ضعف التنمية في سليانة يصعب جهود الحكومة

تونس - يربك ضعف مؤشرات التنمية في المحافظات التونسية جهود الحكومة لاحتواء الاقتصاد المتردي من جهة ومحاولاتها لتهدئة التحركات الاجتماعية والقطاعية وضغط النقابات من جهة أخرى.
وعبّر أهالي محافظة سليانة (وسط البلاد) عن تذمرهم من غياب التنمية بالجهة وتواصل تهميش مطالبهم، لعجز الحكومات المتعاقبة منذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في يناير عام 2011 في إيجاد حلول ناجعة.
وقال أحمد الشافعي كاتب عام مساعد للاتحاد المحلي للشغل في سليانة، لـ”العرب”، إن “الجهة مازالت تعاني من الكثير من الإشكالات التنموية. وأشار إلى أن “النتائج كانت أقل من توقعات الأهالي”.
ولفت الشافعي إلى أن “الاستثمار مطلب أساسي بالنسبة لسكان سليانة ويجب تمويله من خلال بعث صندوق تمويل محلي”.
وقررت سليانة، منذ أسابيع، تنفيذ إضراب عام للمطالبة بحقها في التنمية ولإحياء الذكرى الخامسة لأحداث الرش. لكن تمّ أرجاء الإضراب بعد جلسات تفاوض بين اتحاد الشغل ومسؤولين من الحكومة وبمشاركة خبراء. وأكد أن “التفاوض أفضى إلى تأجيل الإضراب الذي كان من المقرر تنفيذه الأربعاء الماضي”. وأضاف “قمنا بجلسات تفاوض لمناقشة النقائص والمشاريع المعطلة، إضافة إلى ملف أحداث الرش، وستتواصل الجلسات إلى أواخر ديسمبر الحالي للنظر في الملفات التنموية بالمنطقة”.
ووقعت أحداث الرش، في نوفمبر عام 2012، حين احتج أهالي سليانة للمطالبة بالإفراج عن معتقلين وبوضع خطة تنمية لمحافظتهم الفقيرة.
واعتذر مسؤولون في تلك الفترة، من بينهم وزير الداخلية الأسبق والقيادي البارز في حركة النهضة علي العريض لأهالي المحافظة عن الإصابات التي لحقتهم جرّاء استعمال الرصاص الانشطاري. واعتبر العريض حينها أن القيادات الأمنية هي التي تتحمل المسؤولية المباشرة وليس الوزير.
وأعلنت هيئة الحقيقة والكرامة عن اعتزامها تنظيم جلسات استماع علنية لضحايا الأحداث وبعض الشهود من بينهم مسؤولون نقابيون من الاتحاد المحلي للشغل بسليانة.
|
وقال الشافعي “اتحاد الشغل يرفض إسناد ملف أحداث الرش إلى هيئة الحقيقة والكرامة”. وأضاف “نتمسك ببقاء الملف بيد القضاء العسكري”.
وتشهد محافظة سليانة بالإضافة إلى الاحتجاجات بسبب ملف أحداث الرش المثير للجدل، حالة احتقان بقطاع الزراعة. ودخل المزارعون الذين يحتجون منذ حوالي شهر في أسبوع غضب تم على إثره غلق الطريق الرئيسية بآلاتهم الزراعية.
وقال مروان الداودي رئيس الاتحاد المحلي للفلاحين بسليانة، لـ”العرب”، “لنا مأخذ بخصوص مجلة الاستثمار، حيث أن آلية تطبيقها تعيق عمل الفلاحين وتحرمهم من حقهم في المنح”.
وبيّن الداودي أن “المجلة تحمل ثغرات قانونية، فاقتراح التمويل الذاتي عبر التحويل البنكي يشكّل عائقا أمام المزارعين الصغار، كما أن عمليات الاستثمار صغيرة لا تستوجب التحويل البنكي”. وأضاف “نطالب بتسوية ملف المزارعين الصغار، كما نطالب بمراجعة منح المحروقات الضعيفة التي مازالت تقدر بـ72 مليما”. وكشف الداودي أن “اعتصام الفلاحين بمحافظة سليانة مفتوح وسيتواصل التحرك الاحتجاجي حتى تتحقق المطالب”. ولفت إلى أن “لقاء المزارعين بوزير الفلاحة لم يتم التوصل فيه إلى حلول فعلية لحل المشكلات المطروحة بل مازالت الإجراءات مجرد وعود”.
ويشير خبراء إلى أن المنوال التنموي المعتمد في تونس كشف أنه غير ناجع ويحتاج إلى مراجعة. وبيّنوا أن محافظة سليانة في حاجة إلى منوال تنموي جديد ورؤية مغايرة لإشكالات التنمية بها، وذلك بتفعيل مبدأ التمييز الايجابي الذي ينصّ عليه دستور يناير 2014 الهادف إلى إصلاح الفوارق الواضحة بين المحافظات وتحقيق عدالة اجتماعية.