عقيلة صالح في الجزائر: ترويج إعلان القاهرة أم مبادرته الخاصة

الجزائر - حلّ رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، بالعاصمة الجزائرية السبت، في زيارة غير مقررة من قبل، في وقت جدد فيه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون عن رغبة بلاده في لعب دور الوسيط بين فرقاء الأزمة الليبية.
وكان في استقبال رئيس مجلس النواب الليبي نظيره الجزائري سليمان شنين رئيس المجلس الشعبي الوطني (رئيس الغرفة الثانية للبرلمان)، رفقة وزير الخارجية صبري بوقادوم الذي فتح مؤخرا قنوات تواصل دبلوماسي مع عدد من نظرائه في العواصم الإقليمية من أجل الدخول في مسار سياسي تفاوضي بين أطراف النزاع في ليبيا.
وتأتي زيارة عقيلة صالح إلى الجزائر بعد أيام قليلة من حضوره، صحبة قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، اللقاء الذي أعلن خلاله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي “إعلان القاهرة” لحل الأزمة الليبية.
وتتساءل أوساط ليبية هل أن عقيلة صالح سيروّج خلال لقائه بالمسؤولين الجزائريين لإعلان القاهرة كأرضية مشتركة بينه وبين حفتر، وهو إعلان بات يحوز على دعم دول مهمة في الصراع مثل روسيا وفرنسا، أم أنه سيبحث عن الترويج لمبادرته الخاصة التي انتهت صلاحيتها السياسية بعد لقاءات مصالحة بينه وبين حفتر والقاهرة وإعلانهما عن دعم المبادرة المصرية.
وتقلل هذه الأوساط من نتائج زيارة عقيلة إلى الجزائر التي تبحث بدورها عن “تسويق” مبادرة خاصة بها للوساطة بين فريقي الأزمة في ليبيا، وتسعى لأن تجد لها دعما من مصر وتونس، وإظهار نفسها كدولة فاعلة في الملف الليبي، ومن المستبعد أن تقبل بمبادرة مصر كأرضية لهذه الوساطة.
وخلال السنوات الثلاث الأخيرة دأبت دول الجوار الليبي على طرح مبادرات فردية وتمسكت كل دولة بمبادرتها ما فتح الباب أمام التدخلات الخارجية وفوّت أيّ فرصة لحل إقليمي للصراع.
وفضلا عن هذا يسود الغموض الموقف الجزائري من ليبيا، فهي تبدو أقرب إلى “حكومة الوفاق” المدعومة تركيّا، وهذا ما ألمح له الرئيس تبون حين أشار إلى أن بلاده اعتبرت في السابق أن “حول طرابلس خط أحمر”، ويقصد خطة المشير حفتر في تحرير العاصمة من هيمنة الميليشيات، ما يجعل رعايتها لأيّ وساطة أمرا مشكوكا فيه.
اقرأ أيضاً:
يضاف إلى ذلك استقبال الجزائر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دون أيّ إشارة معارضة للتدخل العسكري التركي في ليبيا رغم مخاطر هذا التدخل على أمن الجزائر ومصالحها.
وكان الرئيس الجزائري أكد في مقابلة له مع وسائل إعلام محلية بثت ليل الجمعة، قد أعلن عن بقاء عرض بلاده لاحتضان حوار ليبي – ليبي يبقى مفتوحا. وألمح في تصريحه إلى أن دخول أطراف لم يسمّها على خط الأزمة أجهض المبادرة السابقة بسبب منازعتها لمسعى بلاده.
وكشف في تصريحه على أن اتفاق سلام كان على وشك التوقيع عليه في الجزائر بين أطراف النزاع، ومن زعماء قبائل، وأن حفتر والسراج لم يعترضا على المبادرة الجزائرية، وأن زعماء القبائل رحبوا بالمسعى، إلا أن دخول أطراف أخرى على الخط فوّت فرصة حلّ الأزمة.
وبرر رفض بلاده ما أسماه الهجوم على طرابلس وما وصفه بـ”الخط الأحمر” بأن ذلك كان يعني نهاية الدولة الليبية هناك وبداية حرب أهلية قرب حدود الجزائر، ودخول المنطقة برمتها في فوضى أمنية وعسكرية مريرة.
وحذّر الرئيس الجزائري من استنساخ النموذج السوري في الأزمة الليبية، كون نفس أطراف الصراع التي تغذّي الوضع في سوريا هي التي تدير الأزمة الحالية في ليبيا، في إشارة إلى تركيا وروسيا.
وانتقد ما وصفه بـ”الخطاب المزدوج لبعض الدول التي وافقت في مؤتمر برلين على منع تدفق المرتزقة والسلاح إلى ليبيا، غير أنّ هناك دولة أدخلت 3400 طن من الأسلحة إلى هذا البلد”، دون أن يشير إلى الدولة التي يعنيها.
وفيما تحاول الجزائر لعب دور خاص منافس للدور المصري، وغياب أيّ دور عربي مؤثر، تواصل تركيا وروسيا البحث عن “توافق” بينهما لحل يراعي مصالحهما على الطريقة السورية، من خلال اجتماع وزاري على مستوى عال.
وذكرت قناة “سي.إن.إن.ترك” السبت أن سيرجي لافروف وسيرجي شويجو وزيري الخارجية والدفاع الروسيين سيزوران إسطنبول الأحد لإجراء محادثات مع نظيريهما التركيين بشأن الوضع في ليبيا.
ونشرت وسائل إعلام أخرى تقارير مماثلة مع إعلان محطة خبر (تي.آر.تي خبر) التركية الحكومية أن الوزراء سيناقشون أيضا الوضع في سوريا.