ضغوط شديدة تدفع كردستان العراق إلى الاستنجاد بمجلس الأمن

الأحزاب والميليشيات الشيعية تخشى نشوء تحالف سياسي بين شخصيات كردية بارزة ومصطفى الكاظمي، مما سيؤثر بشكل أو بآخر على الانتخابات البرلمانية المبكّرة.
الثلاثاء 2021/04/20
فاضت الكأس

أربيل (العراق) - دفعت الضغوط السياسية والاقتصادية والأمنية الشديدة المسلّطة من قبل قوى شيعية عراقية متنفذّة قيادة إقليم كردستان إلى محاولة الاستعانة بمجلس الأمن الدولي، وذلك في سابقة خالفت العرف القائم على عدم مخاطبة الإقليم للمجلس احتراما لسيادة الدولة الاتّحادية.

ووجّه رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة و15 دولة عضوا في مجلس الأمن طالبا مساعدة المجتمع الدولي في عدد من الملفات من ضمنها المسألة المالية محل الخلاف بين أربيل وبغداد، وكذلك قضيّة المناطق المتنازع عليها وعلى رأسها محافظة كركوك الغنية بالنفط والتي أخرجت منها البيشمركة الكردية (جيش الإقليم) سنة 2017 بالقوة على يد القوات العراقية.

وواجه الإقليم خلال الأشهر الأخيرة موجة ضغوط هي الأشد من نوعها من قبل الأحزاب والميليشيات الشيعية المتحكمّة بشكل رئيسي في مقاليد السلطة في العراق، في ظاهرة ربطها متابعون للشأن العراقي بهواجس تلك القوى المرتبطة بشكل وثيق بإيران من تنامي العلاقة مجدّدا بين القيادة الكردية والإدارة الأميركية ومخاوفها من فتح أراضي الإقليم للقوات الأميركية التي قد يتم سحبها من باقي المناطق العراقية.

كما تتخوّف الأحزاب والميليشيات الشيعية من نشوء تحالف سياسي بين شخصيات كردية بارزة ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من شأنه أن يكون له دور في الانتخابات البرلمانية المبكّرة المقرّرة لشهر أكتوبر القادم.

الإقليم يستعين بالأمم المتحدة للحصول على حصته من الميزانية الاتحادية التي لم يضمن بعد وصولها إليه

وتراوحت الضغوط بين تهديدات أمنية من خلال قصف الميليشيات الشيعية لمطار أربيل في مناسبتين، ومحاولات خنق الإقليم ماليا بمنعه من الحصول على حصّته من الميزانية الاتّحادية التي أصبحت تمثّل بالنسبة إليه شريان الحياة شبه الوحيد بعد تراجع أسعار النفط الذي كانت سلطات كردستان العراق تستخرج كميات منه من الأراضي الخاضعة لها وتسوّقها مباشرة عن طريق تركيا دون تنسيق مع السلطات الاتّحادية.

وغير بعيد عن تلك الضغوط أعاد محافظ كركوك راكان الجبوري إثارة قضية العثور على جثث في مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني لدى سيطرة القوات الاتحادية على المحافظة قبل أكثر من أربع سنوات.

وقال الجبوري في تصريحات تلفزيونية “الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني يعتبر كركوك محتلة حاليا من قبل القوات الاتحادية”، مضيفا “وجدنا بمقر الحزب في المحافظة عند سيطرة القوات الاتحادية جثثا في مجمعات مياه المجاري في مقر الحزب”، مؤكّدا “الجثث تم توثيقها بالصور وفتح تحقيق من قبل الجهات المختصة بذلك لكن إلى حد الآن لا يزال التحقيق خجولا ولم يتم التوصل إلى نتيجة”. وتابع قوله “أهالي كركوك يعتبرون مقر الحزب الديمقراطي بالمحافظة مكانا لتصفية أبنائهم”.

وردا على اتهامات الجبوري أصدر حزب البارزاني بيانا وصف فيه محافظ كركوك بغير الشرعي معتبرا ما جاء على لسانه مجرّد اتهامات ملفقة ولا أساس لها من الصحة وبعيدة عن الحقيقة، ومشيرا إلى أنّ الحزب “لم يقبل الواقع العسكري المفروض على المدينة ويعدّ هذا المحافظ المفروض عليها غير قانوني وغير دستوري ولم يتعامل معه قط، ولهذا السبب يلفق مثل هذه الاتهامات”.

كما حرص على توضيح أنّ الحزب لم يعد موجودا في كركوك منذ أكتوبر 2017 و”تم الاستيلاء على مقراته هناك ولا علاقة للحزب بالجثث إذا كانت موجودة فعلا (…) بل على العكس فإن المقر الذي تم احتلاله تحوّل لفترة من الزمن إلى مكان لاعتقال وتعذيب كوادر وأنصار وأعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني”.

Thumbnail

وكثيرا ما يعاد فتح ملف كركوك والمناطق المتنازع عليها بين الإقليم والسلطات الاتّحادية عند اشتداد الخلافات بين الطرفين. وضمّن البارزاني رسالته إلى الأمم المتحدة قضيّة تلك المناطق التي يعتبرها الإقليم مقتطعة من أراضيه. وجاءت في نسخة الرسالة التي نشرتها وسائل إعلام كردية عراقية دعوة رئيس إقليم كردستان إلى زيادة الدور الدولي في تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي التي تتعلّق بالمناطق المتنازع عليها وتدور خلافات كبيرة حول تفسيرها.

وتلخّصت أبرز المطالب الواردة في الرسالة بمنح سلطات أكبر لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة وأن يكون له دور أكبر في الوساطة بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان لحل مشاكلهما وخاصة مشكلة تقاسم الثروات الطبيعية وتطبيق المادة الدستورية المذكورة.

كما طالب البارزاني في رسالته أن يضم نص مشروع قرار مجلس الأمن الجديد بخصوص العراق مساندة رسمية من المجلس للاتفاق الأخير بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان بخصوص الموازنة وتقاسم الثروات الطبيعية.

ورغم إقرار الموازنة الاتّحادية العراقية بعد صعوبات كبيرة بسبب تشدّد قوى شيعية في مناقشة حصة إقليم كردستان منها ومطالبتها الإقليم بتسليم كامل عوائد النفط والمنافذ الحدودية وتقديم كشوف دقيقة عن عدد موظّفيه، إلا أنّ القيادة الكردية ما تزال تتخوّف من عدم تسليمها الأموال الأمر الذي سيضعها أمام تحدّيات غير مسبوقة وفي مواجهة مع الشارع الغاضب أصلا من سوء الأوضاع الاجتماعية وتأخّر السلطات في صرف رواتب موظّفي وعمّال القطاع العام.

وطلب البارزاني أيضا بذل المزيد من المساعدات الإنسانية والدعم للنازحين في إقليم كردستان وتحسين أحوالهم المعيشية في المخيمات، علما أنّ الإقليم ما يزال يؤوي عددا من سكان المناطق العراقية الذين فرّوا أثناء غزو تنظيم داعش لمناطقهم وخلال الحرب الدامية التي شنتها ضدّه القوات العراقية والتحالف الدولي.

3