عقاقير خفض الوزن تهدد حياة المراهقين

تناول حبوب التنحيف يسبب اضطرابات وأمراضا في الكلى والكبد.
الثلاثاء 2019/12/03
عقاقير التنحيف تحتوي على مواد كيميائية سامة

يقبل عدد كبير من المراهقين، خاصة الفتيات، على تناول أدوية تسوّق على أنها عقاقير آمنة لإنقاص الوزن. ولا يدرك هؤلاء الشباب أنهم بذلك يعرّضون حياتهم للخطر، فقد أثبتت العديد من البحوث المخبرية أن مكوّنات تلك العقاقير الشائعة تتسبب في حدوث الكثير من الأمراض المزمنة والقاتلة.

واشنطن  –  تشير دراسة أميركية إلى أن المراهقين الذين يستخدمون حبوب الحمية أو التنحيف للتحكم في الوزن هم أكثر عرضة للإصابة باضطراب في الأكل من خمس إلى ست مرات في السنوات الثلاث المقبلة.

فقد كتب مؤلفو الدراسة في مجلة “ذي أميركيان جورنال أوف بابليك هيلث” أن استخدام هذا النوع من الأدوية لفقدان الوزن قد يكون أمرًا خطيرًا. وقد يكون كذلك علامة تحذير على التفكير في استشارة الطبيب لأن هناك خطورة متزايدة للإصابة باضطراب في الأكل مثل فقدان الشهية أو الشره المرضي.

وقالت جوردان ليفينسون، من قسم المراهقين والشباب بمستشفى بوسطن للأطفال، وقائدة فريق الدراسة، “الإعلان عن هذه المنتجات شائع على وسائل التواصل الاجتماعي ويمكن الوصول إليها بسهولة في الصيدليات ومحلات البقالة المحلية، الأمر الذي يوحي للشباب بفكرة كونها آمنة للاستخدام”.

وأضافت لرويترز هيلث عبر البريد الإلكتروني أن هذا بعيد تماما عن الواقع “فهذه المنتجات لا ينصح بها طبيًا لإدارة الوزن بشكل صحي وقد تكون خطيرة”. “عندما يستخدم الشبان هذه المواد الخطرة يصبحون عرضة لخطر السلوكيات المضطربة للتحكم في الوزن و-كما تشير دراستناـ قد يضعهم ذلك في مرمى اضطرابات الأكل الحادة”.

الخبراء يحذّرون من أن تناول حبوب الحمية باستمرار يمكن أن يسبب تمزق غشاء المعدة ويؤدي بذلك إلى الموت

قامت ليفينسون وزملاؤها بتحليل البيانات المتعلقة بأكثر من 10000 امرأة أميركية تتراوح أعمارهن بين 14 و36 عامًا، شاركن في دراسة طويلة الأجل. وقاموا بمسح سنوي للنساء حول ما إذا كن قد استخدمن حبوب الحمية أو التخسيس لفقدان الوزن خلال العام الماضي، وما إذا كان قد تلقيْن تشخيصًا جديدا لاضطرابات الأكل.

استبعد الباحثون الشابات المصابات بالفعل باضطراب الأكل من التحليل، وتم تعديل المسح لكل من يعانين من زيادة في الوزن ووفق العمر وعوامل أخرى.

وجدوا أن اضطرابات الأكل قد تطورت لدى 1 بالمئة فقط من النساء اللائي لم يبلغن عن استخدام حبوب الحمية للتحكم في الوزن خلال العام الماضي و1.8 بالمئة من أولئك اللائي استخدمن حبوب الحمية.

كما تم تشخيص 0.8 بالمئة من النساء اللواتي لم يبلغن عن استخدام ملين لفقدان الوزن في وقت لاحق باضطرابات الأكل، مقارنة مع 4.6 بالمئة من أولئك اللاتي استخدمن المنتجات الخاصة بالحمية.

وتوصل المؤلفون إلى أن استخدام هذه الأنواع من المنتجات قد يزيد من احتمالية حدوث اضطرابات الأكل عن طريق خلق سلوكيات غير منتظمة في الأكل أو اضطرابات جسدية في الهضم أو مشكلات نفسية.

وقالت ليفينسون “تعدّ اضطرابات الأكل من بين أعلى معدلات الوفيات في حالات الصحة العقلية، وبالتالي فإن اكتشافنا أن هذه المنتجات قد تكون عبارة عن عقاقير تؤدي إلى حالة صحية نفسية خطيرة ومهددة للحياة هي سبب للقلق”.

ويوصي واضعو الدراسة بأن على صانعي السياسات ومهنيي الصحة العامة العمل معاً لتقييد الوصول إلى حبوب الحمية

والتخسيس للمراهقين من خلال الحظر أو الضرائب. على سبيل المثال، حظر كل من إنستغرام وفيسبوك مؤخرًا الإعلانات التي تستهدف القاصرين لبيع منتجات فقدان الوزن دون وصفة طبية. وشددوا على أن تجار التجزئة مطالبون بفعل الشيء نفسه. ويعمل فريق البحث مع المشرعين في ولاية ماساتشوستس الأميركية لحظر بيع هذه المنتجات للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما.

وقالت جينيفر بوميرانز، محامية وباحثة في مجال الصحة العامة في جامعة نيويورك في مدينة نيويورك ولم تكن مشاركة في الدراسة، “المكملات الغذائية التي تدعي أنها تحتوي على جميع أنواع الفوائد الصحية أو الخصائص الوظيفية -بما في ذلك فقدان الوزن وقمع الشهية وبناء العضلات- غير منظمة تقريبًا. ومعظم الناس لا يعرفون ما إذا كانت هذه المنتجات متحصلة على الموافقة أو لا”.

وأضافت لرويترز هيلث عبر البريد الإلكتروني، “لسوء الحظ، في الولايات المتحدة، غالباً ما تكون مصالح الصناعة في بيع المنتجات أكثر قيمة من مسؤولية الحكومة عن حماية الجمهور من المنتجات الضارة”. “حتى إذا كان الأشخاص لا يعانون من أضرار صحية بسبب المكملات الغذائية التي تدعي فوائد غير قابلة للتحقيق، يهدر المستهلكون أموالهم وقد لا يتخذون إجراءات أخرى لحماية صحتهم، معتمدين على القول إن هذه المواد ليست بحاجة للحصول على وصفات طبية”.

الطريق إلى الموت
الطريق إلى الموت

وكشفت أبحاث سابقة نشرتها صحيفة ديلى ميل البريطانية، أن أدوية التنحيف تحتوى على مواد كيميائية سامة يمكن أن تغير من هرمونات المراهقين والصحة النفسية، في حين أنهم لا يزالون فى مرحلة التطوير والنمو.

وحذّر الخبراء من أن تناول حبوب الحمية باستمرار يمكن أن يسبب تمزق غشاء المعدة ويمكن أن يؤدي ذلك إلى الموت.

وأوضح الأطباء المشرفون على الدراسة أن المواد الموجودة في أدوية التنحيف تعمل على حدوث تغيّر فى لوائح الجسم الطبيعية، بالإضافة إلى عدد من الآثار الجانبية بما في ذلك زيادة معدل ضربات القلب والإغماء والنزيف والنوبات القلبية.

وذكرت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية 69 نوعا من هذه الحبوب تحتوي على مواد يمكن أن تسبب النوبات والسكتات الدماغية. ومن خلال تخليل استخدام طلاب المدارس الثانوية لحبوب الحمية، وجد الباحثون أن عنصرا مشتركا كان مرتبطا بالتسبب في السكتات الدماغية.

كما أوضحت دراسة علمية أخرى، أجراها باحثون في جامعة هارفارد، أن استخدام حبوب الحمية والتحكم في الوزن وحرق الدهون قد يُسبب مجموعة واسعة من أمراض الكلى والكبد التي قد ينجم عنها الوفاة المبكرة. يذكر أن هيئة رقابية طبية في المملكة المتحدة كانت قد قالت إن ثلثين ممن استعملوا حبوبا لتخفيف الوزن، اقتنوها من الإنترنت، قد عانوا آثارا جانبية مثل الإسهال والنزيف وأن هذه الحبوب قد تقود إلى مضاعفات تصل للموت.

وضبطت هيئة تنظيم الأدوية والمنتجات الصحية (أم.ايتش.آر.آي) حبوب تنحيف خطيرة بقيمة 4 ملايين جنيه إسترليني في السنوات الخمس الماضية، محذّرة من أنها تشكّل خطرا كبيرا على صحة متعاطيها.

وتحتوي معظم هذه الحبوب التي تم ضبطها على مادة “سيبوترامين” وهو عقار تم سحبه في أوروبا والولايات المتحدة عام 2010 لأنه يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية. ومن الآثار الجانبية الأخرى للسيبوترامين جفاف الفم والغثيان وآلام المفاصل والقلق والانتفاخ.

كما ذكر أشخاص اشتروا حبوب التنحيف عبر الإنترنت أنهم عانوا من آثار جانبية مثل الإسهال ونزيف مستمر ورؤية مشوشة ومشكلات في القلب.

وتجدر الإشارة إلى أن تقريرا عن الأدوية المأمونة في أوروبا أجري في عام 2010 وجد أن 62 بالمئة من الأدوية المشتراة عبر الإنترنت كانت دون المستوى المطلوب أو مزيفة.

وبدلا من أدوية التخسيس، أكد الأطباء أن هناك طرقا صحية أخرى لإنقاص الوزن من خلال ممارسة الرياضة، وتغيير عادات الأكل وشرب المزيد من المياه.

17