صناعة السياحة العالمية مهددة بفقدان 120 مليون وظيفة

تواجه صناعة السياحة العالمية خطر الانهيار بسبب استمرار المخاوف من موجة ثانية للوباء، وهو ما يهدد الملايين من الوظائف بالقطاع في الكثير من البلدان وخاصة البلدان التي تعتمد بشكل كبير على عائدات هذا المجال.
نيويورك - حذرت الأمم المتحدة الثلاثاء من دخول السياحة في ركود أكبر إذا لم يتم تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول للحد من “الوطأة المدمرة” لوباء كوفيد – 19 على القطاع، الذي يشكل مصدر العائدات الرئيسي لبعض الدول.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان الثلاثاء إنه “خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة، تراجعت حركة وصول السياح الأجانب إلى الدول بأكثر من النصف وتمت خسارة حوالي 320 مليار دولار من العائدات السياحية. وبحسب الأرقام الرسمية للأمم المتحدة فقد تصل الخسائر الإجمالية بنهاية العام الجاري إلى أكثر من 900 مليار دولار.
وقال غوتيريش خلال إصدار الأمم المتحدة كتيّبا يعرض وضع القطاع السياحي ويتضمن توصيات من ضمنها تعزيز التنسيق بين الدول، إن “120 مليون وظيفة مباشرة مهددة بالإجمال”
وأشار إلى أن الأزمة تشكل صدمة كبرى للاقتصادات المتطورة، غير أن الوضع ملحّ بالنسبة للدول النامية وخصوصا الكثير من الدول الجزر الصغيرة والدول الأفريقية.
وبالنسبة للنساء والمجتمعات الريفية والشعوب الأصلية والعديد من السكان المهمشين تاريخيا، كانت السياحة وسيلة للاندماج والتمكين وتوليد الدخل.
واتخذت الدول في غالب الأحيان منذ بدء تفشي فايروس كورونا المستجد تدابير أحادية لمكافحة انتشار المرض مثل العزل والحجر الصحي والحدّ من قدوم الأجانب، ما أدى إلى شلل السياحة في العالم.
وتضمن كتيب الأمم المتحدة توصيات كثيرة من أهمها تلك التي ذكرها الخبراء قائلين إن “التحرك الجماعي والتعاون الدولي يمكنهما” إنعاش القطاع السياحي على أسس جديدة سليمة.
وأكدت ساندرا كارفاو من المنظمة العالمية للسياحة التابعة للأمم المتحدة خلال لقاء مع عدد من الصحافيين أن “القيود على السفر في العالم منذ منتصف مارس الماضي كانت لها انعكاسات مدمرة على قطاع السياحة”.
وأضافت “من التحديات الكبرى التي نواجهها حاليا ضرورة إقامة تعاون أقوى بين الحكومات حول هذه القيود على السفر”، مضيفة “ثمة ضرورة بأن تزيد هذه الدول التعاون والتنسيق”.
ودفعت الإجراءات الاستثنائية لمواجهة تفشي فايروس كورونا إلى شلل غير مسبوق في حركة السفر والطيران حول العالم، واضطرت شركات الطيران إلى إيقاف معظم رحلاتها.
وخفضت عدة شركات طيران أوروبية كبيرة رحلاتها بنسبة تصل إلى 90 في المئة وسط الانخفاض الحاد في الطلب على السفر جوا بسبب تفشي الوباء.

وقررت شركات مثل أي.أي.جي.أس.أي المالكة للخطوط الجوية البريطانية بريتش أروايز، وتي.يو.أي.أي جي الألمانية، التي تعد أكبر شركة عالمية في مجال تنظيم برامج الرحلات السياحية، شطب عشرات الآلاف من الوظائف، في حين أن هناك الكثير من الشركات العائلية الصغيرة التي قد لا تتعافى أبدا.
وقال مدير اللجنة الأوروبية للسياحة إدورادو سانتاندر في وقت سابق هذا العام إن “الأمر كله مسألة وقت حتى تنفد الأموال، وسنشهد حالات إفلاس في أنحاء أوروبا”.
واضطرت شركات الطيران في المنطقة العربية إلى وقف العديد من الطائرات لديها خاصة ذات الأحجام الكبيرة، بسبب تراجع الطلب العالمي على الطيران، وفرض إجراءات دولية على الرحلات القادمة.
وقدرت الرابطة الدولية للنقل الجوي “إياتا” مع بداية أزمة كورونا خسائر شركات الطيران حول العالم بنحو 113 مليار دولار. ولا يتعلق الأمر بشركات الطيران فحسب، فحتى الشركات السياحية البحرية أيضا تضررت من انتشار الوباء وانخفضت أعمالها.
وتواجه صناعة الرحلات البحرية التي تبلغ قيمتها 45 مليار دولار معركة لاستعادة ثقة الزبائن بعد أن تمّ إلغاء أكثر من 50 رحلة بحرية.
وأغلقت العديد من الموانئ حول العالم أبوابها في وجه السفن، وتعطّلت الآلاف من الخطط لتمضية العطلات في الوقت الذي تسعى فيه حكومات الدول لمنع انتشار فايروس كورونا.
وسدّدت هذه الأزمة ضربة قوية للقطاع، حيث أن آسيا هي ثالث كبرى الأسواق العالمية خلف الولايات المتحدة وأوروبا، مع 4.24 مليون راكب في 2018 بحسب اتحاد كليا المهني. ويمثّل الصينيون أكثر من نصف زبائن الرحلات السياحية في آسيا.
ويقول خبراء القطاع إنه كما في حالات أزمات صحية سابقة مع سفن، قد يحصل تباطؤ في الحجوزات لأن الناس قلقون من الأوضاع. ولكن فور تلاشي المخاوف من تفشي كورونا وتوقّف وسائل الإعلام عن تداول أخباره، يمكن توقّع عودة قوية للحجوزات مع استعادة الوضع الطبيعي.