صفقة قرن سعودية

الهدف من شراء رونالدو هو تحويل الأنظار نحو سعودية جديدة، سعودية الانفتاح والسياحة ونيوم، القوة المالية والمشاريع العملاقة.
الجمعة 2023/01/06
السعوديون اشتروا صورة رونالدو والاهتمام الإعلامي به

البعض يستغرب الحفاوة البالغة للسعوديين بتعاقد نادي النصر مع كريستيانو رونالدو. فهو ليس سوى لاعب متقدم بالعمر ويلعب بالمزاج، ومهما فعل لن يوفي حق الأموال المدفوعة بحقه، حوالي 200 مليون يورو في الموسم الواحد، والعقد به موسمان ونصف الموسم، ما يجعله أغلى لاعب في العالم.

بالتأكيد، فإن حصر الاتفاق مع رونالدو في جانب النتائج الرياضية رؤية معدومة.

السعوديون لم يدفعوا كل تلك الأموال لأجل مشاركة رونالدو في المقابلات، فهذا شيء ثانوي جدا. كان يمكن أن يشتري نادي النصر ثلاثة أو أربعة لاعبين آخرين بسعر أقل ويؤمّن نتائج رياضية أفضل.

لقد اشترى السعوديون صورة رونالدو، والاهتمام الإعلامي به، ومطاردة شركات الدعاية والإعلان له.

لقد حوّل رونالدو أزمته مع مدرب مان يونايتد إلى أزمة يتابع العالم كل تفاصيلها، وتحول إلى نجم للإعلام في المونديال الأخير بالرغم من مشاركته المحدودة، واهتم الناس أيما اهتمام بلحظة بكائه بعد الخروج أمام المغرب.

ولهذا يصف بعض السعوديين شراء رونالدو بأنه صفقة قرن سعودية ستكون لها نتائج كبيرة على المدى البعيد.

الهدف من شراء رونالدو هو تحويل الأنظار نحو سعودية جديدة، سعودية الانفتاح والسياحة ونيوم، القوة المالية والمشاريع العملاقة.

الإعلام في الغرب صنع صورة نمطية للسعودية من الصعب تجاوزها بالأساليب التقليدية، من خلال ضخ الأموال هنا وهناك، وعقد الصفقات، والسعي لكسب ود بعض من يقفون على رأس اللوبيات المعادية.

وجود رونالدو لن يجعل السعودية تطارد إعلاميين ودبلوماسيين غربيين لكسب ودهم، بل سيجلب إليها الإعلام الغربي. والمفارقة هنا أن الإعلام الغربي الذي سيتابع أخبار رونالدو ليس هو الإعلام المعادي الذي يصعب تحييده.

سيتمكن الإعلام الذي يطارد حياة رونالدو وعائلته من اكتشاف طريقة عيشهم في السعودية، وسيعرف التفاصيل ويعرضها للناس دون حسابات أو شروط مسبقة ولا ابتزاز. سيلتقي بالسعوديين ويسمع منهم، ويرى حقيقة المجتمع، وستسقط الكثير من الأحكام المسبقة التي تحاصر السعوديين في الخارج. وهذه فرصة لم تكن لتتوفر بالأساليب المعهودة.

رأينا كيف كسبت قطر معركتها مع الإعلام المعادي، والضغوط التي سبقت كأس العالم، وقد كانت ضغوطا كبيرة ومتنوعة، يحكمها منطق واضح، وهو كيف يمكن لبلد عربي أن يحظى بشرف مثل هذا. أخطاء قطر موجودة لكنها لم تكن سوى مطية.

حين بدأ المونديال اكتشفت الجماهير واللاعبون والمسيرون المصاحبون للمنتخبات صورة أخرى، وتم نشر الكثير من القصص عن حفاوة العرب، وتلقائيتهم، وسرعة الاندماج مع ضيوفهم.

باختصار: السعودية تريد أن تكون قبلة أخرى للعالم بعد ما فعلته قطر في المونديال.

18