صندوق النقد يمنح الإصلاحات الأردنية تقييما إيجابيا رغم التحديات

واشنطن/عمان – غلبت التقديرات الإيجابية على المراجعة الثانية لصندوق النقد الدولي بشأن أداء الاقتصاد الأردني رغم استمرار مشاكل تحصيل الإيرادات التي لا تزال تمثل تحديا رئيسيا على الصعيد الائتماني بالنسبة إلى عمّان.
ووافق خبراء بعثة الصندوق بقيادة علي عباس إثر مناقشاتهم التي عُقدت عن بعد مع السلطات الأردنية حول المراجعة الثانية لأداء برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته السلطات ويدعمه اتفاق “تسهيل الصندوق الممدد”.
وذكر صندوق النقد في بيان أصدره في وقت متأخر الاثنين الماضي أن “الأردن أظهر أداءً قويا في تنفيذ برنامجه الإصلاحي، الهادف إلى تعزيز النمو الشامل وزيادة فرص العمل، مع الحفاظ على سلامة الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي”.
ومع ذلك، تحتاج الحكومة الأردنية إلى بذل المزيد من الجهود من أجل تسريع وتيرة إنعاش الاقتصاد الهش المعتمد بشكل كبير على المساعدات الدولية. وتدرك عمانّ أهمية إيجاد مستوى تنسيق أكبر بين السياستين المالية والنقدية لما للتناغم المطلوب بينهما من آثار إيجابية على استقرار الاقتصاد الكلي بوصفه محفزا أساسيا للتنافسية، لكنها تجد نفسها مكبلة بالكثير من التحديات.
وقال عباس “لا تزال الجائحة تفرض تحديات جسيمة على الأردن. وتشير التقديرات إلى أن الانكماش الاقتصادي في عام 2020 كان محدودا بنسبة اثنين في المئة، لأسباب من بينها الدعم المالي والنقدي الفعال الذي قدمته السلطات في الوقت المناسب”.
ورأى رئيس بعثة الصندوق أن موجات الجائحة المتلاحقة منذ أكتوبر الماضي تسببت بإلحاق ضرر بالغ بالأنشطة الاقتصادية والحالة المعيشية للأسر، حيث ارتفعت البطالة إلى معدل قياسي بلغ 24.7 في المئة في الربع الرابع من العام الماضي.

وأشار إلى أنه حتى الآن “ضمنت السياسة المالية الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي وسعت إلى التخفيف من آثار الجائحة على النمو”.ولفت إلى أنه “لا يزال من الضروري الحصول على تمويل ميسر من شركاء الأردن الدوليين، وخصوصا من خلال توفير اللقاحات، لاسيما بالنظر إلى امتداد آثار الجائحة لفترة أطول”.
ويواصل الأردن في تحمل عبء كبير غير متناسب في دعم واستضافة 1.3 مليون لاجئ سوري وتوفير فرص متساوية لجميع السكان في الحصول على التطعيم.
ونظرا لارتفاع الاحتياجات التمويلية، قرر خبراء صندوق النقد الدولي دعم طلب السلطات زيادة الموارد المتاحة في ظل اتفاق “تسهيل الصندوق الممدد” بمقدار 200 مليون دولار.
وبذلك يصل إجمالي مدفوعات الصندوق إلى الأردن منذ الاتفاق على الخط الائتماني في مارس 2020 بقيمة 1.3 مليار دولار إلى 641.51 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 900 مليون دولار)
ومن المتوقع أن يصل إجمالي مدفوعات الصندوق، بما في ذلك المبلغ المسحوب تحت “أداة التمويل السريع”، خلال الفترة الفاصلة بين 2020 و2024 إلى نحو 1.95 مليار دولار.
وتسببت الجائحة بخسائر فادحة في الاقتصاد مما أدى إلى انكماشه بواقع 1.6 في المئة العام الماضي وتسبب في اتساع عجز الموازنة العامة وهو ما انجر عنه ارتفاع الدين العام إلى 88 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويؤكد اقتصاديون أن الوصول إلى مرحلة التعافي الاقتصادي المنشود يتطلب خططاً قصيرة وطويلة المدى تتجاوز الحكومات لمعالجة الأزمات واستعادة نسق النمو والتي تمر أساسا عبر تنفيذ إصلاحات ضريبية وجمركية وتغيير التشريعات والقوانين لتسهيل التعافي.
ومن المرجح أن يشهد نمو الناتج المحلي الإجمالي للأردن تعافيا بنهاية العام الحالي بنسبة تصل إلى 3.6 في المئة إذا حافظت الحكومة على مسار تنفيذ خططها للخروج من الأزمة تدريجيا.
وتظهر بيانات أصدرتها وزارة المالية الأردنية الثلاثاء أن إيرادات الموازنة ارتفعت خلال النصف الأول من العام الحالي بنحو 27.3 في المئة بمقارنة سنوية لتبلغ 3.7 مليار دينار (5.2 مليار دولار).
وأرجعت الوزارة في بيان نشرته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية هذا الارتفاع إلى زيادة الإيرادات الضريبية بنحو 20.6 في المئة لتصل إلى 682 مليون دولار وارتفاع الإيرادات الضريبية بنسبة 57.7 في المئة أي بنحو 441 مليون دولار.
إيرادات الموازنة ارتفعت خلال النصف الأول من العام الحالي بنحو 27.3 في المئة بمقارنة سنوية لتبلغ 3.7 مليار دينار (5.2 مليار دولار)
وقالت الوزارة في بيان إن تلك العوائد المالية “جاءت متزامنة مع الجهود المبذولة من قبل دائرة ضريبة الدخل والمبيعات لمكافحة التهرب الضريبي ومعالجة التجنب الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية وتحسين الالتزام الضريبي الطوعي من قبل المكلفين”.
ويعاني البلد من صعوبات اقتصادية متنوعة منذ سنوات أثرت على نسب النمو وانعكست على معدلات البطالة، وهو ما يتطلب وصفة تضمن الإبقاء على استمرارية الوظائف واستدامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بوصفها العمود الرئيسي لخيمة الاقتصاد.
وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني قد حثّ في مايو الماضي الحكومة على وضع خطة اقتصادية تعتمد على الاستثمار بمصادر بديلة وجديدة، وإعداد خطة شاملة ومحكمة تُعتمد لتنشيط الاستثمارات وجذب المزيد منها إلى البلاد.