عسكرة الإعلام الجزائري تصطدم بعدم احترافيته وقدرته على المنافسة

الجزائر- جدد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مطالبته للإعلام الجزائري بإسناد مجهود الدولة في الرد على “الحرب التي تتعرّض لها الجزائر”، وطالبه بالمزيد من الجهد لاكتساب أدوات التحكم في المناهج والمعارف للتصدي لحروب الجيل الرابع، في اعتراف ضمني بعدم احترافية الإعلام في بلاده وعدم قدرته على المنافسة دوليا.
وأكد تبون أن “سلاح الإعلام والاتصال يحتل في عالم اليوم موقعا متقدما وحيويا في الدفاع عن مصالح الشعوب والأمم”. وأشار إلى أن وسائل الإعلام والصحافة “بحاجة إلى المزيد من الجهد لاكتساب أدوات التحكم في المناهج والمعارف، للتصدي لحروب الجيل الرابع الهادفة إلى النيل من الجزائر”.
وأصبحت عبارة “التصدي لحروب الجيل الرابع” مكررة في تصريحات المسؤولين الجزائريين في المدة الأخيرة. وتظهر تصريحات تبون تعويل السلطة على الإعلام لنشر الرواية الحكومية، وتراه “شريكا استراتيجيا ومدافعا عن مواقف السلطة”.
◄ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون كثف من لقاءاته مع الصحافيين ليحاضر عليهم "في مسؤولية الإعلام"
ويتساءل صحافيون جزائريون: أي إعلام يريد أن يستغله تبون ويوجهه؟لأن “الإعلام الجزائري غير قادر على تشكيل رأي عام داخلي، فما بالك لو كان خارجيا؟ إذ لا تتوفر له الإمكانيات ليكون إعلاما محترفا قادرا على المنافسة.
وساهمت السلطة في الجزائر من خلال استمرارها في سياسة التحكم في قطاع الإعلام في أن تكون شبكات التواصل الاجتماعي البديل الإعلامي المتاح، لفتح أبواب التفاعل والنقاش وكشف الكثير من الملفات والقضايا التي لا تزال “مسكوتا عنها” في الإعلام التقليدي.
ويواجه الصحافيون الذين يعانون أوضاعا اجتماعية مزرية ظروفا صعبة تتعلق بممارسة العمل الإعلامي، بسبب المضايقات التي يتعرضون لها.
وتحتل الجزائر المركز الـ146 (من بين 180 دولة) في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود” سنة 2021. وفي بلد يبلغ عدد سكانه 42 مليون نسمة، ينشط 26 مليون مستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكثف تبون في الفترة الأخيرة من لقاءاته مع الصحافيين الجزائريين ليحاضر عليهم “في مسؤولية الإعلام”. وطالب تبون حكومته بضرورة توفير كل وسائل الدعم للإعلام الجزائري، من أجل “تحقيق احترافية حقيقية”.
وحسب رسالة وجهها إلى وسائل الإعلام الجزائرية بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، دعا تبون الحكومة إلى “مواصلة توفير كل وسائل الدعم والإسناد لقطاع الإعلام من أجل تحقيق احترافية حقيقية وفاعلة”.
◄ تصريحات تبون تظهر تعويل السلطة على الإعلام لنشر الرواية الحكومية، وتراه شريكا استراتيجيا ومدافعا عن مواقف السلطة
كما جدد الرئيس الجزائري تعهده بـ”تكريس حرية التعبير والصحافة ضمن مقاربة شاملة ترمي إلى إجراء إصلاحات تشريعية وتنظيمية، ستتم ترجمتها قريبا بمشروع القانون العضوي للإعلام وقانون السمعي البصري، إلى جانب ما تعرفه عملية تسجيل المواقع الإلكترونية الموطنة في الجزائر والمتعلقة بنشاط الإعلام عبر الإنترنت، من ديناميكية كفيلة بالحدّ من التجاوزات المتسترة تحت غطاء حرية التعبير وحرية الإعلام”.
وأوضح تبون في رسالته أنه مع “تكريس حرية الصحافة وتثمين مسايرتها لمقتضيات الرقمنة، بمحتويات وطنية قادرة على إحراز الثقة، بما تعرضه من مادة إعلامية مقنعة، وذات مصداقية، عبر مختلف وسائل الإعلام”.
وعلى الرغم من تعهدات الرئيس تبون، فإن هيئات نقابية في قطاع الإعلام كانت قد وجّهت انتقادات حادة لوضع الصحافة المزري في البلاد.
وأشرف الرئيس تبون السبت على حفل توزيع جائزة رئيس الجمهورية للصحافي المحترف، لكن عددا من الصحافيين يعترضون على طريقة تعاطي السلطة مع الصحافة في الجزائر، ويعتبرون أن السلطة تقوم بتكريم الصحافة التي تدعم خطاب السلطة وخياراتها، وعلّق الكاتب الصحافي بوعلام غمراسة على الحدث قائلا إن “السلطة في الجزائر توظّف التكريم عندما تريد المكافأة، وهي بذلك تتعامل مع من تكافئ بمفهوم الزبون لديها، يخدمها فتعطيه الجزاء. تعلو قيمة المكافأة كلما تفانى زبونها في عرض خدماته واجتهد في تحسينها، وعلى هذا الأساس أوجد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة يوما وطنيا للصحافة”.