وأكد أبوالغيط أن سوريا قد تعود إلى الجامعة خلال القمة المقبلة في حالة حدوث توافق عربي على مشروع القرار، مشيرا إلى رغبة أعداد من الدول في ذلك.

وأعاد الزخم في العلاقات الأردنية – السورية مؤخرا الحديث عن المساعي الأردنية للتطبيع العربي مع دمشق، والتي لا تتحفظ عليها كل من الولايات المتحدة وروسيا وعدد من الدول العربية، فيما يقول مراقبون إن التطبيع مع نظام الأسد سيكون في خطوة أولى عربيا ثم دوليا بناء على تغيّرات إقليمية واستراتيجية قد تدفع الدول الكبرى والدول العربية المتحفظة إلى تعديل بوصلتها في نهاية المطاف.

ويرى مراقبون أن الحرب في سوريا حُسمت عسكريا لصالح قوات النظام والقوات الحليفة لها منذ عام 2018، بخروج مقاتلي المعارضة المسلحة من محيط العاصمة ومحافظة درعا القريبة منها، وأن فرص إسقاط النظام عسكريا باتت “معدومة” تماما.

وبدفع من حكومات عربية وعلى رأسها الحكومة الأردنية، يدور نقاش عميق في أوساط جامعة الدول العربية حول إعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، وإعادة مقعد سوريا المعلّق في الجامعة.

وعلقت الجامعة عضوية سوريا في الثاني عشر من أكتوبر 2011، ودعت إلى سحب السفراء العرب من دمشق، إلى حين تنفيذ النظام كامل تعهداته في توفير الحماية للمدنيين.

وقدمت دول عربية في بداية الصراع السوري الدعم لفصائل المعارضة السورية منذ أواخر 2011، بعد أشهر على توجه الثورة السورية إلى الخيار المسلح لمواجهة القمع من طرف القوات الأمنية وحملات القتل والاعتقالات.

أحمد أبوالغيط: العديد من الدول ترغب في عودة سوريا إلى الجامعة العربية
أحمد أبوالغيط: العديد من الدول ترغب في عودة سوريا إلى الجامعة العربية

وكانت للعمليات العسكرية تداعيات مباشرة على أمن واستقرار دول الجوار السوري، لبنان والعراق والأردن.

وأكد التدخل العسكري الروسي في الحرب السورية منذ 2015، وقبله الدعم الإيراني بعشرات الآلاف من مقاتلي المجموعات الشيعية المسلحة اللبنانية والعراقية والأفغانية والباكستانية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، بقاء نظام بشار الأسد في الحكم وتراجع احتمالات إسقاطه عسكريا.

وأدركت الكثير من الدول العربية في وقت مبكر هذه الحقيقة، ورأت أن من مصلحتها إعادة تطبيع علاقاتها مع النظام الحاكم في دمشق.

وأعادت الإمارات والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق نهاية 2018 على مستوى القائمين بالأعمال. وفي أكتوبر 2020 أعادت سلطنة عمان سفيرها إلى دمشق، لتصبح أول دولة خليجية تعيد تمثيلها الدبلوماسي على مستوى السفراء.

ووفقا لتقارير إعلامية، أعادت السعودية في مايو الماضي فتح قنوات اتصال مباشرة مع سوريا، بزيارة رئيس جهاز المخابرات السعودي الفريق خالد الحميدان لدمشق ولقائه بشار الأسد، ورئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك.

ومؤخرا، أجرى وزير الدفاع السوري أول زيارة للعاصمة الأردنية عمان منذ 2011، والتقى خلالها رئيس الأركان الأردني ومسؤولين آخرين، بعد توقف الدعم الأردني، بالتنسيق مع الولايات المتحدة ودول خليجية، لفصائل المعارضة المسلحة جنوبي سوريا. كما سمح الأردن بمرور الغاز المصري وإمدادات الكهرباء الأردنية إلى سوريا ومن ثم إلى لبنان.

ويتحرك النظام السوري عبر بوابة لبنان، وللمرة الأولى استقبلت دمشق وفدا رسميا لبنانيا قبيل تشكيل حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي تربطه بدمشق علاقة وثيقة تمتد لسنوات، عززتها استثماراته الضخمة في المرافق الاقتصادية السورية.

وشهدت السنوات الأخيرة إعادة دول عديدة علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، على مستوى عودة السفراء، مثل دولة الإمارات، أو القائمين بالأعمال، كالبحرين والأردن. كما أن دولا أوروبية تتحدث عن نيتها إعادة فتح سفاراتها في دمشق، مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا ورومانيا والتشيك.

ولدول جوار سوريا مصالح جيوسياسية واقتصادية بالغة الأهمية، خاصة ما يتعلق بضمان عودة آمنة للاجئين السوريين بالنسبة للبنان والأردن، الذي يعاني من تراجع مستوى علاقاته مع الدول الخليجية وتحركه نحو مصر والعراق.

كما تحرك الأردن نحو سوريا، التي أعاد فتح معبر حدودي معها لتعزيز اقتصاده، بعد أن شهد أزمات متتالية جراء جائحة كورونا، وخفض الولايات المتحدة والدول الخليجية مستوى الدعم والمساعدات لعمان.

وبالرغم من عدم توفر معطيات عن إمكانية تفكيك التحالف بين النظام السوري وإيران، إلا أن الإمارات والبحرين ودول أخرى تعتقد أن التطبيع مع النظام واستعادة الدور السوري في محيطه العربي والإقليمي سيتكفلان بتحجيم النفوذ الإيراني في سوريا والمنطقة.

2