طفرة المشاريع السياحية تفرض تأهيل السعوديين لاقتحام السوق

ربط محللون رهان السعودية على صناعة السياحة بتسريع وتيرة إعداد جيل من الشباب لضمه للقوى العاملة في القطاع، خاصة مع ثروة المشاريع الضخمة التي تم إطلاقها خلال العامين الأخيرين ضمن برنامج إصلاحي طويل المدى لتنويع الاقتصاد.
الرياض - أكد كبار رؤساء المشاريع السياحية في السعودية أن الحكومة عليها نقل جهودها بسرعة إلى مسألة إعداد كوادر بشرية لدمجها في هذه الصناعة الواعدة والتأقلم أكثر مع درب الانفتاح الذي بدأت في رسمه.
وتواجه الرياض تحديا رئيسيا في طريق تنفيذ خططها المتعلقة بتعزيز دور السياحة في الاقتصاد يتمثل في كيفية إعداد جيل من الشباب السعودي بعد أن فتحت أبوابها للسياح، معلنة عن مشاريع ضخمة تخطّط لإطلاقها خلال مدة قصيرة.
وقال الرئيس التنفيذي لمشروع البحر الأحمر جون باغانو في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية في اليوم الثاني من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي اختتمت فعالياته أمس في الرياض إن “التحديات ستكون مرتبطة بمسألة الاستثمار في الأشخاص وتدريب اليد العاملة التي نحتاجها للمستقبل”.
وأوضح أن هناك حاجة لمبادرة على مستوى السعودية، البالغ تعداد سكانها حوالي 32.5 مليون نسمة، لتدريب العاملين في السياحة للارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للزوار.
ويُعتبر تطوير قطاع السياحة أحد أهمّ أسس “رؤية 2030”، وهي خطّة اقتصادية طموحة طرحها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع أكبر اقتصاد عربي ووقف ارتهانه للنفط وإعداده كذلك لمرحلة ما بعد الخام.
وقد دخلت الإصلاحات مرحلة جديدة نهاية سبتمبر الماضي بفتح الأبواب للسياح الأجانب من 49 بلدا، ودعوة الشركات الأجنبية للاستثمار في القطاع الذي تأمل الرياض في أن يُسهم بنسبة 10 بالمئة من الناتج المحلّي الإجمالي بحلول 2030.
وتعني خطوة فتح الأبواب أمام الزوار من حول العالم، المزيد من الفرص الواعدة لاستثمارات جديدة وضخمة في قطاع السياحة، وتوفير أكثر من مليون فرصة عمل جديدة في السنوات العشر المقبلة.
وقال باغانو إنّ “السعودية تسعى لاستقطاب 100 مليون سائح بحلول عام 2030، ولذا فإنها تحتاج إلى نحو مليون عامل في مجال السياحة”. وأضاف “هناك عمل كثير ينتظرنا”.
وكانت الرياض قد أعلنت قبل عامين إطلاق المشروع السياحي الضخم الهادف إلى تحويل العشرات من الجزر ومجموعة من المواقع الجبلية على ساحل البحر الأحمر إلى منتجعات سياحية فخمة.
ويمتد المشروع على طول 180 كيلومترا بين مدينتي أملج والوجه على السواحل الغربية للسعودية، على أن يتولى صندوق الاستثمارات العامة تمويل المشروع قبل فتح المجال أمام مستثمرين أجانب.
وانطلقت أعمال البناء في الربع الثالث من العام الجاري في مرحلة أولى، ويتم خلالها توسيع المطار وبناء فنادق ومنازل فخمة. ويتوقع أن يتم الانتهاء منها في الربع الثالث من 2022.
وأعلن باغانو أن السعودية تطمح لأن تبدأ باستقبال السياح في المشروع خلال عامين. وقال “في عام 2022، سنرحب بأول سائح”.
واعتبر باغانو أنّ أفضل سبيل لمواجهة تحدي بناء بنية تحتية بشرية وعمرانية من الصفر تقريبا هو “فتح أبواب البلاد وتعريف الناس على ما يجري هنا”.
وأضاف أن البلاد “تمر بمرحلة تغيير كبيرة، وكل يوم تشاهد أشياء لم يكن يتخيل الناس أنها قد تتحقق فعلا”.

وتشهد السعودية منذ تسلم الأمير محمد منصب ولي العهد في 2017، حملة تغيير اجتماعي شملت السماح للنساء بقيادة السيارات وفتح دور سينما وإقامة الحفلات الموسيقية الغربية والعربية ومواسم الترفيه غير المسبوقة في الدولة الخليجية المحافظة.
والمشروع الذي يشمل محمية طبيعية لاستكشاف تنوع الحياة النباتية والحيوانية في المنطقة، واحد من عدة مشاريع ضخمة، أهمها منطقة نيوم التي أطلقها الأمير محمد
في أول نسخ منتدى الاستثمار قبل عامين، متعهدا باستقطاب استثمارات بقيمة نصف تريليون دولار لهذا المشروع.
وتشمل المرحلة الأولى من مشروع البحر الأحمر بناء 14 فندقا فخما على خمس جزر، إضافة إلى عدد من المنتجعات في الجبال القريبة.
وبينما تفتح السعودية أبوابها للسياح الأجانب، فإنها تطمح إلى زيادة الإنفاق الأسري على الترفيه، ومنح السعوديين خيار التمتع بفعاليات لم تكن متوفرة من قبل إلا في بلدان قريبة، بينها الإمارات.
وسعت الحكومة في الفترة الماضية إلى تعديل القوانين تماشيا مع التوجه السياحي الجديد، وبينها السماح للسياح الأجانب بالإقامة في فنادقها دون الحاجة إلى مستند يثبت العلاقة العائلية، وبينها الزواج.