عراقي ومصري يتوّجان بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب

مسقط- أعلن مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم أخيرا عن أسماء الفائزين بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في دورتها الثامنة لعام 2019، والتي خصصت هذه المرة للعرب عموما في مجالات دراسات علم الاجتماع في فرع الثقافة، والطرب العربي في فرع الفنون، وأدب الرحلات في فرع الآداب.
وقال حبيب بن محمد الريامي الأمين العام لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده للإعلان عن أسماء الفائزين بالجائزة “إن جائزة السُّلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب جائزة سنوية يتم منحها بالتناوب دوريا كل سنتين، بحيث تكون تقديرية في عام يتنافس فيها العرب عموما، وفي عام آخر للعُمانيين فقط، لتكون الجائزة مؤشّرا قيميّا وتقييميا للحالة الثقافية والفنية والأدبية على المستويين المحلي والعربي”.
وأضاف الريامي أن الجائزة شملت هذا العام ثلاثة مجالات للعرب عموما وهي مجالات دراسات علم الاجتماع، والطرب العربي، وأدب الرحلات.
وأشار إلى أنه في مجال دراسات علم الاجتماع، عن فرع الثقافة، تم حجب الجائزة، وفي مجال الطرب العربي عن فرع الفنون حصل على الجائزة الفنان علي إبراهيم علي الحجار من مصر، وفي مجال أدب الرحلات عن فرع الآداب حصل على الجائزة الأديب باسم محمد فرات، وهو عراقي الجنسية مقيم في نيوزيلندا.
ووضح الريامي أن مجموع المتقدمين الذين استوفوا متطلبات الترشح في هذه الدورة وصل إلى 157 شخصا، حيث بلغ في مجال دراسات علم الاجتماع 78 مترشحا، وفي مجال الطرب العربي 27 مترشحا، أما في مجال أدب الرحلات فبلغ عدد المتقدمين للجائزة 52 مترشحا.
والجدير بالذكر أن جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب تعتبر الحدث الثقافي الأبرز في عُمان الذي يحظى باهتمام ومشاركات واسعة علـى الصعيدين المحلي والدولي.
وتأتي هذه الجائزة في إطار الاهتمام بالإنجاز الفكري والمعرفي وتأكيدا على الدور التاريخي للسلطنة في ترسيخ الوعي الثقافي؛ باعتباره الحلقة الأهم في سلم الرقي الحضاري للبشرية، ودعما للمثقفين والفنانين والأدباء.
وقد بدأت إجراءات تقديم الأعمال المترشحة من الأحد 3 مارس 2019 واستمرت حتى الخميس 15 أغسطس 2019 حيث أُغلق فيه باب الترشح.
وفي شهادته حول أدب الرحلات الذي توج فيه يقول الكاتب العراقي باسم فرات “حين ودَّعْتُ الطفولةَ، حَالِـما بالسَّفَرِ والترحال، لم أجرؤ على البوحِ لأحد”؛ هذا ما صدَّرتُ به كتابي “الحلم البوليفاري” وهو الكتاب الثاني في سلسلة أدب الرحلات التي بلغت الخمسة كتب، وبانتظار أن أجد الفرصة لنشر تجربتي في هيروشيما وفي السودان وأماكن أُخر.
ويلفت فرات إلى أن أدب الرحلات نشاط إنساني منذ القِدَم، وكان لتدوين اليونانيين والرومان؛ الذين كانوا من الأدباء والمؤرخين المرافقين للحملات العسكرية، أو من الضبّاط أنفسهم مثل اليوناني زينفون (431- 354 ق.م.) والروماني بليني الأكبر (23-79م) وغيرهما؛ قد ترك لنا تراثا ضخما معرفا بالشعوب والمدن.
ويضيف عبر قراءاتي للتراث، اكتشفتُ أن العرب أصحاب دور رياديّ في أدب الرحلات، وأن شعوبا عديدة لا نعرف عنها شيئا لولا المدونة العربية، هذه الريادة لم تستمر بالوهَج نفسه، مثلها مثل مجالات عديدة كان للعرب السبق فيها أو الريادة أو الإبداع، ويتميز الرحالة العرب في الغالب الأعم بأنهم أدباء.
ويلفت فرات وهو الذي خاض رحلات ومغامرات في مختلف أنحاء العالم، إلى أنه من شروط الرحالة الاندماج بالمجتمع بسرعة واضحة، عبر تناول الأكلات الوطنية والتجوال في المناطق والأحياء السكنية بكافة طبقاتها بما في ذلك العشوائيات، ولكل بلد هويته ونكهته الخاصة، ولأن السفر أصبح متاحا؛ قياسا بما كان عليه الأمر قبل قرون؛ فإن ما يميز الرحالة عن بقية المسافرين أنه ينغمس بالمجتمع الذي يزورُه ويمتلك مجسات تجعله يلتقط دواخل المجتمع وجذور ثقافته ويجيد الاندماج بسرعة.
ويشدد الكاتب العراقي على أن أدب الرحلات؛ إنْ لم يكن جسر محبة بين الشعوب ليتعارفوا، وإبراز تجارب هذه الشعوب ومميزاتها وخصائصها، فلا قيمة له، ولا يأتي هذا إلّا عبر التماهي مع المجتمعات والإنصات لنبضها وهواجسها أيضا. وهو يعكس ثقافة ووعي الكاتب-الرحالة، فكاتب أدب الرحلات لو كان قارئا للتاريخ ومهتمّا بالأدب والتنوع اللغوي والقومي والإثني والعقائدي والطبيعة فسنجد اهتمامه هذا يتجسد في كتاباته.
ويختتم شهادته بأنه يجب أن يكون كاتب أدب الرحلات مُلمّا بعلوم التاريخ والجغرافيا والاجتماع والإناسة (الإنثروبولوجي) ولو بحدها الأدنى، متوخّيا الدقة ومتسلحا بروح عِلمية مغتسلة بالشِّعْرِ، لأنَّ الشِّعْرَ يُرطّب الأسلوب ويغري القارئ بمواصلة القراءة ويطرد الملل عنه، وهو ما أزعم أنني حاولته في كتبي الخمسة التي صدرت، وهي على التوالي: “مسافر مقيم .. عامان في أعماق الإكوادور” و “الحلم البوليفاري.. رحلة كولومبيا الكبرى” و “لا عشبة عند ماهوتا.. من منائر بابل إلى جنوب الجنوب” و”طواف بوذا.. رحلاتي إلى جنوب شرق آسيا” وأخيرا “لؤلؤة واحدة وألف تل.. رحلات بلاد أعالي النيل”.