طفلة البدون تحرج الحكومة الكويتية وتضع البرلمان أمام استحقاق إقرار قانون الحقوق المدنية

الكويت - شكلت واقعة طرد تلميذة تنتمي لفئة البدون من مدرسة في الكويت، إحراجا كبيرا للحكومة التي تعهدت بإعادة النظر في القرار الذي خلّف حالة من الغضب في الداخل، وأعاد تسليط الضوء على ما تواجهه هذه الفئة من معاناة، في غياب نص قانوني يحمي حقوقها الأساسية.
وقال نائب مجلس الأمة فايز الجمهور، إن وزير التربية علي المضف أكد أن الطفلة التي جرى طردها سوف تكمل دراستها وأنه أصدر تعليماته بذلك. وأضاف الجمهور في تغريدة على حسابه على تويتر “إنه لابد من حل قضية البدون الإنسانية والأخلاقية كليا والانتهاء من هذا الملف الذي يعاني منه أربعة أجيال”.
وتفاجأت والدة تلميذة تبلغ من العمر ست سنوات من فئة البدون بقرار طرد ابنتها من مدرسة حكومية، بعد أسابيع من مباشرتها الدراسة.
وقالت والدة التلميذة في تصريحات لوسائل إعلام محلية إنه تم تسجيل ابنتها في المدرسة حسب النظم واللوائح والشروط التي أعلنت عنها وزارة التربية، مشيرة إلى ان جميع أشقائها في المدارس الحكومية.

فايز الجمهور: لا بد من حل قضية البدون الإنسانية والأخلاقية كليا
وأوضحت الأم أنه تمت الموافقة عليها من قبل المسؤولين ودخلت الطفلة صفها الأول منذ بداية العام الدراسي، مشيرة إلى أنها تفاجأت السبت عندما تم إبلاغها بإخراج التلميذة من الصف إلى خارج سور المدرسة. وأوضحت أنها اتصلت بالمسؤولين الذين ردوا عليها بالقول “إذا موعاجبك (إذا لم يعجبك) راجعي وزارة التربية”.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي عجت بانتقادات موجهة لوزارة التربية بشأن طرد الطفلة، وهاجم نواب القرار الذين اعتبروه مسيئا للكويت وشعبها.
وطالب النائب حمد المطر وزير التربية، تقديم توضيح قائلا إن ما حصل “إساءة للكويت ولنا جميعاً، وسيكون لنا وقفة جادة ضد هذا الإجراء غير المقبول”.
ويجد أبناء البدون في الكويت صعوبة في الالتحاق بمقاعد الدراسة، ورغم أن الحكومة تعفي الطلبة البدون من رسوم التعليم، بيد أن منظمات حقوقية تقول إن فئة كبيرة من “عديمي الجنسية” غير مشمولة بهذا القرار.
ويرى نواب أن ما حصل للطفلة هو وصمة عار تفرض التحرك والاستعجال للنظر في قانون يحمي حقوق هذه الفئة.
وهناك نص قانوني تقدم به عدد من النواب في مايو الماضي، يقضي بالاعتراف بجملة من الحقوق المدنية لهذه الفئة من بينها الحق في التعليم والعلاج والعمل والزواج وحرية التنقل في الداخل والسفر للخارج.
ووافقت لجنة شؤون غير محددي الجنسية في اجتماع عقدته الشهر الماضي على بنود القانون. وقال مقرر اللجنة النائب مرزوق الخليفة في تصريح للمركز الإعلامي في مجلس الأمة إن اللجنة وافقت بالإجماع على قانون الحقوق المدنية لفئة غير محددي الجنسية، على أن يدرج على جدول أعمال المجلس.
وأعرب الخليفة عن أمله في أن يتعاون جميع أعضاء مجلس الأمة والحكومة لإنهاء هذا الملف بضمان الحقوق المدنية والإنسانية لفئة غير محددي الجنسية.
أبناء البدون في الكويت يجدون صعوبة في الالتحاق بمقاعد الدراسة بالرغم من أن الحكومة الكويتية تعفي الطلبة البدون من رسوم التعليم
ويرجح نواب أن يتم إقرار هذا القانون خلال الدورة الحالية لمجلس الأمة، خاصة في ظل توجه أميري لحل كل القضايا الشائكة.
وتقول البيانات الحكومية الرسمية إن 85 ألفا على الأقل من البدون يعيشون في الكويت، لكن النشطاء يقولون إن العدد قد يصل إلى 200 ألف.
ويواجه أبناء البدون ظروفا قاسية في الكويت حيث أنهم محرومون من أبسط حقوقهم الأساسية، ولطالما أثار هذا الملف انتقادات من المنظمات الدولية خصوصا وأن هناك مماطلة في حل قضيتهم.
وتعتبر الكويت أن معظم عديمي الجنسية لديها هم مهاجرون من دول أخرى قاموا بإخفاء هوياتهم الأصلية، وتصنفهم على أنهم مقيمون بصورة غير قانونية.
وكثفت السلطات الكويتية ضغوطها على مجتمع البدون خلال السنوات الأخيرة “للكشف عن بلدانهم الأصلية” أو قبول الجنسية التي يتم وضعها على هوياتهم، من قبل الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، وهو الجهاز الحكومي المعني بالتعامل مع هذه الفئة، بناء على تحقيقات أجرتها أجهزة الأمن الكويتية.
وتتزامن هذه الضغوط مع الوضع الصعب الذي تواجهه البلاد والضغوط المتزايدة على ميزانيتها العامة بعد فترة من انخفاض أسعار النفط والتباطؤ الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا.
ويرى مراقبون أن حسم قضية البدون بات ضروريا خصوصا وأن هذا الملف أصبح مصدر إحراج كبير للإمارة في الداخل والخارج.
وكانت واقعة محاولة انتحار شاب من “البدون” يبلغ من العمر 27 عاما في منطقة الصليبية في ديسمبر الماضي جراء وضعه المادي أثار موجة غضب واسعة في الكويت، وأسال الكثير من الحبر في وسائل الإعلام الأجنبية.